في سابقة جديدة . يهود إلمان ينضمون لحزب متعاطف مع هتلر ويكره المسلمين
إنه الحزب السياسي الوحيد في ألمانيا الذي يعلن أن «كراهية اليهود» هي «جزءٌ لا يتجزَّأ» من الإسلام، ويقول علانيةً إن العقيدة الدينية الإسلامية «لا تتماشى مع الدستور الألماني».
هذه هي وجهة نظر ديمتري شولتز حيال حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف. وشولتز هو يهوديٌّ وُلِد في الاتحاد السوفييتي، وانتقل إلى ألمانيا مع أبويه طفلاً صغيراً، وهو واحدٌ من قائمةٍ محدودةٍ من اليهود المناصرين لحزب البديل من أجل ألمانيا، ويرون أن الحزب بمثابة درعٍ وسيفٍ في وجه التهديد الإسلامي على أوروبا، حسب تقرير لصحيفة”فاينانشال تايمز” البريطانية.
شولتز هو عضوٌ في حزب البديل من أجل ألمانيا منذ 4 سنواتٍ. ومن المقرَّر أن يصل إلى مستوى جديد اليوم السبت 6 أكتوبر، إذ ينشئ فصيلاً باسم «يهود البديل من أجل ألمانيا»، ويقول إنه الحزب الوحيد الملتزم تمام الالتزام بالدفاع عن القيم الألمانية التقليدية اليهودية المسيحية. ويتوقَّع مؤسِّسو هذا الفصيل أن يصل عدد أعضائه إلى 1400 عضوٍ.
ومن جهتهم، يرى قادة الحزب أن إنشاء هذا الفصيل مؤشِّر على زيادة إقبال المواطنين المحافظين على حزب البديل من أجل ألمانيا، بغض النظر عن هويتهم الدينية أو العرقية. ويأتي هذا في ظلِّ الانتصارات الكبيرة التي يحققها الحزب في الاستفتاءات؛ إذ يعتبره البعض ثاني أحزاب ألمانيا شعبيةً، متقدِّماً على الحزب الاشتراكي الديمقراطي اليساري الوسطي ومتخلِّفاً فقط عن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي ترأسه أنجيلا ميركل.
لكن ما هي تحفظات القادة اليهود؟
ولكن مبادرة شولتز هي مبادرةٌ مثيرةٌ للجدل، وفق تقرير لصحيفة The Financial Times البريطانية، فعلى سبيل المثال، يقول القادة اليهود إنه ليس حرياً باليهود التحالف مع منظَّمةٍ هي في حدِّ ذاتها لها ميولٌ معاديةٌ للسامية.
يقول جوري غولدستاين، محامٍ وقائدٌ مجتمعيٌّ في ولاية تورينغن الشرقية الألمانية، إن أمثال شولتز «يستغلُّهم حزب البديل من أجل ألمانيا لاكتساب واجهة من الاحترام». وأكمل حديثه: «ليس من مصلحة يهود ألمانيا على الإطلاق ربط اسمهم بهذا الحزب».
نشر تحالف كبرى المنظمات اليهودية الألمانية الخميس 4 أكتوبر/تشرين الأول بياناً مشتركاً يصف فيه البديل من أجل ألمانيا بأنه «خطرٌ على الحياة اليهودية في ألمانيا». وورد في البيان أن الحزب «ضد الديمقراطية، وغير إنساني، وإلى حدٍّ كبير يميني راديكالي».
وأشارت المنظَّمات إلى أن قادة البديل من أجل ألمانيا كانوا في صف النازيين الجدد و «حليقي الرؤوس» في المسيرات الاحتجاجية التي نُظِّمَت مؤخراً في مدينة كيمنتس، والتي كان سببها مصرع رجلٍ من سكَّان المدينة زُعِمَ أنه كان على أيدي لاجئين عرب مقيمين في المدينة الألمانية الشرقية. وقال البيان مُعلِّقاً على ذلك: «لم يخجلوا من النزول إلى الشوارع مع أشخاصٍ يؤدُّون تحية هتلر».
ويأتي إنشاء جماعة «يهود البديل من أجل ألمانيا» في وقتٍ تتزايد فيه المخاوف نحو التحديات التي تواجهها ألمانيا في استيعاب ما يزيد عن مليون لاجئٍ -معظمهم من دولٍ مسلمةٍ مثل سوريا وأفغانستان- وَفَدوا على ألمانيا منذ 2015.
يخشى المحافظون أن القادمين الجدد سيتمنَّعون عن القيم الغربية مثل التسامح مع الأقليات، واحترام حكم القانون، والمساواة بين الجنسين. وعبَّر يهودٌ ألمان عن قلقهم إزاء الآراء المعادية للسامية جهاراً لبعض اللاجئين. وحديثاً، جَلَد مهاجرٌ فلسطينيٌّ مواطناً إسرائيلياً يرتدي القبعة اليهودية في وضح النار بشوارع برلين.
اليهود أطلقوا جرس الإنذار بشأن التهديدات
فضلاً عن أن اليهود قد أطلقوا كذلك في دولٍ أوروبيةٍ أخرى جرس الإنذار بشأن التهديدات التي تُشكِّلها هجرة المسلمين على المجتمعات الليبرالية الحديثة. وفي كتابه الصادر عام 2013 «L’Identité malheureuse»، اتهم آلان فينكيلكراوت، الفيلسوف الفرنسي الذي يعتنق توجه المحافظين الجدد، المجتمعات الأوروبية بالخنوع أمام الإسلاميين باسم التسامح والليبرالية.
ولكن منتقدي حزب البديل من أجل ألمانيا يقولون إنه ليس مكاناً ملائماً لليهود. إذ يقترن اسم الحزب لديهم بأشخاصٍ مثل بيورن هوكه، وهو سياسيٌّ قوميٌّ متشدِّدٌ متَّهمٌ منذ زمنٍ طويلٍ بارتباطه بالحركة النازية الجديدة في ألمانيا. وهوكه هو قائد الحزب في تورينغن، وقد أسفر خطابٌ سيئ السمعة ألقاه العام الماضي عن غضبٍ كبير بسبب إشارته إلى النصب التذكاري للهولوكوست في وسط برلين بأنه «وصمة عارٍ».
وقال غولدستاين: «طالما أن هوكه متواجدٌ في حزب البديل من أجل ألمانيا، لا يمكنني بصفتي يهودياً أن تكون لي صلة بهم». وأردف قائلاً: «الحزب في قبضة أمثاله».
الحزب أبدى ميولاً نحو «الاستخفاف بالهولوكوست»
وتابع أن الحزب، منذ تأسيسه، قد أبدى ميولاً نحو «الاستخفاف بالهولوكوست». إذ يقارن مسؤولو الحزب على الدوام الهولوكوست بقصف الحلفاء لمدينة دريسدن عام 1945 أثناء الحرب العالمية الثانية. وفي يونيو/حزيران الماضي، قال ألكسندر غاولاند، زعيم البديل من أجل ألمانيا، إن هتلر والنازيين كانوا «مجرد نقطةٍ سلبيةٍ» في بحر التاريخ الألماني الممتد إلى ما قبل ألف سنة.
ولكنَّ آراء كهذه لم تصدَّ فولفغانغ فول عن الانضمام إلى الحزب، وهو يهودي من ولاية بادن-فورتمبرغ وأحد مؤسِّسي الجماعة اليهودية الجديدة الموالية لحزب البديل من أجل ألمانيا. وكان ما جذبه إلى الحزب هو اعتراضه على المساعدات المالية المقدَّمة إلى اليونان، والتزامه بالحَدِّ من الهجرة. ومع أن فول يعترف بأن بعض أعضاء البديل من أجل ألمانيا قد يكون لديهم مشاكل مع اليهود، «فهذا لا يعني أن أعضاء الحزب الـ30 ألفاً كلهم معادون للسامية».
وأضاف فول أن الفصيل اليهودي الجديد للحزب من شأنه التركيز على «الحفاظ على الحياة اليهودية في ألمانيا وأوروبا»، منادياً بتغطيةٍ إعلاميةٍ أعدل لإسرائيل ومشجِّعاً ألمانيا «على الانسحاب من المنظمات الدولية التي تغلغل فيها الإسلاميون منذ زمنٍ». واستطرد قائلاً إن «نظام ميركل» ينبغي أن «يُجبَر على التخلي عن دعمه للكراهية والتحريض».
ومع ذلك، ما زال كثيرٌ من اليهود الألمانيين في حيرةٍ من تأييد فولفغانغ فول لحزب البديل من أجل ألمانيا. إذ قالت شارلوت نوبلوخ، إحدى الناجين من الهولوكوست ورئيسة الجالية اليهودية في ميونخ: «من غير المفهوم بتاتاً كيف يبرِّر أشخاصٌ يهوديون لأنفسهم عضويَّتهم في حزبٍ كهذا». فهي ترى أن معادي السامية في الحزب «لهم اليد العليا».