كيف تتأثر مصر بما يحدث في تركيا؟
على الرغم من ارتفاع حدة التخوفات من انتقال عدوى الأزمة التركية إلى أسواق الدول الناشئة ومن بينها مصر، خاصة في ظل تأثر العديد من الأسواق الإقليمية والدولية، يرى مسؤولون حكوميون واقتصاديون أن الأزمة تصب في صالح مصر، والتي أصبحت بفضل تلك الأزمة ملاذا آمنا ومستقرا لكثير من المستثمرين الأجانب.
وصعدت الليرة التركية 6% إلى أقل من ستة ليرات مقابل الدولار أمس، مدعومة بخطوة اتخذتها الهيئة المعنية برقابة القطاع المصرفي بخصوص صفقات المبادلة وتوقعات بتحسن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، بعدما أطلقت أنقرة سراح جنديين يونانيين محتجزين منذ مارس الماضي.
كانت الليرة التركية قد فقدت نحو 40% من قيمتها منذ بداية العام الحالي، وهوت إلى أدنى مستوى على الإطلاق عند 7.24 ليرة للدولار يوم الاثنين الماضي بفعل مخاوف من دعوات الرئيس رجب طيب إردوغان إلى خفض تكاليف الاقتراض وتدهور العلاقات مع الولايات المتحدة، بسبب اعتقال تركيا قسا أمريكيا منذ عام ونصف العام ورفضها الإفراج عنه.
وتباينت الآراء حول تأثير الأزمة المشتعلة حاليا في تركيا على الاقتصاد المصري بين تأثيرات إيجابية وأخرى سلبية.
أكد وزير المالية محمد معيط أن الأزمة التركية كان لها آثار إيجابية على مصر، إذ أسهمت في عودة استثمارات الأجانب بقوة في أدوات الدين الحكومية مرة أخرى بدءا من الأسبوع الماضي دون أن يحدد قيمة محددة لمشترياتهم.
وبرزت مصر في أعقاب تعويم الجنيه كإحدى أكثر الوجهات في العالم جذبًا لاهتمام مستثمري المحافظ، بعدما تخطت عائدات أدوات الخزانة المصرية القصيرة الأجل 22% مع رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لكبح التضخم الآخذ في الارتفاع عقب تعويم الجنيه.
وبلغت استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلية خلال العام المالي الماضي 9.8 مليار دولار، منذ تعويم الجنيه في نوفمبر 2016.
إلا أن استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة بدأت تتراجع عقب قرار البنك المركزى بتخفيض أسعار الفائدة خلال شهرى فبراير ومارس الماضيين.
وقال وزير المالية الأسبوع قبل الماضي إن استثمارات الأجانب بأدوات الدين الحكومية تراجعت بما يتراوح بين 3 و4 مليارات دولار لتصل إلى 17.5 مليار دولار.
وأضاف معيط أن الاضطرابات في تركيا وفي الأسواق المجاورة الأخرى منح المستثمرين الأجانب فرصة لاختبار السوق المصرية والتأكد من صلابة الاقتصاد، خاصة في ظل تمكنهم من دخول السوق والخروج منها في سلاسة في ظل الإجراءات التي حددها البنك المركزي.
وأشار إلى أن العائد على الاستثمار في مصر مغر لأي مستثمر، حتى بعد ارتفاع أسعار الفائدة على أدوات الدين في الأرجنتين التي يرى أنها لم تستمر كثيرا.
ورفعت الأرجنتين سعر الفائدة الرئيسي إلى 40% من 27.5%، في محاولة لإنعاش عملتها المحلية المترنحة (البيزو).
وبينما أكد وزير التجارة والصناعة عمرو نصار أن الوزارة تتطلع لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من أزمة أنقرة وتعزيز الصادرات المصرية إلى السوق التركية، اشتكى عدد من المصدرين إلى تركيا من إلغاء تعاقداتهم بسبب انهيار العملة التركية.
وقال نائب رئيس المجلس الأعلى للصناعات النسيجية، مجدي طلبة، إن عددا من الشركات التركية قامت بإلغاء تعاقداتها الاستيرادية مع شركات الملابس الجاهزة المصرية في المنطقة الحرة ببورسعيد، في ظل توفرها داخل السوق التركية بأسعار تنافسية، مع التراجع الأخير الذي حدث بسعر صرف الليرة التركية.
وأضاف أن السوق التركية تستحوذ على نحو 30% من إجمالي صادرات الملابس المصرية.
«مصر من بين أكثر الأسواق الناشئة التي ستتأثر سلبا جراء الأزمة الطاحنة التى تمر بها تركيا» وفقا لتقرير معهد التمويل الدولي.
وأضاف المعهد في تقرير له، أن أسواق مصر وجنوب إفريقيا وإندونيسيا ولبنان وكولومبيا تقع جميعها في منطقة الخطر بفعل التدفقات النقدية التي دخلت تلك الدول في فترة زمنية قصيرة.
ويضيف التقرير أن الأموال الساخنة التي ضخها تجار الفائدة بوتيرة مرتفعة وفي فترة زمنية وجيزة يجعل تلك الدول أكثر عرضة للمخاطر التي تحيط بالأسواق الناشئة جراء الأزمة التركية.
وتدخل الأموال الساخنة في صورة استثمارات في أذون الخزانة أو السندات، وهي أدوات تقوم الحكومة بالاقتراض من خلالها، أو في أسهم الشركات المدرجة بالبورصة، للاستفادة من تدني سعر العملة المحلية مقابل الدولار أو ارتفاع الفائدة.
وأطلق على هذه الأموال مصطلح “الأموال الساخنة” لأنها سريعة الخروج من السوق في حالة حدوث أي اضطراب في البلاد، مما يؤدي إلى عدم استقرار السوق.