كيف نتعرّف على علامات الأكتئاب ونتعامل معه؟
عندما نسمع كلمة “اكتئاب”، عادةً لا تتبادر إلى أذهاننا صور أطفالنا، إذ يصعب تخيل أطفال يعانون من أمر مخيف مثل الاكتئاب.
ورغم أن النقاشات المتعلقة بالصحة النفسية لدى البالغين تشق طريقها ببطء وثبات لتصبح أمراً طبيعياً أكثر فأكثر، من المهم معرفة أن الاكتئاب لدى الأطفال والمراهقين أمر ممكن أيضاً.
قد يكون من الشائع أن نقلل من شأن تغير سلوك الطفل باعتبار ذلك مرحلة عابرة أو حالة عامة من تقلب المزاج، لكن الاكتئاب احتمالية كبيرة حقاً، والاعتراف بهذه الاحتمالية الكبيرة أمر بالغ الأهمية إذا كنت تريد إحداث تأثير إيجابي بأسرع ما يمكن.
لذا فإن الإلمام بعلامات الاكتئاب لدى الأطفال والمراهقين ليس أمراً ضرورياً فحسب، بل قد يكون المعلومة الفارقة في إنقاذ حياتهم.
ارتفع معدل الاكتئاب لدى الأطفال على مدار الأعوام، وتتزايد احتمالات أن يصاب الأطفال والمراهقون بالاكتئاب عندما يكون لدى أحد الوالدين تاريخ مع هذا المرض.
قد تؤدي عوامل مثل تعاطي المخدرات داخل الأسرة، والوضع المعيشي غير المستقر، والتنمر، والصدمات، وحتى الهجرة إلى زيادة خطر إصابة الأطفال والمراهقين بالاكتئاب.
بالإضافة إلى العوامل الخارجية، قد تؤدي عوامل أخرى إلى زيادة خطر الاكتئاب مثل الصحة الجسدية والجينات الوراثية وخلل الكيمياء الحيوية في الجسم.
وعندما يتعلق الأمر بالمراهقين على وجه التحديد، يحذر مركز PEW للأبحاث من أن الفتيات أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بثلاث مرات مقارنةً بالأولاد.
الاكتئاب لدى الأطفال
غير أن اكتشاف الاكتئاب لدى الأطفال قد يكون شائكاً وصعباً. في بعض الأحيان، ما قد يبدو وكأنه من أعراض الاكتئاب لدى الأطفال قد يكون في الواقع مؤشراً لحالات مرضية أخرى يمكن علاجها بسهولة.
يتضمن ذلك الأنيميا وقصور الغدة الدرقية وحتى نقص فيتامين د؛ ومن بين أعراض هذه الحالات بعض الأعراض التي ترتبط أيضاً بالاكتئاب، مثل الإرهاق وزيادة الوزن.
غالباً ما يتطلب الأمر العين الخبيرة لطبيبٍ محترف لتمييز الفرق بين الاكتئاب والحالات المرضية الأخرى.
كذلك قد تظهر علامات الاكتئاب في صورة اليأس والشعور بالذنب وعدم القدرة على التركيز والشعور بانعدام القيمة أو الجدوى وحتى التفكير في الانتحار.
ما هي الخيارات المتاحة لك؟
قد يكون التصالح مع حقيقة أن طفلاً يعاني من الاكتئاب أمراً مؤلماً للغاية.
سوف ترغب في سؤال طفلك مراراً وتكراراً “كيف تشعر اليوم يا عزيزي؟” ورغم هذا فإن السؤال المستمر قد لا يسفر عن أفضل النتائج، قد لا يرغب الأطفال والمراهقون في التحدث عمّا يمرون به.
ربما يشعرون بالانطواء على أنفسهم أو الإحراج أو عدم القدرة على التحدث بوضوح عما يمرون به. حتى البالغون يجدون صعوبة أحياناً في فهم حقيقة أنهم يخوضون نوبة اكتئاب.
عندما لا يشرح طفلك تفسير ما يحدث، أو حين يعجز عن ذلك، حاول أن تجرب سبلاً أخرى، نعددها نقلاً عن موقع LittleThings.
- ابدأ بتسجيل مذكرات يومية عمّا تلاحظه. تأمل نمط حياة طفلك.
- هل يتناول طعاماً صحياً ويمارس الرياضة ويحصل على الراحة؟ إذا كانت الإجابة بالنفي، إذن هذه فرصة جيدة للبدء في تعزيز أو تسهيل نمط حياة صحي.
- حاول تقليل وقت النظر إلى الشاشة، خاصّةً قبل النوم.
- اخلق فرصاً لقضاء الوقت سوياً مع طفلك ولكن بدون الضغط عليه.
- استمع إليه أكثر مع تقليل النصح والوعظ.
- وإذا كان طفلك أو ابنك المراهق لا يريد التنزه معك أبداً، حاول إشراك أشخاص موثوق بهم من أفراد العائلة أو الأصدقاء في إخراج طفلك من عزلته.
قد يصعب معرفة ما إذا كانت حالة طفلك تتحسن، لذا عليك أن تتقبل طلب المساعدة من طبيب أو متخصص.
ربما يستفيد طفلك أو ابنك المراهق من مجموعات الدعم أو العلاج باللعب أو العلاج المعرفي السلوكي أو العلاج النفسي أو الدواء. تأكد من التحدث عن الآثار الجانبية للتدخل الدوائي.
هل يمكن وقاية الأطفال من الاكتئاب؟
قد تسأل نفسك عما إذا كان يمكن وقاية الأطفال والمراهقين من الاكتئاب.
لذا فإن ضمان أن يحظى الطفل بأسرة وحياة اجتماعية مستقرة هو أمر وقائي بالغ الأهمية.
ويشمل جزء من تحقيق الاستقرار تعزيز التواصل الصريح والانفتاح على الحديث حول جميع الأمور.
قد يكون هذا مفيداً إذا كان طفلك منفتحاً للتحدث معك عن مشاعره، وينبغي أيضاً أن تعزز لديه الشعور الإيجابي بتقدير الذات.
كما عليك تبني نهج إيجابي إزاء تزايد استقلاليتهم ووضع طرق سليمة للتغلب على التحديات وخيبة الأمل.
ولكن قبل كل شيء، كن حاضراً وأظهر حبك باستمرار.