كيف تتعامل محاكم إسرائيل شكاوى الفلسطينيين في الضفة؟
تعترف الدولة أن شرطة لواء شاي (يهودا والسامرة) تقاعست وأهملت في معالجتها شكوى فلسطيني تفيد بأن المسؤول عن الأمن اليومي قام بتخريب أرضه كما يبدو، لكنها تدعي أن ليس هناك حاجة إلى التحقيق في القضية بعد الوقت الطويل الذي مر. من أقوال النيابة العامة التي قدمت رداً على التماس الفلسطيني، إبراهيم رشيد أحمد عالم، يتبين أن الشرطة أغلقت الملف مرتين وأن المواد فقدت منه أثناء نقلها من الشرطة إلى الشرطة العسكرية التي تقوم بالتحقيق، وفقا لصحيفة “هآرتس” العبرية.
في العام 2014 وبعد أن أصيبت الطفلة آيلاه شبيرا بسبب زجاجة حارقة قرب مستوطنة “المتان” بدأ الجيش بشق طريق على أراضي فلسطينية في المنطقة. بدأ العمل الساعة 10:30 ليلاً، لكن بعد خمس ساعات تم تلقي أمر بوقف شق الطريق وترك الأرض. مع ذلك، واصل المسؤول عن الأمن الجاري في المنطقة شق الشارع. حسب أقوال الدولة، ليس واضحاً هل عرف أو لم يعرف عن الأمر. في اليوم التالي علم بالتأكيد أنه يجب وقف العمل، لكن وبعد ثلاث ساعات تم وقف شق الشارع على أرض مقدم الالتماس.
العالم، من سكان قرية كفر ثلث، قدم شكوى في شرطة لواء يهودا والسامرة على قطع 9 أشجار زيتون والتسبب بضرر لحقل قمح كبير. وقال إن شق الشارع دمر بئر مياه كبيرة، وإن المسؤولين ملأوا عن قصد البئر بالتراب والحجارة. وأضاف أن ضابط الأمن في “معاليه شومرون” كان مشاركاً في تخريب الأرض وحاول طرده من أرضه. في أبريل 2016 أغلقت الشرطة الملف بذريعة “انعدام مخالفة جنائية”. الملتمس قدم استئنافاً على ذلك، وبعد الاستئناف غيرت الشرطة ذريعة إغلاق الملف إلى “وجود سلطة أخرى ذات صلاحية” (للتحقيق في الملف). رئيس قسم التحقيق في شرطة لواء شاي قال إنه يجب على الجيش الإسرائيلي التحقيق في الأمر، وأغلق الملف مرة أخرى، ويبدو أنه نقل إلى قسم التحقيق في الشرطة العسكرية، لكن فعلياً لم يصل الملف إلى هناك.
في عام 2017 توجه الملتمس للشرطة من أجل رؤية مواد التحقيق. وفي يناير ومارس 2018 توجه مرة أخرى وأوضح بأن شرطة التحقيق العسكرية قالت إنه ليس لديها أي معلومات تخص ملف التحقيق الذي يقال إنه نقل إليها. قال العالم إن ضابط التنسيق والارتباط في شرطة لواء شاي قال إن الشكاوى التي يقدمها ترمى في سلة القمامة بعد وصولها مباشرة، وإن “الشرطة لم تنفذ أي عملية تحقيق في هذه القضية بعد تقديم الالتماس”. لم تنف الدولة هذه الأقوال، ولم تؤكدها أيضاً. مع ذلك، أكدت الدولة أن ملف التحقيق قد ضاع بعد أن نقل إلى شرطة التحقيق العسكرية وأنه لا يوجد في الجيش أي توثيق لاستلام الملف من الشرطة.
في المقابل، تحدث الملتمس مع الجيش عن الملف: في العام 2016 أجابت النيابة العسكرية بأن الملف أغلق لأنه لم يثر لديها شكاً بمخالفة جنائية. وفي نهاية 2017 توجه العالم مرة أخرى للجيش بعدما تبين أن الشرطة نقلت إليه معالجة الحالة. وفي هذه الحالة قالت شرطة التحقيق العسكرية بأن قرار إغلاق الملف اتخذ دون فتح تحقيق. في نيسان 2018، بعد نحو سنة وأربعة أشهر على قرار الشرطة تغيير ذريعة الإغلاق بسبب نقل الملف إلى شرطة التحقيق العسكرية، الأمر الذي لم يحدث في يوم من الأيام- قدم الملتمس استئنافاً للنيابة العامة.
في رد قسم الالتماسات ورد أن الملف ضاع بين الشرطة وشرطة التحقيق العسكرية، وأن “الحادثة ليست من نوع الأحداث التي يتم معالجتها في شرطة التحقيق العسكرية”، وجاء: “حسب معرفتنا، الملف غير موجود، ومن الشرطة نقلوا إليها المواد التي كان يمكن استعادتها. الاطلاع على المواد الموجودةأاظهر بأن الأمر يتعلق بحادثة حدثت قبل أربع سنوات تقريباً. ويبدو أنه من المناسب فحصها من خلال دعوى مدنية”.
في أعقاب ذلك، التمس العالم للمحكمة العليا في كانون الأول الماضي، ونائبة المدعي العام نوريت لتمان فحصت الملف. في موقف الدولة لدى المحكمة العليا تم التأكيد على أن الشرطة أخطأت عندما أغلقت الملف: “وجب عدم إغلاق ملف التحقيق تحت ذريعة انعدام تهمة جنائية، على قاعدة بينات التحقيق التي كانت في الملف”. وكتب: “صحيح أن الضابط المحقق بدأ بفحص الموضوع مع لواء افرايم وتلقى رداً جزئياً، ولأن هذا الفحص لم يستكمل، فكان من الواجب استكماله قبل اتخاذ القرار واستكمال الفحص مع الجهات العسكرية”.
فيما يتعلق بقرار الإغلاق الثاني، كتبت المدعية العامة “لو أن شرطة التحقيق العسكرية فتحت تحقيقاً، لعاد الملف إلى الشرطة. “طالما أن تحقيق الشرطة العسكرية أبان بأن تدخل قائد الأمن الجاري يثير الشك بشبهة جنائية، لكان ملف التحقيق أعيد إلى شرطة إسرائيل لاستكمال الفحص. صلاحيات التحقيق مع الضابط تعود لشرطة إسرائيل”. قالت النيابة العامة إنه لا يوجد مجال للتدخل في قرار قسم الاستئنافات بعدم فتح تحقيق الآن، لكنها أضافت: “مواد التحقيق الموجودة في الملف تثير شكاً بوجود مخالفة جنائية بررت استمرار الفحص مع الجيش. وحقيقة أن الحادثة بدأت كحادثة عسكرية ليس من شأنها أن ترفع المسؤولية عن الشرطة”. في نهاية المطاف، لخصت الدولة: “ليس هناك جدوى من تجديد التحقيق في الوقت الحالي”. يمكن للمحكمة العليا أن تفحص الالتماس في الأشهر القريبة القادمة.
المحامي شلومو زخاريا، الذي مثل العالم من قبل مؤسسة “يوجد حكم”، قال إن رد الدولة هو اعتراف بفشل الشرطة. “في كل ما يتعلق بشكاوى الفلسطينيين عن المس بهم وبممتلكاتهم، شرطة إسرائيل تعمل بصورة هاوية في أفضل الحالات، وبصورة متقاعسة تتساوق مع المخالفين للقانون في أسوأ الحالات”. وأضاف: “النشاط الاستقوائي، العنيف وغير القانوني، لمسؤولي الأمن الجاري في المنطقة، الذين يحصلون على الصلاحية من السلطات يحظى دائماً بمعاملة متسامحة من ناحية سلطات تطبيق القانون ويقود إلى واقع غير معقول. النيابة العامة التي يمكنها تغيير الواقع المحزن هذا، تتباطأ وتتقاعس طوال سنوات كثيرة”.
وقالت الشرطة رداً على ذلك: “يدور الحديث عن حادثة جرت وتم التحقيق فيها قبل أربع سنوات. بطبيعة الحال، لن نتطرق إلى الموضوع خارج جدران المحكمة، حيث يجري في هذه الأثناء محاكمة في المحكمة العليا”.