كوشنر يريد اغلاق الأونروا والقضاء علي أمل عودة اللاجئين
صهر ترمب يريد غلق الأونروا والقضاء على أمل اللاجئين الفلسطينيين في العودة، ، خاصة بعد أن أرسل رسالة لمسؤولين في الإدارة الأميركية استعداداً لذلك
حاول جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب وأحد كبار مستشاريه، بهدوء التخلص من وكالة الأمم المتحدة للإغاثة التي قدمت الطعام والخدمات الضرورية لملايين اللاجئين الفلسطينيين على مدار عقود، وفقاً لرسائل إلكترونية داخلية حصلت عليها مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية
تأتي مبادرته في إطار حملة أوسع تقوم بها إدارة ترمب وحلفاؤها في الكونجرس لتجريد هؤلاء الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين في المنطقة وسحب قضيتهم بعيداً عن مائدة المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، حسبما ذكر كل من المسؤولين الأميركيين والفلسطينيين. وفي الوقت الحالي، يشق تشريعان على الأقل طريقهما في أروقة الكونغرس لمعالجة هذه القضية.
وكان كوشنر، الذي عهد إليه ترمب بحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، متردداً في الحديث علناً عن أي جانب من جوانب دبلوماسيته الخاصة بالشرق الأوسط.
وكانت خطة السلام التي يعمل عليها مع مسؤولين أميركيين آخرين منذ قرابة 18 شهراً واحدة من أكثر الوثائق الخاصة المتكتم عليها في واشنطن.
لكن موقفه من قضية اللاجئين وعداءه لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين في الشرق الأدنى (UNRWA) واضح في الرسائل التي كتبها كوشنر وآخرون في وقت سابق من هذا العام.
وكتب كوشنر عن الوكالة في إحدى هذه الرسائل بتاريخ 11 يناير/كانون الثاني والموجهة إلى العديد من كبار المسؤولين الآخرين، ومن بينهم جيسون جرينبلات، مبعوث ترمب لعملية السلام في الشرق الأوسط، «من المهم أن نبذل جهوداً صادقة ومخلصة لعرقلة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا UNRWA)».
وكتب يقول «إن هذه الوكالة تُطيل من الوضع الراهن، وهي فاسدة، وغير فعّالة ولا تساعد عملية السلام».
ورغم أن صهر ترمب يريد غلق الأونروا، لكن أطراف في واشنطن ترى أنها مساهم بالغ الأهمية في استقرار المنطقة
وساعدت الولايات المتحدة على تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين منذ إنشائها عام 1949 لتوفير الإغاثة للفلسطينيين الذين جرى تهجيرهم من منازلهم عقب تأسيس دولة إسرائيل ونشوب حرب دولية. ونظرت الإدارات السابقة إلى الوكالة على أنها مساهم بالغ الأهمية في استقرار المنطقة.
لكن ينظر العديد من مؤيدي إسرائيل في الولايات المتحدة إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين UNRWA في الوقت الحالي على أنها جزء من البنية التحتية الدولية التي حافظت بشكل مُصطنع على بقاء قضية اللاجئين وبعثت الأمل بين الفلسطينيين المنفيين بأنهم ربما يعودون إلى وطنهم يوماً ما – وهي الاحتمالية التي تستبعدها إسرائيل بشكل قاطع.
ويشير منتقدو الوكالة بشكل خاص إلى سياستها في منح وضع اللاجئ ليس فقط لهؤلاء الذين فروا من فلسطين الواقعة تحت الانتداب (فلسطين الانتدابية) منذ 70 عاماً ولكن لأحفادهم أيضاً – مما يرفع عدد اللاجئين إلى حوالي 5 ملايين شخص، يعيش ثلثهم تقريباً في مخيمات عبر الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وغزة.
لكن الإدارة الأميركية ربما تسعى إلى غلق الأونروا لإهدار قضية اللاجئين الفلسطينيين
وبمحاولة إقصاء وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين،وأن صهر ترمب يريد غلق الأونروا يبدو أن إدارة ترمب على استعداد لإعادة تعيين شروط قضيةاللاجئين الفلسطينيين لمصلحة إسرائيل – مثلما فعلت في إحدى القضايا الأخرى الهامة في ديسمبر/كانون الأول، عندما اعترف ترمب بالقدس عاصمةً لإسرائيل.
وفي نفس الرسالة البريدية التي نُشِرت في يناير/كانون الثاني، ذكر كوشنر: «لا يمكن أن يتمثل هدفنا في الحفاظ على استقرار الأمور كما هي ففي بعض الأحيان، يتحتم عليك خوض مجازفة استراتيجية لكسر الحواجز للوصول إلى هدفك».
أثار كوشنر قضية اللاجئين مع مسؤولين في الأردن أثناء زيارته إلى المنطقة في يونيو/حزيران، إلى جانب الممثل الخاص للمفاوضات الدولية جيسون جرينبلات. ووفقاً للمسؤولين الفلسطينيين، ضغط على الأردن لتجريد أكثر من 2 مليون فلسطيني مسجل لديه من وضع اللجوء حتى لا تضطر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين على العمل هناك.
وقالت حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية «قال كوشنر إن عملية إعادة التوطين يجب أن تحدث في الدول المضيفة ويمكن لهذه الحكومات أن تؤدي المهمة التي تقوم بها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين».
وأضافت قائلة إن إدارة ترمب أرادت أن تغطي دول الخليج العربي الغنية التكاليف التي يمكن أن تتحملها الأردن في هذه العملية.
كما أردفت حنان قائلة «يريدون بالفعل اتخاذ قرار غير مسؤول وخطير ستعاني منه المنطقة بأكملها».
وأخبر صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، المراسلين في يونيو/حزيران أن وفد كوشنر قال له أنهم على استعداد لوقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين تماماً وتوجيه هذه الأموال – 300 مليون دولار سنوياً – إلى الأردن والدول الأخرى التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين.
وقال «يهدف كل هذا إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين». كما رفض البيت الأبيض التعليق العلني على هذه القصة.
وقال مسؤول كبير في السلطة التنفيذية، اشترط إخفاء هويته، إن سياسة الولايات المتحدة فيما يتعلق ببرنامج اللاجئين الفلسطينيين التابع للأمم المتحدة «خضعت لتقييم متكرر ومناقشات داخلية. وسوف تعلن الإدارة عن سياستها في الوقت المناسب».
ولم يرد المسؤولون الأردنيون في نيويورك وواشنطن على الأسئلة التي طرحت عليهم حول المبادرة.
ومن مقترحات تحجيم عمل المنظمة، وضع حد للتمويل لكن هناك من يرفض ذلك داخل الإدارة الأميركية
واقترح كل من كوشنر ونيكي هالي، التي تشغل منصب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، وضع حد لتمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا) في يناير/كانون الثاني.
لكن وزارة الخارجية والبنتاغون ومجتمع مخابرات الولايات المتحدة اعترضوا على هذه الفكرة، خوفاً من أنها قد تثير العنف في المنطقة.
وفي الأسبوع التالي، وفيما يظهر صهر ترمب يريد غلق الأونروا أعلنت وزارة الخارجية أن الولايات المتحدة ستخفض الدفعة الأولى البالغة 125 مليون دولار من مدفوعاتها السنوية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين بأكثر من النصف، لتنخفض إلى 60 مليون دولار.
كتب كوشنر في الرسالة الإلكترونية ذاتها: «استمرت الأونروا في تهديدنا لمدة ستة أشهر بأنَّهم إذا لم يحصلوا على شيك، فسوف يغلقون المدارس. ولم يحدث أي شيء».
صهر ترمب يريد القضاء على أمل اللاجئين الفلسطينيين في العودة، والبداية غلق الأونروا
وقالت هيذر نويرت، المتحدثة باسم وزارة الخارجية، في ذلك الوقت إنَّ الولايات المتحدة لا تنوي إلغاء التمويل الذي تقدمه للاجئين الفلسطينيين، وأنَّ البحث عن طرق لإصلاح الأونروا، وإقناع الدول الأخرى بمساعدة واشنطن على تحمل العبء المالي لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين، قد استغرق وقتاً.
ولكن في اليوم التالي، أرسلت فيكتوريا كواتس، وهي مستشارة كبيرة لجيسون جرينبلانت، رسالة إلكترونية إلى فريق الأمن القومي بالبيت الأبيض، تُشير إلى أنَّ البيت الأبيض يدرس إحدى الطرق للتخلص من تقديم الدعم لوكالة الأمم المتحدة لللاجئين الفلسطينيين.
وكتبت كواتس: «يجب أن تتوصل الأونروا إلى خطة لتحلَّ نفسها وتصبح جزءاً من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وذلك قبل تجديد التفويض في عام 2019».
وأشارت إلى أنَّ هذا الاقتراح يعد واحداً من «الأفكار المبدئية الأخرى التي راودتني، والتي تحتوي كذلك على عدد من الأفكار التي استقيتها من جاريد وجايسون ونيكي».
تحجيم التمويل ليس فقط من جملة المقترحات، ولكن أيضاً تعديل مناهج الوكالة وإلغاء معاداة السامية
وتضمَّنت الأفكار الأخرى اقتراحاً بأن تعمل وكالة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة على أساس ميزانية شهرية، وأن تضع «خطة للتخلص من جميع ما تحتويه المواد الدراسية من معاداة للسامية».
ويبدو أنَّ هذه الأفكار تشبه كثيراً المقترحات التي استمرَّت إسرائيل في طرحها لبعض الوقت.
وقال إلعاد ستروماير، المتحدث الرسمي باسم السفارة الإسرائيلية في واشنطن: «نعتقد بأنَّ الأونروا يجب أن تنهي وجودها باعتبارها منظمة تُعارض إسرائيل سياسياً وتديم مشكلة اللاجئين الفلسطينيين».
وقال ستروماير إنَّ الفلسطينيين هم المجتمع الوحيد القادر على توريث حالة اللجوء من جيل إلى جيل.
لكنَّ لا يعد هذا الادعاء، الذي تُثيره إسرائيل منذ زمن طويل، صحيحاً تماماً.
وفي تقرير داخلي خاص بوزارة الخارجية، نُشر عام 2016، أشارت الوزارة إلى أنَّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين «تصنِّف أبناء وأحفاد اللاجئين على أنَّهم لاجئون أيضاً وذلك لأغراض خاصة بعملياتهم».
وذكر التقرير الذي رُفِعت عنه السرية مؤخراً إنَّ الأمم المتحدة تعتبر أولاد وأحفاد اللاجئين الأفغان والبوتانيين والبورميين والصوماليين والتبتيين لاجئين بدورهم.
ووفقاً للتقديرات، ورغم أن صهر ترمب يريد غلق الأونروا لا يزال هناك عدد قليل يتألف من بضع عشرات من الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين الأصليين، الذين بلغ عددهم في السابق ما يقرب من 700 ألف لاجئ على قيد الحياة.
ويكتسب الضغط من أجل إنكار الوضع القانوني لمعظم اللاجئين الفلسطينيين زخماً كبيراً في الكونغرس
فقد قدم دوغ لامبورن، العضو الجمهوري في الكونغرس عن ولاية كولورادو، الأسبوع الماضي مُقترح قانون يقصر المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة على اللاجئين الأصليين فقط.
وسوف يُعاد توجيه القدر الأكبر من المساعدات التي تتلقاها الأمم المتحدة إلى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID، وهي الوكالة الأساسية المنوطة بالتنمية الدولية في الولايات المتحدة.
إلا أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID خاضعة لقانون تايلور فورس في الوقت الراهن، والذي يربط تقديم المساعدات الإنسانية للسلطة الفلسطينية، بوقف الأخيرة لسياسة تقديم المساعدات لأسر الإرهابيين الذين قُتلوا.
وينص مشروع قانون لامبورن على أنه «بدلاً من إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا خلال النزاع العربي الإسرائيلي عام 1948، تقدم الأونروا مساعدات لكل من يعتبرونه لاجئاً فلسطينياً لحين إيجاد حل يرونه مقبولاً للصراع الإسرائيلي الفلسطيني».
وجاء أيضاً في مقترح القانون، أن «هذه السياسة لا تقدم أي حل لتوطين اللاجئين منذ عام 1948، بل تحافظ على استمرار اللاجئين في حالتهم هذه إلى الأبد».
قال أحد المعاونين في مجلس الشيوخ من المطلعين على التشريع، إنه لا يهدف إلى قطع التمويل عن الأونروا، بل يهدف إلى إعادة توجيه المساعدات لأبناء اللاجئين لتُمنح من خلال الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID.
وأضاف «لابد من استمرار منح المساعدات لمن يعانون، ولكن من خلال مسارات إنسانية، وبرامج مساعدات محددة بطريقة صحيحة».
وهناك مشروع يتم إعداده لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، داخل الكونغرس الأميركي
وعلى نفس المنوال،القاضي بأن صهر ترمب يريد غلق الأونروا أعد السيناتور جيمس لانكفورد، عن ولاية أوكلاهوما من الحزب الجمهوري، مسودة تشريع لإعادة توزيع تمويل الولايات المتحدة بعيداً عن الأونروا، إلى هيئات ووكالات دولية ومحلية أخرى.
مشروع القانون هذا، والذي لم يُطرح بشكل رسمي بعد، يطالب وزير الخارجية الأميركي بأن يصدق على إنهاء اعتراف الأمم المتحدة بأبناء وأحفاد الجيل الأول من اللاجئين بأنهم لاجئون أيضاً، بحلول عام 2020.
وجاء في نسخة من مسودة المقترح حصلت عليها مجلة فورين بوليسي «يجب على الأمم المتحدة تقديم المساعدة للفلسطينيين بطريقة تبين أن الأمم المتحدة لا تعتبر الغالبية العظمى من الفلسطينيين المُسجلين حالياً لدى الأونروا مستحقين لوضع اللجوء».
تمسكت الإدارات الأميركية السابقة بأن الغالبية العظمى من اللاجئين الفلسطينيين، لابد أن يتم استيعابهم في نهاية المطاف في دولة فلسطينية جديدة، أو يُعترف بهم كمواطنين في الدول التي استضافتهم لأجيال متعاقبة.
ولكن يُتوقع الاتفاق على حل لقضية اللاجئين في إطار التوصل إلى معاهدة سلام شاملة سوف تُسفر عن إقامة دولة فلسطينية.
قالت لارا فريدمان، رئيسة مؤسسة من أجل سلام الشرق الأوسط «من الواضح جداً أن الهدف الأساسي هو نسف قضية اللاجئين الفلسطينيين، ومحو هذا التعبير من الوجود».
وأردفت «ذلك لن يجعل السلام أسهل بأي حال من الأحوال. بل سيجعله أكثر صعوبة».