كيف سيستفيد كوكب الأرض من الطاقة النووية المرحلة القادمة؟
قد يكون وقع هذا غريباً على الآذان، لكن الطاقة النووية قد تكون وسيلة لحماية البيئة، حسب كثير من الخبراء.
إذ هناك تقديرات بعدم قدرة الطاقة المتجددة على مواكبة الطلب الإجمالي العالمي على الطاقة، حسبما كتب روبرت رابير المتخصص في مجال الطاقة في مقال في مجلة Forbes الأمريكية.
الطاقة النووية قد تكون وسيلة لحماية البيئة
يقول “إنه مع أن الاستهلاك العالمي للطاقة المتجددة قد زاد بنحو 21 إكساجول في العقد الماضي، فإن إجمالي استهلاك الطاقة قد زاد في الوقت نفسه بمقدار 101 إكساجول. وقد شكلت الزيادة في استهلاك الوقود الأحفوري معظم هذا النمو في استهلاك الطاقة، وأظهرت البيانات الخاصة بكل فئة من أنواع الوقود الأحفوري زيادة في استهلاكها على مدار العقد”.
لا ينبغي اعتبار ذلك بمثابة ضربة تطيح الآمال المعقودة على الطاقة المتجددة. فقد كان معدل نمو الطاقة المتجددة أكبر بكثير من أي فئة طاقة أخرى.
ومع ذلك، لما كانت مصادر المتجددة لا تزال تمثل جزءاً صغيراً نسبياً من إجمالي استهلاكنا للطاقة، فإن معدلات النمو الهائلة هذه لم تُترجم بعد إلى استهلاك كاف للطاقة المتجددة بالقدر الذي يقلل على نحو ملموس من استهلاك الوقود الأحفوري عالمياً، وهو ما يعني أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مستمرة في الارتفاع.
لماذا تمثل الطاقة النووية خياراً لا يمكن الاستغناء عنه؟
في مقال تال له في Forbes أيضاً، يقول رابير سألني أحدهم الأسبوع الماضي: “هل أنت مؤيد أم مناهض للاعتماد على الطاقة النووية؟”، لأكن صريحاً، أنا لا أفكر في الأمر على هذا النحو. إن تفكيري يذهب بدرجة أكبر إلى أفكار مثل “هل يمكننا تحقيق أهداف الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون دون الاستعانة بالطاقة النووية؟” أعتقد أن الجواب على ذلك هو “لا”.
تعتبر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اليوم المنطقتين الأكثر استهلاكاً للطاقة النووية في العالم، وكذلك الأكبر اعتماداً على الطاقة النووية في قطاعات مختلفة. علاوة على ذلك، تمكنت هذه المناطق من تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مع تقليل أضرار الآثار الجانبية للاعتماد على الطاقة النووية.
وفقاً لتقرير شركة “بريتش بتروليوم” (BP) الخاص بالمراجعة الإحصائية السنوية للطاقة في العالم لعام 2020″ 2020 BP Statistical Review of World Energy، تعد الولايات المتحدة، بفارقٍ كبير، أكبر مستهلك للطاقة النووية في العالم. أضف إليها فرنسا، ليمثل هذا البلدان نحو 45% من إجمالي استهلاك الطاقة النووية في العالم.
حينما تزداد الطاقة النووية تقل الانبعاثات الحرارية
ومع ذلك، فإن الدول الغربية ليست هي المسؤولة عن معظم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية حالياً في العالم. فالواقع أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في منطقة آسيا والمحيط الهادئ هي أكثر من ضعف مجموع الانبعاثات الصادرة عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجتمعة.
ومن ثم، فإن السؤال ليس ما إذا كان بإمكان الولايات المتحدة أو ألمانيا تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بدون الاعتماد على الطاقة النووية، بل ما إذا كانت آسيا تستطيع فعل ذلك.
من جانب آخر، وعلى الرغم من أن الاستهلاك النووي العالمي ظل ينخفض خلال العقد الماضي بمتوسط سنوي قدره 0.7%، فقد عاد استهلاك الطاقة النووية العالمي ليرتفع العام الماضي بنسبة 3.2 %، ما يمثل أكبر زيادة سنوية له منذ عام 2004. وقد سجلت الصين أكبر زيادة مقارنةً بأي دولة أخرى. كما سجلت اليابان نمواً كبيراً، بنسبة 33%، واستمرت في التعافي من آثار كارثة مفاعل فوكوشيما النووي في عام 2011.
بعد التراجع لعدة سنوات في أعقاب حادثة فوكوشيما، عاد استهلاك الطاقة النووية ليرتفع في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 70% في السنوات الخمس الماضية. وسجلت الصين وباكستان معدلات نمو سنوية من رقمين على مدى العقد الماضي، والهند ليست بعيدة عنهما بنسبة نمو بلغت 9.2%.
في المقابل، انخفض الاستهلاك النووي في الاتحاد الأوروبي خلال العقد الماضي بمتوسط معدل سنوي قدره 1.8%، كما انخفض استهلاك الولايات المتحدة خلال الفترة نفسها بمتوسط معدل سنوي بلغ 0.6%.
ومع ذلك، لا تزال الدول المتقدمة تعتمد بدرجة كبيرة على الطاقة النووية. وفيما يلي الدول العشر الأولى ذات أعلى مستوى استهلاك للطاقة الأولية المشتقة من الطاقة النووية.
1- فرنسا: 36.8% من استهلاك الطاقة الأساسي للبلاد.
2- السويد: 26.7%.
3- أوكرانيا: 21.7%.
4- فنلندا: 18.6%.
5- سويسرا: 18.2%.
6- جمهورية التشيك: 15.8%.
7- المجر: 14.6%.
8- بلجيكا: 14.4%.
9- كوريا الجنوبية: 10.5%.
10- إسبانيا: 9.1%.
يعتمد الاتحاد الأوروبي عموماً على الطاقة النووية بنسبة 10.7% من استهلاكه للطاقة الأولية. أما الولايات المتحدة، فتعتمد على الطاقة النووية بنسبة 8% من إجمالي استهلاكها. في المقابل، وعلى الرغم من معدلات النمو السريع لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، فإنها تعتمد على الطاقة النووية بنسبة لا تزيد على 2.2% من استهلاكها الأساسي للطاقة.
لذا، فإن السؤال يجدر أن يصبح حقاً عما إذا كانت منطقة آسيا والمحيط الهادئ يمكن أن تستمر في النمو مع الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة التي تمثل الجزء الأكبر من الطلب الجديد على الطاقة. بالنظر إلى النمو السريع للطلب الإجمالي على الطاقة في المنطقة، يبدو من المستبعد بدرجة كبيرة أن تتمكن مصادر الطاقة المتجددة وحدها من تلبية الطلب على الطاقة. وقد تُرجم هذا بالفعل في السنوات الأخيرة إلى توسع كبير في استهلاك الوقود الأحفوري في هذه المناطق.
من جهة أخرى، فإن الاعتماد على الطاقة النووية بدرجة أكبر في المناطق النامية يمكن أن يساعد في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة، دون طفرات مستمرة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المنطقة. في الواقع، قد يكون هذا هو الحل الوحيد الذي يمكنه تحقيق هذا الهدف بدرجة معقولة.