قرار سعودي أغضب الخليجيين.. رويترز: الرياض وافقت على طلب ترمب دعم أميركا بالنفط
قبل يوم من إعلان الرئيس دونالد ترمب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، اتصل أحد كبار المسؤولين في إدارته هاتفياً بالسعودية؛ ليطلب من أكبر مصدِّر للخام بالعالم المساعدة في إبقاء الأسعار مستقرةً إذا تسبب القرار في عرقلة الإمدادات.
وحسب وكالة الأنباء العالمية “رويترز”، فإن الرياض منافس لدود لطهران وحليف وثيق منذ أمد طويل لواشنطن، لكن الضغط المباشر على عدد من دول منظمة البلدان المصدِّرة للبترول (أوبك) بشأن سياسات النفط قلما يحدث. والمرة السابقة التي حثَّت فيها واشنطن السعودية على زيادة الإنتاج كانت في 2012.
مسؤول أميركي اتصل بولي العهد الأمير محمد بن سلمان
وقالت الرياض إنه على الرغم من أن أسعار النفط قفزت فوق 80 دولاراً للبرميل، وهو أعلى مستوى منذ 2014، فإن السوق لم تتعافَ بعدُ من هبوط طويل. وقبل الاتصال الهاتفي، كان مسؤولون سعوديون يقولون إن من المبكر جداً زيادة الإنتاج.
وقالت مصادر بصناعة النفط السعودية لـ”رويترز”، إن الرياض اتخذت هذا النهج؛ لأن أسعار الخام المرتفعة قد تساعد الطرح المزمع لحصة في عملاقها النفطي المملوك للدولة “أرامكو” السعودية في سوق الأسهم، والذي من المتوقع أن يحدث في 2019.
ولذلك، كانت هناك صدمة بين بعض أقران السعودية في “أوبك” عندما أصدرت المملكة بياناً داعماً بعد أن فرضت واشنطن عقوبات جديدة على طهران. وقالت المملكة إنها مستعدة لزيادة الإنتاج؛ للتعويض عن أي نقص في المعروض.
وقالت 3 مصادر على دراية بالأمر، إن مسؤولاً بارزاً بالإدارة الأمريكية اتصل بولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، قبل الإعلان الذي أدلى به ترمب؛ للتأكد من أن واشنطن يمكنها التعويل على الرياض، القائد الفعلي لـ”أوبك”.
محادثات سعودية – أميركية قبل قرار ترمب
وقال أحد المصادر إن الاتصال حدث في السابع من مايو/أيار 2018. ولم يذكر المصدران الآخران متى جرى الاتصال. وقالت المصادر إن واشنطن قلقة من أن العقوبات قد تكبح شحنات النفط من إيران وتدفع الأسعار للصعود. وامتنع متحدث باسم البيت الأبيض عن التعقيب بشأن ما إذا كان الاتصال الهاتفي قد حدث.
ولم يؤكد مسؤول سعودي بارز الاتصال، لكنه قال: “جرى إبلاغنا القرار بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني) قبل صدور الإعلان… نحن نجري دائماً محادثات مع الولايات المتحدة حول استقرار سوق النفط”.
وهدد البيان السعودي، في مايو/أيار 2018، بتقويض اتفاق بين “أوبك” وحلفائها، وفي مقدمتهم روسيا، لخفض إنتاج النفط بنحو 1.8 مليون برميل يومياً بدءاً من يناير/كانون الثاني 2017؛ لتقليص وفرة في المعروض ودعم الأسعار. ومن المنتظر أن ينقضي الاتفاق في نهاية 2018.
وستجتمع “أوبك” في 22 يونيو/حزيران 2018، وتحتاج إلى توافق بين جميع أعضائها حتى تغير رسمياً سياستها للإنتاج. وقال وزير النفط الإيراني، بيجن زنغنه، الأسبوع الماضي، إنه لا يوافق على الرأي القائل بأن هناك حاجة محتملة لزيادة إمدادات النفط العالمية.
وقال مصدر في “أوبك” على دراية بالتفكير السعودي، إن الرياض وواشنطن ناقشتا سياساتهما النفطية قبل الإعلان الأميركي بشأن إيران. وأضاف قائلاً: “إنك تحتاج إلى أن تعمل مع شركائك في التعامل مع أي تأثير محتمل على المعروض”.
انزعاج حلفاء الرياض الخليجيين
وجاء التحول المفاجئ في الموقف العلني للرياض مفاجِئاً حلفاءها الخليجيين الذين ينسقون من كثبٍ، سياسات “أوبك”. وقال مصدر آخر إن بعض الدول الخليجية “منزعجة من أنه لم يكن هناك تشاور مسبق معهم”. وأضاف أنهم يشعرون بأن الرياض تعرضت لضغوط من واشنطن، وأنهم لم يتم التشاور معهم قبل تعليقات علنية أدلى بها وزير الطاقة السعودي خالد الفالح.
وسافر الفالح إلى المنتدى الاقتصادي لروسيا في سان بطرسبرغ، الشهر الماضي (مايو/أيار 2018)، وقال إن المملكة مستعدة لتخفيف تدريجي للقيود على إنتاج النفط؛ لتهدئة مخاوف المستهلكين. وأثار هذا التحول أيضاً غضباً بين بعض المنتجين خارج منطقة الخليج.
وقال مصدر ثانٍ في “أوبك”: “بعض الناس شعروا بأنهم لم يتم التشاور معهم بشكل مناسب قبل التعليقات التي صدرت في سان بطرسبرغ”.
ومنذ أن رُفعت العقوبات الدولية الأصلية في يناير/كانون الثاني 2016، واجهت إيران صعوبة في زيادة إنتاجها النفطي فوق 4 ملايين برميل يومياً. ويرجع هذا إلى نقص في المشاريع الجديدة.
وستستفيد إيران بشكل أقل من السعودية من زيادة في الإمدادات إذا لم تتمكن من زيادة إنتاجها، وأيضاً من انخفاض السعر لإنتاجها الحالي. وقال مصدر ثالث في “أوبك” إن زيادة في الإنتاج لمجرد أن واشنطن طلبتها ستتعارض مع ميثاق “أوبك”. وأضاف قائلاً: “بالنسبة لبعض أعضاء أوبك، هذا كثير جداً”.
السعودية مصدر مهم للإمدادات النفطية لأميركا
وانخفض اعتماد الولايات المتحدة على واردات الخام السعودي في الأعوام القليلة الماضية، فيما يرجع بين أسباب أخرى إلى ارتفاع انتاج النفط الصخري المحلي، لكن السعودية تبقى مصدراً مهماً للإمدادات إلى أميركا.
ووفقاً لأرقام من إدارة معلومات الطاقة الأميركية، استوردت الولايات المتحدة 748 ألف برميل يومياً من السعودية في مارس/آذار 2018، بعد أن كان وصل إلى الذروة في حقبة ما بعد عقد السبعينيات عند أكثر من مليوني برميل يومياً في 2003.
وذكرت “رويترز”، في أواخر مايو 2018، أن “أوبك” وحلفاءها قد يزيدون الإنتاج بنحو مليون برميل يومياً بدءاً من يوليو/تموز 2018؛ للتعويض عن أي نقص محتمل في إمدادات النفط.
وتقول المصادر إن التحول في موقف الرياض أثارته ضغوط من واشنطن ودول أخرى مستهلكة للنفط، لكنه لا يعكس قلقاً بالسعودية من أنه يوجد عجز في الإمدادات.
وفي أواخر أبريل 2018، انتقد ترامب في تغريدة على موقع تويتر “أوبك”؛ بسبب أسعار النفط المرتفعة. وعبرت الهند والصين أيضاً عن القلق بشأن صعود الأسعار في اتصالين هاتفيين منفصلين مع الفالح.
وقال مصدر رابع في “أوبك”: “التفكير من قبلُ كان مواصلة اتفاق أوبك حتى نهاية العام… لكن ترامب والاتفاق النووي الإيراني حدثا بعد ذلك وبدأت الدول المستهلكة تشتكي. المستهلكون مهمون جداً لنا”.