كيف تتعامل مستشفيات الأردن مع حالات الولادة للاجئات السوريات لم يتجاوز عمرهن 13 عاماً؟
أجرى موقع France Culture الفرنسي تقريراً داخل مستشفيات للتوليد في مدينة إربد (شمالي الأردن)، التي تشرف على حالات الحمل المبكر والمتكرر. وذلك لمحاولة فهم وضعية اللاجئات السوريات اللاتي يتمتعن بأولوية العلاج داخل مستشفيَيْن أردنيين، في الوقت الذي ترتفع فيه تكلفة التداوي في مستشفيات البلاد.
ويستقبل الأردن حوالي مليون لاجئ سوري، 20% منهم موجودون في المخيمات، بينما تعيش البقية في مناطق حضرية، يواجهون فيها صعوبات متعلقة بنظام الرعاية الصحية.
أصبحت إربد، التي تبعد 20 كيلومتراً عن سوريا، ثاني أكبر مدن الأردن، في ظل تدفق موجات اللاجئين السوريين. وتعد المدينة الوحيدة التي تضم مستشفى توليد يُقدم خدمات مجانية تماماً للاجئات السوريات.
ويومياً، تمتلئ غرفة الانتظار بالحوامل اللاتي يأتين لطلب الاستشارة، ولتعلم أهمية المتابعة الطبية. وفي هذا السياق، قال الدكتور سعد، الذي يُدير هذا المرفق الطبي، إن «معظم النساء يأتين من المناطق الريفية في جنوبي سوريا، ولذلك نحن نراهن على تثقيفهنّ في هذا المجال، نظراً لأن معظم النساء الحوامل لا يمتلكن أي دراية عن الرعاية الصحية السابقة للولادة».
«لا يوجد هذا النوع من الخدمات في سوريا«
يُسجل مستشفى التوليد، الذي يُموله الفرع الإنساني التابع للاتحاد الأوروبي، أكثر من 300 ولادة منذ شهر سبتمبر/أيلول. ومن بين أبرز هذه الحالات نذكر فاطمة، التي فتحت بالكاد عينيها، وهي الطفلة الثانية لأمها المدعوة «هدير»، البالغة من العمر 20 عاماً. ومن جهتها أكدت هذه الأم قائلة: «أنا بخير، لقد دعموني كثيراً، فهم يعتنون بي وبطفلتي. ولحسن الحظ أنهم موجودون معنا، لأننا لا نملك أي شيء».
وتضيف: «لا يوجد هذا النوع من الخدمات في سوريا. لقد أخبرتني شقيقتي التي لم تغادر البلاد أن الأوضاع ما زالت صعبة، تقريباً في الوقت الحالي، ولذلك سنظل في الأردن؛ نظراً لأن زوجي ممنوع من العودة».
ورفقة صغيرتها فاطمة، نسيت هدير حياتها اليومية كلاجئة. وفي هذا الإطار، أفادت المشرفة على القابلات، إيمان رمادي، قائلة: «نحن نستقبل النساء اللاتي يعانين من تداعيات الحرب، ووجدن أنفسهن في حالة اكتئاب.
وقد تركت بعض اللاجئات عائلاتهن في سوريا، بينما فقدت أخريات أزواجهن. كما اضطر عدد منهن للزواج لأن عائلاتهن لا تملك المال. وفي بعض الأحيان أساعد نساء لم يتجاوز سنهن 13 عاماً، على الولادة، حيث يحتجن إلى عناية صحية خاصة».
وعلى الرغم من اختلاف المشهد فإن الوضع ذاته يتكرر على بُعد 70 كيلومتراً، وتحديداً داخل أكبر مخيمات الشرق الأوسط؛ مخيم الزعتري، الذي يضم 75 ألف لاجئ.
ففي هذا المكان يوجد مستشفى توليد يموله المجتمع الدولي، إذ جرت فيه حوالي 10 آلاف ولادة منذ عام 2013، واستقبل حالات حمل مبكر أو متكرر، أثقلت كاهل أسر تعيش على المساعدات الإنسانية.
والجدير بالذكر أن الدكتور ياروب الجوني، يدير قسم التوليد، أشار إلى أنه «توجد العديد من الأمهات الصغيرات في السن ضمن المجتمع السوري. ففي عام 2013 استقبلنا 33% من الأمهات دون سن 18 عاماً. وبعد سنوات انخفضت هذه النسبة لتبلغ 10%».
انخفاض عدد حالات الحمل المبكر أو المتكرر
ولنشر الوعي حول تحديد النسل، وتقديم حلول لمنع الحمل تم تخصيص مقرٍّ يُعنى بمسألة التنظيم الأسري، ويترأسه كيفا بوليبدم، الذي يُساعد النساء على كسر الحواجز الثقافية. وقد أشار هذا المسؤول إلى أن «النساء يُحبذن حديثنا معهن حول هذه المواضيع، لأنهن لا يمتلكن أي فكرة أو اطلاع أو معلومات بشأنها.
يضيف: لقد قمنا كذلك بتنظيم حلقات إحاطة للرجال، ففي الماضي كانت النساء يُنجبن أطفالاً سنوياً، أما في الوقت الحالي فأصبحن ينتظرن في بعض الأحيان عامين أو ثلاثة أعوام لإعادة الإنجاب، الأمر الذي يجعلهن أكثر سعادة، خاصة أنهنَّ يفعلن ذلك لمصلحة أطفالهن».
تقول مهاد، المرأة المتحفظة، البالغة من العمر 35 عاماً: «لقد قابلت الدكتور كيفا، الذي ساعدني كثيراً، واستخدمت حبوب منع الحمل، التي عادت عليَّ بالنفع. فالوضع المالي صعب للغاية، ولديَّ ستة أطفال؛ لذلك لا أنوي الحمل ثانية، يجب علينا أن نقوم بتربيتهم بشكل صحيح، حتى يتمكنوا من عيش طفولتهم».
ومن جهته، يفتخر الدكتور ياروب الجوني بانخفاض عدد حالات الحمل المبكر أو المتكرر. وبما أن وضع اللاجئين لا يزال محفوفاً بالمخاطر، فلا يُعد هذا الأمر بمثابة إنجاز مهم.