كيف تمكن عالم مصري من تحويل الثلوج إلى طاقة كهربائية؟
مع تزايد الوعي حول المشاكل البيئية الخطيرة التي يسببها استخدام المصادر غير النظيفة للطاقة من احتباس حراري وتلوث للهواء والمحيطات، بدأت أنظار البشر تتوجه نحو استخدام مصادر نظيفة ومتجددة للطاقة كالشمس والرياح والأمواج.. وحديثاً «الثلوج».
لا عجب، فقد تمكن العلماء من ابتداع جهاز يستطيع تحويل الثلوج إلى طاقة كهربائية أو حرارية بحسب ما ورد في موقع Big Think الأمريكي.
عالم مصري طور تقنية تحويل الثلوج إلى طاقة
نشر العالم المصري ماهر القاضي وزميله ريتشارد كانير مؤخراً ورقة بحثية في تكنولوجيا النانو في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس.
يشرح البحث الذي قام به العالمان كيف تمكنوا من ابتكار جهاز قليل التكلفة ومرن وبسيط، أطلقوا عليه اسم «snow-TENG»؛ وهو جهاز يولد الكهرباء من تساقط الثلوج.
كيف يعمل الجهاز؟
الماء، المركب المكون من ذرتي هيدروجين وذرة أكسجين (H2O)، هو جزيء قطبي، وهذا يعني أنَّ أحد طرفيه سالب الشحنة (الطرف الذي يحمل ذرة الأكسجين بالتحديد) والطرف الآخر موجب الشحنة (الطرف الذي يحمل ذرتي الهيدروجين).
حين تتبلور جزيئات الماء في شكل قطع ثلجية، فإنها تتحول إلى كتلة تحمل شحنة واحدة.
ويمكن للاحتكاك كذلك أن يكسب الثلج شحنة كهربائية.
تعتمد الطبيعة الدقيقة للشحنة الكهربائية على درجة الحرارة: إذ تميل إلى كونها شحنة موجبة في درجات الحرارة التي تتراوح بين -5 و-10 درجة مئوية، وفي درجات الحرارة بين -15 إلى -20 درجة مئوية تكون سالبة.
قال القاضي في بيان لجامعة كاليفورنيا: «الثلوج مشحونة بالفعل، لذا فكرنا لما لا نُحضر مادة أخرى تحمل شحنة معاكسة، ونستخرج الشحنات لتوليد الكهرباء؟»
تسمى مثل هذه المواد المولدات النانوية ذات الشحن الكهربائي، أو تعرف اختصاراً بـ (TENGs)، حيث تلتقط مادة ما شحنة مادة أخرى حين تتصل بها.
ومثال على ذلك هو حين تحُكُّ شعرك ببالون، إذ تنتقل الإلكترونات الموجودة على شعرك إلى البالون، مما يدفع شعرك المشحون بشحنات موجبة إلى محاولة التقرُّب من البالون الذي أصبح يحمل شحنات سالبة لملاحقة الشحنات المنتقلة، وهذا يُعرف باسم الكهرباء الساكنة.
قال القاضي: «بعد اختبار عدد كبير من المواد بما فيها رقائق الألمونيوم، ومتعدد رباعي فلورو الإيثيلين (التفلون)، وجدنا أنَّ السليكون أكثر المواد توليداً للشحنات».
لأي غرض يمكن استخدام الجهاز؟
يمكن أن يدخل الجهاز في استخدام عدد كبير من التطبيقات، ومثال على ذلك: يمكن تركيب الجهاز على الألواح الشمسية لتوفير الطاقة حين تحجب العواصف الثلجية الشمس.
وكذلك يمكن استخدام التطبيق لرصد أداء الرياضيين في الأجواء الباردة، وبعض الأجهزة القابلة للارتداء صغيرة الحجم، أو يمكن استخدامه كمحطة رصد جوي متنقلة.
بل قد يستخدم الجهاز في أشياء أخرى في حياتنا اليومية، إذ قال القاضي في تصريح لمجلة Popular Science الأمريكية: «نعتقد أن موادنا يمكن أن تُطلى بها المباني لتوليد الكهرباء، وكذلك ضمان حمايتها من الماء والرطوبة».
وتتمثل أكثر الاستخدامات المبهرة لجهاز snow-TENG في كونه يُؤدي وظيفة محطة رصدٍ جوي تعمل بدون بطارية.
فحين تصطدم جزيئات الثلج بالجهاز تتولد مجموعة متنوعة من الإشارات الكهربية التي يمكن تفسيرها على أنها تحدد سرعة الرياح واتجاهها في أثناء العواصف الثلجية، فضلاً عن حساب معدل تساقط الثلوج وتراكمها.
إلى أي حد يعتبر هذا الجهاز عملياً؟
يُغطى ثلث الكوكب بالثلوج خلال فصل الشتاء، ما يجعل أجهزة كجهاز snow-TENG عملي أكثر مما قد يبدو في البداية.
ولكن يتعيَّن على المرء بطبيعة الحال أن يتساءل عن مدى أهمية مثل هذا الجهاز في مستقبلٍ هيمن عليه التغير المناخي.
ولكن رغم كون عدة مناطق تشهد تساقطاً ثلجياً بنسبة أقل، فتغير المناخ ربما يزيد فعلياً من تساقط الثلوج في أماكن أخرى، وبالأخص تلك الأماكن ذات المناخ البارد.
من المهم التأكيد على كون الجهاز يعد إثباتاً لمفهوم أكثر من كونه جهازاً رائداً في عالم التكنولوجيا الجديدة.
اكتشف القاضي وزميله كانر، في أثناء الاختبارات، أنَّ الجهاز ينتج 0.2 مللي وات لكل متر مربع. وعلى سبيل المقارنة، يمكن أن تنتج لوحة شمسية تبلغ مساحتها متراً واحداً قرابة 150 إلى 200 وات في ضوء النهار.
ورُغم ذلك، يعمل الجهاز بالفعل كجهاز استشعار للحركة والطقس، ومن المحتمل أن يخضع لتحسينات تكنولوجية لتوليد المزيد من الكهرباء.
وإجمالاً، يُظهر جهاز snow-TENG كم الطاقة المختبئة في البيئة من حولنا.