كيف يمكن القضاء على التطرف قبل أن يحرق العالم؟
قالت مجلة “نيو ساينتست” العلمية إن برامج استئصال جذور التطرف هي حجر الأساس في استراتيجيات مكافحة الإرهاب في العديد من الدول.
وبحسب المجلة تهدف هذه الاستراتيجية إلى مكافحة التطرف من خلال تحديد الأفراد الذين أصبحوا في دائرة التطرف والتشدد، أو أولئك المعرضون لخطر أن يصبحوا كذلك، ومن ثم إعادة دمجهم في التيار العام السائد بالاستعانة بالإرشاد النفسي والديني بجانب التدريب المهني.
وفي المملكة المتحدة، تُشير أحدث الأرقام إلى الإبلاغ عن أسماء 4 آلاف شخص لبرنامج الحكومة لمكافحة الإرهاب في عام 2015. كان أغلبيتهم من المتطرفين الإسلاميين المشتبه بهم، والمتطرفين اليمينيين، وهذا العدد آخذ في الازدياد.
ويخشى منتقدو هذه السياسة من أنَّ هذه البرامج تُجرِّم المجتمعات المحلية والأسر والأفراد وتُلحق بهم وصمة العار. بالإضافة إلى ذلك، هناك أسئلة حول من تتعاون الحكومات معهم للحصول على المعلومات، وما إذا كان ينبغي إلزام الموظفين العموميين بالإبلاغ عن المتطرفين المحتملين.
هناك أيضاً عدد قليل للغاية من الأدلة على نجاح هذه البرامج، إذ فشلت معظمها في تقييم تقدم حالة المشاركين، ونادراً ما يجري دراسة معدلات العودة إلى الإجرام. وفي تقرير صدر عام 2016، حذرت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان البريطاني من أن استراتيجية الحكومة لمكافحة التطرف تستند إلى نظريات غير مُثبتة ومخاطر تزيد من تفاقم الوضع، بحسب المجلة العلمية.
في أعقاب هجوم مانشستر الإرهابي في مايو 2017، أنشأت الحكومة لجنة مستقلة لمكافحة التطرف من المفترض أن تسعى لفهم حجم المشكلة وتقديم المشورة للحكومة بشأن أفضل الوسائل للتعامل مع المسألة. وقالت سارة خان، رئيسة اللجنة، إن المتطرفين أصبحوا «محترفين بشكل متزايد»، و «يزدهر» وجودهم في بعض المناطق في المملكة المتحدة.
التدخل في وقت مبكر
وبحسب المجلة يكمن مفتاح مكافحة التطرف في معالجة جذوره الاجتماعية، والتدخل في وقت مبكر قبل أن يصبح أي شخص «فاعلاً مكرَّساً» على استعداد لإفناء حياته في سبيل أحد القضايا، كما يقول سكوت أتران من مركز حل النزاعات المستعصية التابع لجامعة أكسفورد. وأضاف: «حتى ذلك الحين، هناك كل الأشياء التي يمكنك القيام بها».
ويقول إنَّ أحد أكثر تدابير المواجهة فاعلية هي إشراك المجتمع. فعلى سبيل المثال، كرة القدم في المدارس الثانوية وحركة الكشافة من الوسائل الفعالة في مواجهة السلوك غير الاجتماعي بين أبناء المهاجرين المحرومين من التمتع بحقوقهم في الولايات المتحدة.
وتوضح سوزان فيسك، أستاذة واختصاصية علم النفس بجامعة برينستون، أنَّ هناك سبيلاً واعداً آخر وهو تحطيم الصور النمطية. وهي ليست بالضرورة قوالب نمطية دينية أو عنصرية، لكنها قوالب نمطية عامة نحملها جميعاً في نظرتنا للأشخاص من حولنا. عندما نُصنِّف بعضنا البعض، فإننا نُركز بصورة خاصة على الوضع الاجتماعي والتنافس، وننظر إلى الأشخاص ذوي المكانة الأدنى على أنهم معدومو الكفاءة، والمنافسون على أنَّهم غير جديرين بالثقة. على مر التاريخ، ارتُكبت أعمال العنف والإبادة الجماعية غالباً ضد الأفراد ذوي المكانة الأعلى الذين نتنافس معهم على الموارد، والذين يثيرون حسدنا بالتالي، كما تقول فيسك.
وجد فريق سوزان طرقاً لتغيير الصور النمطية بجعل الناس يعملون سوياً لتحقيق هدف مشترك، على سبيل المثال. وتقول إنَّ التواصل بينهم في أمور تافهة تشمل «حفلات الطعام والمهرجانات والأعلام» لن يُغير هذه الصور النمطية، بل يجب أن يكون هدفاً يهتم به الناس ومستعدون للاستثمار فيه، مثل مشروع عمل أو بناء المجتمع. هنا، يعتمد النجاح على فهم عقول المتعاونين معك بمعنى «إعادة شعورهم بالإنسانية».