كيف تتصور إسرائيل الوضع في سوريا حتى 2022؟
تواجه القيادة الإسرائيلية صعوبة كبيرة تبلغ حد الفشل الذريع في تحقيق أهدافها ضد سوريا وحلفائها بعد الانتصار السوري في أكبر حرب تشهدها سوريا في تاريخها طوال السنوات الثماني الماضية.
هذا ما خلص إليه تقرير بعنوان “كيف تتصور إسرائيل الوضع في سوريا بين 2019 و2022؟” أعده مركز دمشق للدراسات والأبحاث “مداد” حول حوار طاولة مستديرة أجراه معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي INSS وشارك فيه عدد من الباحثين والعسكريين المتقاعدين بينهم نائب رئيس الموساد السابق رام بن باراك، بهدف وضع توقعاتهم لسوريا خلال السنوات الثلاث القادمة.
يد الأسد هي العليا
الطاولة المستديرة استهلت بمقدمة تقول: “يبدو أن مرحلة الحرب الكبيرة انتهت وأصبحت يد (الرئيس السوري بشار) الأسد هي العليا، لكن الشكل الذي جرت فيه هذه الحرب ما زال يثقل مستقبل سوريا”.
ومما طرح في طاولة الحوار الإسرائيلي:
ـ “الأسد سيوجّه جهوده نحو تعزيز قوة الجيش والأجهزة الأمنية، معتمدا على رجال النظام المخلصين ومن وقف إلى جانبهم من الجمهور السوري”، حسب البروفيسور إيال زيسير المتخصص بشؤون سوريا.
ـ “يوجد في سوريا ثلاثة عناصر أساسيّة هي: الأسد وروسيا وإيران ومعهم حزب الله، وقد أدرك الأسد أنه بحاجة ضرورية لحلفاء، وفي البداية وقفت إيران معه وحزب الله، ثم انضم الروس بعد ذلك، وكانوا يتطلعون بالطبع إلى تحقيق نفوذ في المنطقة” حسب رام بن باراك.
ـ “هدف المعركة هو إخراج الإيرانيين من سوريا.. ولكن ليس هناك عمليا، قدرة عسكرية إسرائيلية لهذا الهدف، وليس من المتوقع حدوث تصعيد كبير في سوريا، لأن روسيا لها مصلحة بالمحافظة على سلطة الأسد”.
ـ “روسيا موجودة في سوريا لكي تبقى، لكنها تتطلع إلى ما هو أكثر من سوريا، فروسيا ستكون أكثر فعالية حين تتوسع إلى مناطق، مثل ليبيا ومصر، وهي تتوجه نحو دول من الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، مثل المغرب، وتحاول العمل على توسيع وجودها في البحر المتوسط، وليس لإنشاء قاعدة بحرية بالضرورة، وإنما فقط لكي تصل إلى مناطق متاخمة لسوريا، كما تسعى إلى إخراج الولايات المتحدة من المنطقة” حسب آنا بورشكوفسكايا، الباحثة في معهد الأمن القومي الإسرائيلي.
ـ “كيف ستصبح سوريا عام 2022؟ يقول زيسير: “ستبدو كما هي في أيامنا هذه، لكن السؤال هو كيف ستبدو على المدى البعيد، هناك نماذج يتيح تحليلها وضع احتمالات لمستقبل الحروب الأهلية، ومنها النموذج الإسباني في عهد فرانكو، لكن سكان سوريا من النوع غير المبالي، ولا أظن أن هناك ما يدعو إلى توقع توسع متجدد للتمرد فلكي يتولد تمرد، هناك حاجة للدعم السعودي القطري، ونحن أمامنا سكان مضطهدون، ويدركون أن أحدا لن يأتي لمساعدتهم، ولذلك أفترض عدم وجود خطر داخلي على استقرار النظام”.
ـ “سوريا ستظل تنزف لزمن طويل، وإذا نجحت إيران في سوريا مثلما نجحت في لبنان، فربما تؤسس لها قوة تحت نفوذها على غرار لبنان ولذلك يجب على إسرائيل أن تستعد لمواجهة جبهة شمالية من لبنان وسوريا معا”.
“مداد”: خيبة إسرائيلية
ويرى تقرير “مداد” الذي أعده تحسين الحلبي من وحدة الدراسات الإسرائيلية أن القيادة الإسرائيلية تسعى إلى استخدام ورقة الحرب على إيران ومزاعم الوجود الإيراني في سوريا لكي توظفها ضد روسيا، بصفتها حليفا لسوريا، وللضغط عليها في الموضوع الإيراني، وقد توصل الباحثون إلى نتيجة أن روسيا وإيران وسوريا “يجمعهم هدف واحد مشترك هو إخراج الأميركيين من المنطقة، وأن إسرائيل خاب أملها حين وجدت أن موسكو وطهران أدارتا عملياتهما بدعم سوريا بشكل مشترك وليس بشكل منفرد”.
نتائج الحوار حسب “مداد”، كشفت اعترافا إسرائيليا بأن “أي تمرد جديد ضد النظام لم يعد ممكنا بعد غياب أموال قطر والسعودية” واتفقت جميع الأجوبة التي قدمها المتحاورون على أن “سوريا دعمت نفسها بتحالف إقليمي ودولي واستراتيجي على المدى البعيد، سوف يصعب زعزعة قواعده المشتركة بينهم من الخارج”.
وحول الوجود الإيراني في سوريا والغارات الإسرائيلية، يرى تقرير “مداد” أن مسألة الدعم الإيراني لسوريا أصبح مسألة ترتبط بجهود دولية، وليست إقليمية إسرائيلية عسكرية، وفي ظل وضع كهذا لن يكون بمقدور إسرائيل الاستمرار بالغارات، لأنها بلا جدوى في تحقيق الهدف الاستراتيجي منها، إضافة إلى أنها يمكن أن تفرض حربا شاملة على جبهة الشمال، وتشير معظم التحليلات الإسرائيلية إلى عدم وجود مصلحة لإسرائيل في هذه الظروف.