كيف تبدو الحياة ما بعد عهد نتنياهو؟
هذا ما سيحدث ذات يوم، وهذا اليوم غير بعيد: لن يكون بنيامين نتنياهو رئيساً للحكومة مرة أخرى. في هذا اليوم الشمس ستشرق من الشرق وستغيب في الغرب، مثلما هي في الأيام الأخرى. ولكن بالنسبة لإسرائيليين كثيرين، وربما معظمهم، سيكون هذا أحد الأيام العظيمة في حياتهم، يوم الخروج من الظلمة إلى النور، من العبودية إلى الحرية، فجر يوم جديد، شيء ما بين سقوط سور برلين وتحرير نلسون مانديلا من السجن، وفقا لصحيفة “هآرتس” العبرية.
سيتم تشكيل حكومة جديدة، حكومة وحدة وطنية، وستطبق أمنية أغلبية الإسرائيليين، وسيكون على رأسها بني غانتس أو جدعون ساعر، أو كلاهما بالتناوب، وفصل جديد وواعد سيبدأ في تاريخ إسرائيل. “عندها سنقيم عالمنا – الأمس لا يساوي أي شيء/ الغد هو كل شيء”. تنفس الصعداء سيتم سماعه من أدنى البلاد إلى أقصاها. اسنات حاجي، مربية الأطفال التي أنزلت صورة نتنياهو، ستسارع إلى تعليق صورة رئيس الحكومة الجديد في روضة الأطفال التي ستعود إليها.
الأيام الأولى ستشعل الأحاسيس. إذا ترأس غانتس الحكومة، وهذا هو الاحتمال الأكبر، فسيقوم بدعوة محمود عباس للالتقاء معه. الاثنان سيلتقيان وسيبتسمان وسترفرف أعلام إسرائيل وفلسطين الصغيرة في الخلفية وستقرع أجراس السلام في البداية. وزير الدفاع ساعر سيهدد بالاستقالة، وغانتس سيقترح تشكيل جهاز مفاوضات وبرامج زمنية. وسيعد بأن تبقى إسرائيل إلى الأبد في القدس الموحدة وفي غور الأردن وفي الكتل الاستيطانية، بما في ذلك بديئيل واريئيل. وسيقترح على محمود عباس عشرات آلاف تصاريح العمل في إسرائيل. سيقوم الاتحاد الأوروبي بنشر تهنئة خاصة للشخص المنتخب، وسيقوم البيت الأبيض أيضاً باحتضانه.
غانتس وساعر سيسافران إلى واشنطن في زيارة تعارف مليئة بالتصفيق والآمال. ووزير الخارجية، يئير لبيد، سيقف مرة أخرى في ميدان أوروبا وسيقود بصوته المستجدي الجوقة التي تدعو “نحب إسرائيل”. ورؤساء حكومات ووزراء خارجية سيقفون في الطابور للقدوم إلى القدس ومشاهدة إحدى عجائب الدنيا: رئيس حكومة إسرائيلي غير نتنياهو. الجميع سيقولون إن الوقت حان لتحريك العملية السلمية.
ستهب في الداخل أيضاً رياح جديدة، رئيس الحكومة سيعد بوضع حد لمهاجمة الجهاز القضائي والعرب والإعلام. ومحاكمة نتنياهو ستجري بسرعة. وإسرائيليون كثيرون سيشعرون بأنهم يسترجعون دولتهم مرة أخرى، التي كانوا يحبونها ويفخرون بها. وسيزور غانتس قبر رابين، وسيضع ساعر بطاقة حائط المبكى. “يديعوت احرونوت”، الصحيفة الوفية لقرائها ستنشر صورة الحكومة الجديدة. عالم جديد ورائع ينتظرنا في القريب.
بعد ذلك ستمر الأيام. وستنسى غزة مرة أخرى. ورئيس الحكومة الجديد، غانتس أو ساعر، لن تكون له أي نية لإنهاء الحصار عليها. وستضطر إلى الإعلان عن وجودها بالطريقة الوحيدة التي لديها. صواريخ القسام ستسقط على الجنوب. رئيس الحكومة الجديد الذي يجب عليه إثبات نفسه، كأن يثبت غانتس بأنه غير يساري، وساعر بأنه جنرال، سيقوم بعقد الكابنت. سيكون هذا كابنت جديد لا يثرثر فقط. ستكون النتيجة سريعة: عملية “صخرة وجودنا”، وقصف من الجو ومن البر. آلاف القتلى. العالم سيضبط نفسه لأن هناك رئيس حكومة غير نتنياهو ويجب إعطاؤه فرصة.
لن يقف “حزب الله” مكتوف الأيدي. رئيس الحكومة الجديد الذي يجب عليه إثبات نفسه سيضرب لبنان أيضاً. وأخيراً، لإسرائيل رئيس حكومة يفعل أيضاً. وآلاف القتلى. وسيلغي محمود عباس اللقاء. وسيبدأ العالم بالتحدث. وصفقة في محاكمة نتنياهو. والمواطنون العرب الذين خرجوا للتظاهر للتماهي مع أخوانهم في غزة ولبنان وستطلق الشرطة عليهم النار بأمر من الوزير الجديد للأمن الداخلي، افيغدور ليبرمان، بطل اليسار. وسيعود جهاز القضاء إلى سابق عهده: عبد هزيل لجهاز الأمن والمستوطنين في الأمور التي تتعلق بهم. ويتصرف بصورة منطقية في الأمور الأخرى. ومن أجل حجز طاولة في مطعم فاخر في تل أبيب ستكون حاجة إلى أسبوعين مسبقاً. دراجات كهربائية تدهس المسنين وازدحامات سير في كل ساعة مثلما في الأيام الخوالي. سيبدأ نتنياهو في تنفيذ عقوبته.
وسيتسرب الشك إلى قلوبنا: ما الذي تغير؟