فورين بوليسي: قطع الحوار مع الدبلوماسية الإيرانية ومعاقبة ظريف خطأ
دعا توماس شانون وجون ببلينجر إدارة الرئيس دونالد ترامب فتح حوار مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف. وقالا إن فرصة وجوده والرئيس حسن روحاني في نيويورك هي مناسبة للتحاور.
ورفض روحاني في خطابه أمام الجمعية العامة للأمن المتحدة يوم الأربعاء الحوار مع إدارة ترامب طالما استمر نظام العقوبات واتهم أمريكا بـ “القرصنة الدولية”.
وفي يوليو قامت إدارة ترامب بخطوة غير عادية وفرضت عقوبات على ظريف وجمد ما تبقى له من أرصدة في الولايات المتحدة ومنع الأمريكيين من الحديث معه أو عقد عقود وعلقت تأشيرة الدخول إلى أمريكا.
وفي الوقت الذي سمحت له بطريقة استثنائية حضور اجتماعات الجمعية العامة إلا أنها أكدت عدم حديثها معه وهو في نيويورك. وفي الوقت الذي تقوم الولايات المتحدة بنشر قوات في السعودية وتفكر بعمل عسكري ضد إيران ردا على الهجمات الأخيرة ضد المنشآت النفطية السعودية، يجب على واشنطن فتح قنوات اتصال لا إغلاقها مع إيران. وكما قال السناتور راند بول ردا على فرض العقوبات على ظريف “لو عاقبت الدبلوماسيين فلن يكون لديك دبلوماسية”.
وبررت الإدارة قرارها ضد ظريف الذي كان من المفاوضين البارزين في الإتفاقية النووية بأنه يتصرف كرجل دعائي نيابة عن النظام. وقال ستيفن منوشين، وزير الخزانة “يقوم جواد ظريف بتطبيق الأجندة المتهورة للمرشد الأعلى والمتحدث الرئيسي للنظام حول العالم”.
فيما وصفه مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون بلغة أكثر وقاحة عندما وصف ظريف بالرجل المحتال والنصاب. وحتى ولو لم تتفق الإدارة مع ظريف ورسالته فهو الشخصية الدبلوماسية البارزة الموكلة بتمثيل بلادها أمام الأمريكيين. ولدى الرئاسات الأمريكية تاريخ بالعمل مع دبلوماسيين أجانب لا يتفقون معهم. فقد قال وزير الخارجية السابق هنري كيسنجر عن أندري غروميكو، وزير خارجية الإتحاد السوفييتي بأنه “كمتحدث باسم بلده الذي لم ينتصر إلا من خلال القوة الغاشمة فقد كان مجبرا على امتحان قوته في كل مواجهة.. وحمى بلده في أوقات الإضطرابات وغطى على ضعفه ودافع عن أهدافها”، وكان الرجلان عدوان لكنهما احتفظا باحترام متبادل. كما أن الفكرة عن ظريف باعتباره قشرة فارغة عن النظام لا يمكن قبولها. وأي شخص راقب المحادثات التي شارك فيها ظريف لتوقيع الإتفاقية النووية التي خرج منها ترامب العام الماضي تكشف أنه قادها بمهنية عالية.
ومارس تأثيرا قويا على الحكومة الإيرانية. وبالتأكيد فإن إدارة ترامب التي انتقدت الإتفاقية وخرجت منها أثنت في الماضي على ظريف. فمن وجهة نظرا إدارة ترامب فقد كان ظريف متفوقا ليس على الدبلوماسيين الأمريكيين بل والصينيين والروس والإتحاد الأوروبي. ومن هنا فالعقوبات المفروضة على ظريف تظل رمزية، فهو لا يملك عقارات في أمريكا ومن غير المحتمل أن يدير عقودا تجارية فيها.
ولكن العقوبات تشمل تعليق تأشيرة ظريف للدخول إلى أمريكا إلا في حالة قرر وزير الخارجية لظرف استثنائي مثل المشاركة في جلسات الأمم المتحدة ولكن أي قرار بالمنع يعتبر خرقا لاتفاق مقرات الأمم المتحدة، الموقع عام 1947 ووافقت عليه الولايات المتحدة ويقضي بعدم فرض حظر للسفر على ممثلين في الأمم المتحدة إلا في حالة تحفظ الكونغرس بناء على أمور تتعلق بالأمن القومي. ومع أن الولايات المتحدة منعت دبلوماسيين إيرانيين في السابق على أساس الأمن القومي إلا أن منعهم مرتبط بعلاقتهم بالسيطرة على السفارة الأمريكية في طهران عام 1979.
وربما لم تعجب تصريحات ظريف المسؤولين الأمريكيين لكنهم لم يقدموا أدلة عن خطورته على الأمن القومي او علاقته بهجمات ضد الولايات المتحدة. فعندما التقى وزير الخارجية جون كيري في الأمم المتحدة عام 2013 كان أول لقاء بين دبلوماسي أمريكي وإيراني منذ أربعة عقود. والتقى ريكس تيلرسون ظريف عام 2017 ومنذ ذلك لم تحدث لقاءات. وبعد عامين هناك الكثير من القضايا التي تحتاج للنقاش مثل الهجمات الأخيرة على السعودية والرهائن الأمريكيين في إيران ومشكلة انتشار السلاح النووي وأمن الملاحة في الخليج ومضيق هرمز. ولا يمكن للولايات المتحدة حل هذه المشاكل من خلال عزل واحتقار الدبلوماسيين الإيرانيين. ولا يمكن التقدم إلا من خلال التحاور مع المسؤولين الإيرانيين بمن فيهم ظريف. وحان الوقت لعودة الدبلوماسيين الأمريكيين والإيرانيين إلى طاولة المفاوضات واحترام جدية الوضع.