كوشنر كان ساذجاً في جولته بالشرق الأوسط وخطته للسلام درباً من الخيال
انتقدت مجلة “ذا أتلانتيك” الأمريكية بشدة جولة صهر الرئيس دونالد ترامب وومستشاره جاريد كوشنر للشرق الأوسط، ووصفت كوشنر بإنه يعيش من الخيال وظهر بشكل ساذج للغاية ومثير للسخرية خلال إجراؤه مقابلة مع صحيقة “القدس” العربية لمحاولته تجنب رئيس السلطة الفلسطينية وحث الفلسطينيين علي قبول صفقة القرن.
خطة السلام
واستعرضت المجلة بعض من أجزاء الحديث لكوشنر خلل مقابلته مع الصحيفة العربية الذي اشار إلي آفاق السلام واستعداد الإدارة الأمريكية الأعلان عن خطة السلام في الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وعندما سئل كوشنر عن كيف تختلف الخطة الحالية عن الخطة السابقة اوضح كوشنر أنه تم الأصغاء أكثر ومقتنع أن الشعب الفلسطيني لن يستمع للقادة السياسيين وان خطة السلام ستعمل علي تحسين حياتهم للأفضل.
درب من الخيال
واعتبرت المجلة جولة كوشنر درب من الخيال، ووصفته بإنه يعيش في عالم خيالي نظراً للمخاطر الخطيرة الناجمة من تصاعد العنف والوضع الإنساني البائس في غزة، وإصراره المضي قدما في مواجهة الخلافات طويلة الأمد بوضع حلول خيالية ومنهجا أكثر احتمالاً لتفاقم المشاكل الحالية بدلاً من حلها، ويبدو أن الافتراضات التي يستند إليها في خطته، أياً كانت محتوياتها الدقيقة فهي عويصة للغاية، ما يجعلنا نتساءل ما إذا كان هدفه هو البدء في مفاوضات جدية ، أو ببساطة يريد إرضاء قاعدة الرئيس ترامب بالاستعداد إلقاء اللوم على الجانب الفلسطيني بسبب الفشل.
تجنب كوشنر لعباس
وأوضحت المجلة أن الدليل الأول أن كوشنر يعيش في عالم خيالي، اقتراحه بتجنب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي رفض الاجتماع مع كوشنر، وعرض خطة السلام متجنباً عباس وعرضها مباشرة للشعب الفلسطيني معتقداً أن عباس يعرقلة خطة السلام والشعب الفلسطيني سيعجب بالخطة، رغم ان الفلسطينيين أكثر صرامة ولا يريدون تقديم تنازلات أكثر وهذا ما أظهروه خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
والكثير من الفلسطينيين الآن يعارضون فكرة حل الدولتين ويري حوالي 57% من الفلسطينيين أن حل الدولتين لم يعد عمليا بسبب التوسع الاستيطاني الإسرائيلي الذي يمتد إلي اعماق الضفة الغربية، بينما أكثر من 35% من الفلسطينيون يؤيدون حل الدولتين بإن تقوم فلسطين كدولة عربية بحقوق متساوية.
رفض الفلسطينيين تقديم تنازلات
وتري المجلة أن لهذه الأسباب سيكون الزعيم الفلسطيني الجديد أقل استعدادا لتقديم تنازلات حتي لو كان يدعم عملية السلام، حيث لا يتمتع عباس بتاييد كبير بين الفلسطينيين ويحظي بتأييد حوالي 30% فقط، وتشير الاستطلاعا الأخير أن عباس سيخسر في الإنتخابات الرئاسية المقبلة أمام إسماعيل هنية زعيم حركة حماس، وسيهظم هنية أمام مروان البرغوثي الزعيم القومي الفلسطيني الذي يقبع حاليا في السجن الإسرائيلي لقتل مواطنين إسرائيليين عام 2002.
وهم أفضل خطة
وأضافت المجلة أن الأمر الخيالي الثاني الذي يعيشه كوشنر اعتقاده هو وإدارته بإنهم وضعوا أفضل خطة للنجاح عن أسلافهم الفاشلين، ويبدو ان هذا الهدف هو ما يحرك ترامب أكثر من كونه يريد أن يحقق السلام في الشرق الأوسط، فجميع الإدارات الأمريكية السبقة كانت الأقرب إلي إسرائيل أكثر من الفلسطينيين ولكنهم حاولوا لعب دور الوسيط النزيه واعتبر الفلسطينيين الأمريكيين شركاء سلام، ولكن مع ترامب اعتبر الفلسطينيين الأمريكيين ليسوا شركاء سلام بعد تخلي ترامب عن القضية الموضوعية ومنح إسرائيل جائزة محل جدال في المفاوضات بإعلانه القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها وهي خطوة عارضتها 128 دولة في الأمم المتحدة.
اخطاء إدارة ترامب في حق الفلسطينيين
وبجانب كل ذلك، في الوقت الذي قتل فيه العشرات من الفلسطينيين في غزة علي يد قوات الدفاع الإسرائيلية، لم تعرب إدارة ترامب عن تعاطفها مع الفلسطينيين الذين قتلوا ولم تنضم للدعوات الدولةي التي تدعو لضبط النفس الإسرائيلي، وأيدت إسرائيل في حق الدفاع عن نفسها.
ومن ناحية أخري خفضت إدارة ترامب المساعدات المالية لوكالة الأونروا للاجئين الفلسطينيين التابعة الأمم المتحدة، وعرضت إدارته دعمًا غير مقيد للمستوطنات ، لذلك ليس من الغريب أن يتوقف الفلسطينيين الحديث مع الإدارة الأمريكية، ورؤية ترامب كوسيط سلام نزيه، ومن الصعب علي الأمريكيين التحرك ضد عباس مع معارضة أكثر من ثلثلي الفلسطينيين استئناف المفاوضات مع الأمريكيين حيث 88% من الفلسطينيين يرون الولايات المتحدة متحيزة لإسرائيل.
موقف الدول العربية تجاه خطة السلام
والخيال الثالث الذي يعيش فيه كوشنر هو أن دول الخليج العربية ومصر والأردن ستساعده على التغلب على هذه التحديات الرئيسية، وعلي الرغم من أن إدارة ترامب أقامت علاقات وثيقة مع قادة هذه الدول ، إلى حد كبير على خلفية موقفها القوي ضد إيران ، وفتح باب المبيعات للأسلحة ، وتجاهل المخاوف التقليدية بشأن حقوق الإنسان، إلا أن هؤلاء القادة الإقليميين يشتركون مع إسرائيل في منظور استراتيجي مشترك بشأن إيران والتطرف الإسلامي ، ومع وجود العديد من التحديات الأخرى مثل انخفاض اسعار النفط بسبب الحرب ف ياليمن وسوريا، فأصبحت القضية الفلسطينية ليست لها الأولوية.
الفلسطينيين لا يشتروا
والخيال الرابع لكوشنر اعتقاده شراء الفلسطينيين بتقديم مساعدات اقتصادية تعويضا عن الخسائر السياسية، وهو ما اشار إليه كوشنر خلال مقابلته الساذجة، ويجب أن يعرف كوشنر جيدا أن الرخاء لن يحل أبداً محل السلام السياسي، لأن القضايا الرئيسية لا تزال الحدود والسيادة، والأمان؛ والمستوطنات والاحتلال، واللاجئين ةالقدس، ولا يستطيع اي فلسطيني ان يبقي في منصبه مع موافقته علي خطة ترامب مقابل وعود اقتصادية في المستقبل.
نتنياهو العقبة الحقيقية للسلام والعالم يدرك حقيقة الموقف الفلسطيني من السلام
وفي ظل وجود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يقبل الإسرائيليين اي اتفاق ضروري يجعل الفلسطينيين او العالم العربي يروه اتفاقا ممكنا، خلال السنوات الماضية أوقف نتنياهو تماما الحديث عن حل دولتين واعلانه عدم قبول دولة فلسطينية.
ونوهت المجلة إلي اعتقاد كوشنر أن الرفض الفلسطيني سيبطئ دعمه للجهود الرامية وسيلقي اللوم علي الرئيس الفلسطيني دوليا لعدم دعمه خطة السلام امر خاطيء، فالجميع يري افتقار ترامب الكامل للمصداقية في هذه القضية ، بعد أخذه قرارات متعلقة بالقدس والأونروا، ومعظم الدول الأوروبية ودول أخرى سوف يستنتجون أن الفلسطينيين رفضوا الخطة لأنها كانت غير عادلة وليس لأنهم يعارضون السلام.