كيف يضمن نتنياهو والليكود بألا تتحول “الصفقة” إلى “خسارة القرن”؟
كان يفترض بهذه أن تكون قصة انتخابات كبرى، بل ومركزية. فخطة القرن وضعت في واشنطن على مدى عدة سنوات، فيما كان يؤجل نشرها في كل مرة بسبب عائق سياسي مفاجئ أو غير متوقع آخر. وفي الغالب – من الجانب الإسرائيلي، وفقاً لصحيفة “معاريف” العبرية.
“سننشرها بعد الانتخابات في إسرائيل”.. هكذا صرح البيت الأبيض” ولم يتوقع أن يصبح تحديد هذا الموعد نكتة. “بعد الانتخابات” هذه أصبحت متواصلة وممتدة، ولم تنته حتى يومنا هذا. حين عادت الساحة السياسية الإسرائيلية إلى النقطة ذاتها بالضبط للمرة الثالثة، فقد نزيل البيت الأبيض صبره. “ستنشر الخطة، ولن ننتظر أكثر من ذلك. فمن يدري كم جولة انتخابات ستكون هناك في إسرائيل؟”، قال الرئيس دونالد ترامب، الذي يقرب في هذه الأثناء من نهاية ولايته الرئاسية.
لقد استهدف نشر “صفقة القرن” عدة أهداف في الوقت نفسه. فقد جاء ترامب أيضاً ليحل العقدة الشرق أوسطية، بالضبط مثلما وعد بعد وقت قصير من انتخابه للرئاسة في 2016: “سيسرني أن أكون أنا من يحقق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. أحب هذا، وسيكون إنجازاً هائلاً، إذ لم ينجح أحد في ذلك”.
أما الهدف الثاني، في نشر الخطة في ذروة حملة الانتخابات، فقد كان “لمساعدة بيبي على تشكيل حكومة”. وفي هذا التخطيط يبدو كـ “ربح للجميع”، وضع يمكن فيه النجاح فقط: إما أن يتحمس مصوتو اليمين من الوعد بـ “السيادة أولاً” فيتدفقون بجموعهم إلى صناديق الاقتراع ويمنحون نتنياهو ائتلاف الـ 61، وإما أن تنجح فكرة المسيرة السياسية المتجددة في توحيد السفن الكبرى، الليكود و”أزرق أبيض” تحت سقف واحد اسمه “حكومة وحدة”. في مثل هذه الحالة، ستكون “صفقة القرن” منطلقاً كامل الأوصاف للوحدة، وسيصبح ترامب عراباً سياسياً ناجحاً لبيبي وبيني.
في المرحلة الأولى من تسويق الخطة في البلاد، نجح نتنياهو في إقناع رجال اليمين ورؤساء المستوطنين بأن هذا أشبه بظهور المسيح. فقد خلق رئيس الوزراء الانطباع بأنه يسافر إلى واشنطن ويعود مع السيادة على الغور، وعلى شمال البحر الميت، وفي واقع الأمر على كل المستوطنات التي ستبقى في دولة إسرائيل، وفقاً لكل خريطة محتملة.
لقد سافر نتنياهو للقاء ترامب على أنغام الفرح والبهجة في اليمين، والمستطلعون انتظروا استطلاعاً ثورياً سيأتي بعد عودة نتنياهو إلى البلاد.
ولكن كحجم الوعد جاء حجم الخيبة، فلمفاجأة رجال مجلس المستوطنين، الذين وصلوا حتى واشنطن كي يتابعوا عن كثب مجيء المسيح، أصبح “الضم أولاً” و”ترسيم الخرائط أولاً”، وأصبح والوعد الكبير وهماً كبيراً آخر تفجر في وجه اليمين الإسرائيلي.
“النصر السياسي العظيم” لنتنياهو بقي على الورق فقط. ناهيك عن معطيات الاستطلاعات، التي تبدو بعد كل احتفال صاخب مجمدة وجامدة مثل البناء في يهودا والسامرة في عهد سلف ترامب، باراك أوباما.
ومع ذلك، ثمة من ربح من خيبة أمل السيادة؛ لـ”يمينا” الآن شرعية لمهاجمة نتنياهو والليكود من اليمين، وبناء حملة كاملة على أساس مطلب “السيادة الآن”.
كما أن رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، الذي بث في الآونة الأخيرة التعب والضائقة، أصبح مرة أخرى في لحظة واحدة الزعيم ذي الصلة الأكبر. فها هو يقوض خط المقاومة، وها هو يطير إلى الولايات المتحدة ليخطب في مجلس الأمن للأمم المتحدة. مثل هذه الهدايا الكبرى لم تقع في يديه منذ زمن بعيد.
والآن يطرح السؤال: كيف سينجح نتنياهو في إدارة السفينة السياسية في العاصفة الحالية، قبل أسبوعين ونصف من الانتخابات؟ يصعب التقدير في هذه المرحلة. وفي أغلب الظن، سيربح سياسياً من هذه القصة السياسية. وفقاً لكيف تبدو الصورة الآن، فإن الأهم بالنسبة لنتنياهو هو تقليص الأضرار، وعدم السماح لصفقة القرن بأن تصبح خسارة القرن له ولليكود.