كيف استغل أردوغان مقتل خاشقجي؟
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية مقال تحت عنوان “لعبة تركيا”، تسلط فيه الضوء علي رؤية الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان لقضية جمال خاشقجي التي يعتبرها فرصة لأنقرة لإعاقة المملكة العربية السعودية كمنافس إقليمي وديني لها في المنطقة.
وتقول الصحيفة أن تركيا عززت قضية العدالة برفضها السماح للسعودية بالتهرب من المسؤولية عن مقتل جمال خاشقجي ، الصحفي وكاتب العمود في صحيفة “واشنطن بوست”.
وأشارت الصحيفة إلي التقلب المستمر للتقارير الواردة من وسائل الإعلام التي يسيطر عليها الرئيس رجب طيب أردوغان على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية ، والتي كشفت تفاصيل مروعة عن عملية القتل.
ولفتت الصحيفة إلي خطاب أردوغان الثلاثاء، حيث وجه أردوغان مرة أخرى أعين العالم إلى فظاعة مقتل خاشقجي وفظاعة معالجة القضية في خطاب مطول للمرة الأولي ألقاه لأعضاء حزبه، ووصف القتل بأنه “جريمة قتل مع سبق الإصرار” ووضع التسلسل الزمني لما حدث، كما طالب بأن يقدم السعوديون مزيداً من التفاصيل.
وتري الصحيفة أن مثل هذا التحدي من قبل أردوغان، تحدي مفتوح للمملكة العربية السعودية ، وهي قوة إقليمية أقامت علاقة وثيقة مع الرئيس دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر ، وخطوة جريئة لأردوغان.
وتتساءل الصحيفة ماذا يأمل أردوغان في تحقيقه من تحديه للسعودية، موضحة أنه بالطبع ليس متأثر بمقتل الصحفي، نظراً لسجل أردوغان لإساءة استخدام الصحفيين وتقييد حرية الصحافة، فتركيا باتت أسوأ سجل لحرية الصحافة والإعلام في عهد أردوغان وكانت أسوأ مكان للصحفيين في العام الماضي.
وأضافت الصحيفة أن لم تكن حرية الصحافة هي من حركت أردوغان دفاعا عن مبادئها، فما هي المباديء التي يدافع عنها أردوغان؟
وأوضحت الصحيفة أن أردوغان غاضب من أن قوة أجنبية ارتكبت مثل عملية هذه القتل داخل حدود تركيا، و في اسطنبول مسقط رأس الرئيس..
وربما يرى أردوغان فرصة ، كما تكهن مسؤولون أمريكيون وخبراء آخرون ، في استخدام القتل لابتزاز الأموال من السعوديين لدعم الاقتصاد التركي الفاشل في مقابل المساعدة في نهاية المطاف على إلقاء اللوم بعيدا عن النظام السعودي ، حيث تعاني الليرة التركية من تراجع بثبات وتزايد التضخم ، مما أدى إلى الضغط على العمال الأتراك والحكومة.
وتعتقد الصحيفة أن الهدف الحقيقي لأردوغان، ومن شبه المؤكد أنه ينظر إلى قتل خاشقجي على أنها فرصة لتقليص منافس إقليمي وتحقيق هدفه في جعل تركيا القوة السنية المسيطرة، ما يؤوي أحلام رئاسة أردوغان بإعادة الإمبراطورية العثمانية.
ولفتت الصحيفة إلي أن أردوغان يسعي لتحقيق حلم إعادة الأمبرطورية العثمانية، فقد نقل القوات التركية إلي شمال سوريا، ودعم جماعة الإخوان المسلمين في مصر وتونس، وهي جماعة تعتبرها السعودية جماعة إرهابية وتشكل خطر في المنطقة.
وتضيف الصحيفة أنه بجانب كل ذلك لدي أردوغان علاقات مع إيران وهي خصم رئيسي للسعودية ولديه علاقات أيضا مع قطر التي قاطعتها المملكة ودول عربية أخري بسبب خلاف سياسي.
عزز أردوغان بشكل ثابت السيطرة المحلية وسجن المعارضين وسحق الإعلام المستقل على مدار أكثر من 15 عامًا في السلطة، وجاءت قضية خاشقجي فرصة له لتحسين العلاقات مع ترامب والبدء في عكس التدهور الاقتصادي الذي تسببت فيه سياسته، ما جعل تركيا تصل لنقطة الضيق الاقتصادي والعزلة الدبلوماسية بسبب سوء إدارته التي اتبعت الطرق السلطوية الوحشية والفساد وتجاهل سيادة القانون، وتسبب في عزل بلاده عن الولايات المتحدة ، التي فرضت عقوبات على احتجاز راعي الكنيسة الإنجيلية الأمريكي ، الذي تم الإفراج عنه في وقت سابق من هذا الشهر ، وعزلت تركيا أيضاً من حلفاء آخرين في الناتو في أوروبا.
وبالنسبة لجميع مشاكل تركيا المستمرة ، خلق أردوغان الآن فرصة لتحسين العلاقات مع ترامب والبدء في عكس تدهورها الاقتصادي، ومن خلال تسليط الضوء على المملكة العربية السعودية كبلد مجرم قاتل ، فإن أردوغان الآن في موقع يمكنه من حشد الشعب التركي حول عدو مشترك ، وهو الأداة المستبدلة من قبل المستبد، ومن المحتمل جدا أن يخرج من هذه المواجهة بشكل أقوى.