قوات المعارضة السورية تحرر مواقع استراتيجية وتجبر قوات النظام على الانسحاب
استعادت فصائل المعارضة المسلحة مدينة كفرنبودة اهم المواقع الاستراتيجية التي خسرتها مؤخراً، في ريف حماة الشمالي بعد عشر ساعات من الاشتباكات المستمرة والمتواصلة بين المقاتلين المعارضين، وقوات النظام السوري بتغطية نارية جوية روسية.
ووفق الوكالة الفرنسية «أ ف ب» قتل 18 مدنياً على الأقل، قضى أكثر من نصفهم جراء غارات لقوات النظام استهدفت سوقاً شعبياً في شمال غرب سوريا، في تصعيد يأتي إثر شنّ هيئة تحرير الشام وفصائل إسلامية هجمات ضد قوات النظام، أسفرت عن اندلاع معارك عنيفة.
وتسببت الاشتباكات المستمرة بين الطرفين منذ الثلاثاء في ريف حماة الشمالي، المجاور لمحافظة إدلب، بمقتل 70 عنصراً على الأقل من الجهتين، وفق حصيلة جديدة أوردها المرصد السوري لحقوق الإنسان الأربعاء. وأفاد المرصد الأربعاء عن مقتل 12 مدنياً على الأقل جراء غارات استهدفت عند منتصف الليل سوقاً شعبياً في وقت الذروة في مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي. وغالباً ما تكتظ الأسواق في شهر رمضان خلال ساعات الليل بعد موعد الافطار، مع خروج الصائمين للتنزه وشراء حاجياتهم.
وقالت غرفة عمليات «وحرض المؤمنين» ان مقاتلي «الجبهة الوطنية للتحرير وهيئة تحرير الشام وجيش العزة» قتلوا وجرحوا العشرات من قوات النظام ودمروا مدافع ورشاشات، وذلك خلال هجوم معاكس على مواقع قوات النظام في مدينة كفرنبودة، بدأ بالتمهيد المكثف بالمدفعية والصواريخ، ثم فجروا عربة مفخخة داخل البلدة، ما أجبر قوات النظام التي رسخت مواقعها في هناك قبل 13 يوماً على الانسحاب من المدينة، لتفسح المجال أمام مجموعات الاقتحام من دخول إلى البلدة وتحريرها.
ويبدو ان الدور التركي هو من أثر على موازين القوى في المعارك الجارية، اذ انه من الواضح أن تركيا نجحت بداية في تأخير العملية العسكرية، ثم نجحت في ضبط حدودها، حيث تحدث في هذا الاطار المحلل السياسي التركي المقرب من حزب العدالة والتنمية الحاكم، حمزة تكين، عن الدعم الكامل والنوعي المقدم من تركيا للمعارضة المعتدلة، «بعدما قالت تركيا كلمتها بأنها لن تسمح بعمل عسكري في إدلب، فهي تبحث عن حل ولكن ليس على الطريقة الإيرانية او الروسية او طريقة النظام السوري». مضيفاً لـ»القدس العربي» ان وزير الدفاع التركي قد اوصل رسالة واضحة لنظيره الروسي بهذا الامر، حيث تتجه الاوضاع إلى توافق بين الجانبين على اعادة الأمور إلى مرحلة الهدوء في ادلب بشكل تام.
ويمكن الاستنتاج ان ما تقوم به المعارضة السورية المعتدلة الان على عدة جبهات في ارياف ادلب وحماة واللاذقية ، حسب المتحدث، هو نتيجة «الدعم التركي القوي للجيش الحر، وهو اشارة واضحة للجميع إلى قدرة التحالف بين المعارضة وتركيا على التصدي سياسياً او عسكرياً، حيث تفاوض انقرة في الميدان السياسي ولن تسمح بعمل عسكري هناك».
وخلال المعارك، قتل العشرات من قوات النظام حيث ردت بقصف الاحياء السكنية ما اسفر عن مقتل 12 مدنياً بينهم أطفال في قصف جويّ ومدفعي، وذكر الدفاع المدني أن 11 مدنياً لقوا حتفهم في قصف لقوات النظام على مدينة معرة النعمان، فيما قتل مدني في قصف جوي بالقنابل العنقودية على بلدة معرة حرمة بريف إدلب الجنوبي.
المتحدث الرسمي باسم جيش العزة – أحد التشكيلات المشاركة في العمليات العسكرية – النقيب مصطفى معراتي وصف معركة تحرير كفرنبودة بـ « الاسطورة بكل ما تعنيه الكلمة، بعدما تغنى النظام ومرتزقته بالسيطرة عليها، فضلاً عن الفيديوهات التي نشرها جنرالات روسيا، ظهر فيها المرتزقة التابعون للمتنمر سهيل الحسن يقومون بالتعفيش وسرقه الممتلكات وجني المحاصيل الزراعية وسرقتها» مؤكداً «اغتنام الثوار 3 دبابات، ورشاشين، ودوشكا، إضافة إلى أسر ضابط برتبة عقيد ومجموعه من العناصر، وتدمير دبابات، إضافة إلى خسائر كبيرة في الأرواح».
وتحدث القيادي في الجيش الحر عن العامل المعنوي بعد اجبار ميليشيات إيران والنظام السوري المدعوم من موسكو على التراجع من كفرنبودة، وهي ليست المرة الأولى، بل الثانية منذ دخول روسيا على خط دعم بشار الاسد عام 2015. فهذه المعركة بالنسبة لفصائل المعارضة «معركة وجود، وبالنسبة للنظام ومرتزقته حرب إبادة، يستخدم فيها كل شيء، البشر والشجر والحجر، حيث حرق المحاصيل الزراعية وفق سياسة تجويع، وضرب الخطوط الخلفية والمدنيين والقرى الامنة والاسواق ونقاط الدفاع المدني والنقاط الطبية والمشافي».
وأطلقت فصائل المعارضة شمال غربي حماة، ظهر الأربعاء، المرحلة الثانية من عملية الهجوم المعاكس وقصفت بالمدفعية الثقيلة مواقع النظام في قرى عدة في ريف حماة، حيث تستمر المواجهات العنيفة على اكثر من محور في ريف حماه الشمالي حسب ما قال القيادي في جيش العزة العقيد مصطفى بكور لـ»القدس العربي» ، مضيفاً ان المعركة هدفها «تحرير عدد من المواقع والنقاط التي كانت الميليشيات قد تقدمت عليها الاسبوع الفائت، مؤكداً ان العملية العسكرية ما زالت مستمرة، فيما تكبد النظام الميليشيات كبيرة جداً بلغت المئات بين قتيل وجريح». من جانبها قالت وزارة الدفاع الروسية في بيان لها الأربعاء ان مقاتلي المعارضة نفذوا «في 22 أيار/مايو، 17 عملية إطلاق من راجمات الصواريخ من منطقة تخفيض التصعيد إدلب باتجاه قاعدة حميميم الروسية». واضاف البيان: «ثمانية صواريخ منها لم تصل إلى القاعدة، بينما تم التصدي للصواريخ الباقية من قبل قوات الدفاع الجوي في القاعدة».