كيف تري إسرائيل منح الفلسطينيين حكم ذاتي مع اقتراب الاعلان عن صفقة القرن؟
حكم ذاتي للفلسطينيين. حسب تقرير لـ «واشنطن بوست» فإن صفقة القرن لترامب يتوقع أن تتضمن مساراً لإنشاء حكم ذاتي للفلسطينيين، وهو الأمر الذي يثير المعارضة في المجتمع الدولي. من الصعب معرفة ماذا ستتضمن خطة ترامب في نهاية المطاف، لكن من الصحيح أن يتم الآن تعديل خطأ دارج في إسرائيل حول مسألة ما هو الحكم الذاتي المشروع؟
إذا أصبحت فلسطين حكماً ذاتياً تحت سيطرة إسرائيلية، فإن إسرائيل ستكون ملزمة بالسماح للفلسطينيين الذين يعيشون فيها بالحصول على الجنسية الإسرائيلية وحق التصويت للكنيست. خلافاً لذلك، سيكون الحديث عن أبرتهايد الذي أقامته يعتبر جريمة حسب القانون الدولي. ديمقراطيات مثل الدانمارك وإسبانيا تمنح سكان الأقاليم ذات الحكم الذاتي فيها المواطنة وحق التصويت. هذا هو الوضع على سبيل المثال في كتالونيا، السكان هناك هم مواطنون كاملون في فرنسا ولديهم تمثيل في البرلمان بمدريد.
حكم ذاتي مشروع ليس مكانة قانونية ـ سياسية فيها سكان الحكم الذاتي ليسوا مواطنين في الدولة الحاكمة، وليس لهم حقوق تصويت، بل هم يحظون بإدارة ذاتية لشؤون معينة إلى جانب خضوعهم للسلطة المركزية في الشؤون الأخرى. أقاليم الحكم الذاتي ما زالت تحت سيطرة الدولة. ومن أجل أن تكون سلطات تلك الدولة شرعية، مطلوب مشاركة سكان مناطق الحكم الذاتي في الانتخابات. وهذه نظرية العقد الاجتماعي بجملة واحدة: الحكم يكون شرعياً، إذا كان بالإمكان، وفقط إذا كان بالإمكان، منح المحكومين موافقتهم عليه.
المعنى اللغوي لكلمة «حكم ذاتي» هو «يُشرع لنفسه»، أي من هو حر. ولكن في إسرائيل يقرأون كلمة «حكم ذاتي» كخضوع لنظام حكم معفي من سؤال المحكوم عن رأيه. الحرية تقرأ كاستعباد. الأبرتهايد كديمقراطية. الإسرائيليون منذ مناحيم بيغن وحتى الآن يتجاهلون تماماً أن الحكم الذاتي لا يعفي دولتهم من واجب منح المواطنة الإسرائيلية والحق في التصويت. عدد منهم يتجاهلون ذلك بإرادتهم. ولا نقول يخفون ذلك. هم يعرضون كأمر قانوني (بصورة صريحة أو غير صريحة) وضع فيه الفلسطينيون يكونون خاضعين للحكم المركزي لإسرائيل دون أن يكونوا مواطنين إسرائيليين ودون أن يشاركوا في اختيار نظام الحكم. المستشار القانوني للحكومة في عهد بيغن كان اهارون براك، الذي أصبح بعد ذلك رئيس المحكمة العليا. وأنا أتعجب لماذا لم يقم بإصلاح هذا الخطأ الواضح والذي يتسبب بالضرر لنا حتى الآن.
مصلحة الفلسطينيين، على الأقل الذين هم في مناطق الاحتلال، هي بيقين عدم الرفض بشكل تلقائي لكل خطة للحكم الذاتي. هم يمكنهم مثلاً طلب معلومات إذا كان الحديث يدور عن حكم ذاتي حقيقي، أي أن يستوضحوا ماذا بالضبط معروض عليهم. وهم يستطيعون المطالبة بأن يكون هذا حكماً ذاتياً حقيقياً يحصلون فيه على كل حقوقهم حسب القانون الدولي (وهذا سيكون خطأ من ناحيتهم. وسيكون من الخطأ من ناحية المواطنين العقلانيين في إسرائيل معارضة أي خطة للحكم الذاتي. إذا كانت إسرائيل مستعدة لأن تعرض على الفلسطينيين حكماً ذاتياً مشروعاً فهذا يعتبر تقدماً كبيراً. وكل من يؤمن بالديمقراطية يجب عليه التصفيق لرئيس الحكومة الذي سيقترح ذلك.