قلق أوروبي من تصعيد أمريكي محتمل ضد إيران
يسود القلق في الأوساط السياسية الأوروبية من تصعيد أمريكي محتمل ضد إيران، ويبدو أن عدم الاعلان عن نتائج مسار المحادثات بين وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، مع نظيره الأمريكي، مايك بومبيو، في بروكسل، أمس الاثنين، ساهم في زيادة هذه المخاوف.
وحسب القناة الإخبارية الألمانية الثانية، التقى الوزيران قبيل اجتماع أوروبي من المقرر أن يبحث سبل إنقاذ الاتفاق النووي مع إيران. وتشارك في هذا الاجتماع بجانب ماس، مفوضة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني، ووزيرا الخارجية الفرنسي والبريطاني.
ولم يتم الإعلان عن مسار المحادثات التي جرت بين ماس وبومبيو، الذي ألغى زيارة مخططة لبرلين، الأسبوع الماضي، في اللحظات الأخيرة. وتتوقع دوائر في الاتحاد الأوروبي أن يضغط بومبيو على الأوروبيين في بروكسل لدعم السياسة الأمريكية الصارمة تجاه إيران.
ولدى وصوله إلى بروكسل، قال وزير الخارجية الألماني: «نحن في أوروبا متفقون على أن هذا الاتفاق ضروري لأمننا. لا أحد يريد أن تتمكن إيران من الحصول سلاح نووي». وأضاف «لذلك سنواصل دعم تنفيذ هذا الاتفاق». حسب ما نشرت صحيفة «فيلت» الألمانية.
وجاء رد موغيرني فاتراً على نبأ زيارة بومبيو، مشيرةً إلى أن المفوضية الأوروبية أبلغت بها في اللحظة الأخيرة. وقالت للصحافيين «سنكون هنا طوال اليوم مع برنامج عمل مزدحم، ولذلك سنرى خلال النهار كيف سننسق اجتماعاً (مع بومبيو) إن تمكّنا من ذلك».
وحدد الرئيس الإيراني، الأسبوع الماضي، مهلةً للأوروبيين، مهدداً بأنه ستعلق إيران تنفيذ تعهّدات في الاتّفاق النووي في حال لم تتوصّل الدول الأخرى الموقّعة على الاتّفاق إلى حلّ خلال ستّين يوماً لتخفيف آثار العقوبات الأمريكيّة على القطاعين النفطي والمصرفي الإيرانيَيْن. لكن الأوروبيين رفضوا هذه المهلة.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، مورغان أورتاغوس، إن بومبيو سيناقش في بروكسل «تحركات وتصريحات الجمهورية الإسلامية في إيران». وواصلت الولايات المتحدة في هذه الأثناء زيادة الضغط على إيران، مع اتهام بومبيو طهران بأنها تخطط لاعتداءات «وشيكة» وتعزز حضورها العسكري في الخليج.
وبقراره زيارة بروكسل، ألغى بومبيو زيارة إلى موسكو كانت مقررة أمس الاثنين. لكن الوزير الأمريكي سيتوجه إلى منتجع سوتشي على البحر الأسود للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووزير خارجيته: سيرغي لافروف، اليوم الثلاثاء، وفق ما أعلن مسؤول من الخارجية الأمريكية مباشرة قبل مغادرة بومبيو لواشنطن. وفي الأيام الأخيرة، ألغى بومبيو زيارةً إلى برلين وغرينلاند بهدف التركيز على المسألة الإيرانية.
ونقلت صحف ألمانية مناشدات منظمة «السلام الأخضر»، إلى وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي لحث الولايات المتحدة الأمريكية على الحوار. وقال متحدث باسم منظمة السلام الأخضر بألمانيا، كريستوف فون ليفن، أمس الاثنين: «عندما تنقل الولايات المتحدة حاملة طائرات وقذائف قنابل وسفن حربية إلى المنطقة، وتتصل بجميع الحلفاء، فإن ذلك يذكر بشكل خطير ببداية حرب العراق في عام 2003». وأضاف فون ليفن : «وزير الخارجية الألماني هايكو ماس ونظراؤه الأوروبيون يجب أن يقنعوا بومبيو بأنه لا يمكن تحقيق الأمن والسلام إلا عن طريق الحوار».
وقال فون ليفن إنه على الولايات المتحدة الأمريكية «الكشف عن أدلتها بأنه يتم التخطيط للعدوان الإيراني المزعوم»، لافتاً إلى أنه تم تبرير حرب العراق أيضاً بادعاءات خاطئة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية. وأكد أن احتياطي اليورانيوم المخصب لدى إيران لا يكفي لإنتاج أسلحة نووية.
وناشدت نائبة رئيس الكتلة البرلمانية لحزب اليسار الألماني المعارض، سفيم داجلن، الحكومة الاتحادية والاتحاد الأوروبي الإعلان بوضوح «أنه ليس مسموحاً باستخدام قواعد أمريكية في أوروبا لشن هجمات على إيران».
وأضافت البرلمانية الألمانية البارزة: « من الضروري أن يكون هناك فحص مستقل للتقارير التي تواترت عن هجمات تخريبية على سفن تجارية في (الخليج الفارسي) بصفتها ذريعة حرب محتملة». وأكدت داجلن أن هناك حاجة أيضاً لإجراءات فعالة ضد «العقوبات الأمريكية التي تم فرضها بشكل تعسفي» ضد إيران، وقالت: «يجب ألا يتم معاقبة طهران اقتصادياً مقابل التزامها الساري حتى الآن بالاتفاق النووي».
وكان المرشح الرئيسي لحزب الشعب الأوروبي في انتخابات أوروبا، مانفريد فيبر، قد أعلن قبل القمة الأوروبية الأخيرة التي انعقدت يوم الخميس الماضي، في رومانيا، عن تأييده لإجراء محادثات بين الاتحاد الأوروبي وإيران حول الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة من جانب واحد.
وقال فيبر:» أعتقد أن الاتحاد الأوروبي عليه بدء المحادثات مرة أخرى مع أصدقائنا الإيرانيين لأننا لا نريد تصعيدا من أي نوع».
ونأت انجريت كرامب ـ كارنباور، زعيمة حزب المستشارة أنغيلا ميركل المسيحي الديمقراطي، بنفسها بشكل واضح عن مواقف فيبر، إذ قالت، أمس الاثنين، إن موقف الحزب ولاسيما في ظل التهديد الإيراني لإسرائيل، يتمثل في « أننا لا نشعر بصداقة مع النظام الإيراني، لكننا نشعر بالكثير من التعاطف والدعم للناس الذين يعانون بشدة من الموقف في إيران». وأضافت أن الشباب بالذات في إيران يتعرضون لقيود كبيرة للغاية من قبل الحكومة على حريتهم السياسية، مشيرة إلى أن هؤلاء الناس يستحقون الدعم « وبالتأكيد لا ينطبق ذلك على نظام الملالي». وأضافت أن هذا النظام هو من يرعى انعدام الحرية في إيران.
وتابعت أن حزبها دائما ما لفت إلى أن الاتفاق النووي مع إيران ليس هو الاتفاق الأمثل، ورأت أن مثل هذه الاتفاقية ينبغي وضعها جانبا عندما تلوح فرصة «للحصول على شيء أفضل في اليد»، واختتمت كلامها بالقول إن هذا ما كان فيبر يود التعبير عنه.