فوربس: مصر تبني “تحفةً هندسيةً معقَّدة” أكبر ناطحة سحاب في إفريقيا على النيل
تعمل مصر على تشييد أطول ناطحة سحاب في إفريقيا، وذلك على قطعة الأرض الأخيرة بالقرب من مثلث ماسبيرو، على طول نهر النيل في وسط القاهرة.
ويعتبر المبنى وفقاً لمجلة “فوربس” الأمريكية تحفةً هندسيةً معقَّدة، حيث سيُقام على قاعدة مثلّثة الشكل، ليرتفع بشكل انسيابي، ليشكل ناطحة سحاب مستطيلة، ترتفع إلى 70 طابقاً، وتوفر رؤية شاملة لنهر النيل من جميع الطوابق، وللأهرامات من الطوابق العليا.
وهو بمثابة نصب تذكاري، يبعث رسالة مفادها: أنه بعد سنوات من عدم الاستقرار أصبحت مصر جاهزة للاستثمار.
«نايل تاور» ذو الـ120,000 مترٍ مربع، وموقعه على ضفاف نهر النيل بالقرب من وسط المدينة، صمَّمته المهندسة المعمارية الراحلة زها حديد في عام 2007، وسيكون جزءاً من خطة لتحويل المنطقة بين وسط القاهرة ونهر النيل إلى منطقة راقية.
فندق نايل تاور يواجه أزمة مالية بسبب انخفاض قيمة الجنيه المصري
وقالت الصحيفة الأميركية، إنه تم تحديد تكلفة إنشاء المبنى بـ600 مليون دولار، مع أنه من المرجح أن يضاف إلى هذا المبلغ أكثر من 150 مليون دولار وفقاً لما ذكره ضياء طنطاوي، مدير التصميم في شركة Living In Interiors، وهي الشركة التي تتولى تنفيذ المشروع.
يتضخم البرج في الطوابق العليا لزيادة الواجهة المطلة على النيل، الذي يأتي زوّاره من مختلف أنحاء العالم، عملاً بالقول «من يشرب من ماء النيل، لا بد أن يزوره من جديد».
وعن الـ»Glass Plaza»، أسفل البرج، فتعتمد فكرته على دخول الشمس، باستخدام مسطحات أفقية، وزجاجية، يتغير معها شكل الواجهة خلال ساعات النهار بتغير زاوية وشدة أشعة الشمس، وهو خالٍ من الأعمدة، وكل ما يتسبب في إعاقة الحركة، ويمكن استخدامه في الحفلات والمناسبات.
وهم في الوقت الحالي، يواجهون تحدياً رئيسياً واحداً، يوضحه طنطاوي بقوله: «المشكلة في الجنيه المصري».
فبينما تحاول مصر تنفيذ إصلاحات اقتصادية، تنخفض قيمة الجنيه، مما يزيد من تكلفة مواد البناء المستوردة.
وتحاول الحكومة الدفع بالمشروعات العقارية لإنجاح خطتها الإصلاحية
وقالت الصحيفة الأميركية، إنه على الرغم من التكلفة العالية، فإن منفذي المشروع قد بدأوا عمليات الحفر؛ لأن قطاع الإنشاءات أمر حيوي لدفع عجلة النمو في الاقتصاد المحلي، وهو أمر أساسي لنجاح خطة الحكومة الإصلاحية.
وفي الوقت الحالي، هناك 1400 مشروع بناء نشط في مصر بقيمة 248.2 مليار دولار.
وتقول فرح كمال، منسقة العلاقات العامة في Living In Interiors، إن المبنى علامة على أن «الاقتصاد المصري وتنمية البلاد يعاودان النهوض من جديد».
وسبق أن طرح مشروع نايل تاور للنقاش في عهد الرئيس الأسبق مبارك
ورصدت الصحيفة الأميركية، تاريخ بداية المشروع، وقالت المشروع نوقش لأول مرة منذ عقد من الزمان في عهد الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، ولكنه أُجِّل في أعقاب الثورة التي أطاحت به من منصبه في عام 2011.
وقد حصل المبنى في الوقت الحالي على دعم من الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، بحسب ما صرَّح به مدير شركة Living In Interiors أشرف الطناني.
ويقول إن السيسي حريص جداً على تنفيذ المشروع، وإن الحكومة تعمل مع Living In Interiors للحصول على ترخيص سليم بشأن الأمور المتعلقة بالتصميم، مثل ارتفاع المبنى.
ومن حيث جعله قابلاً للتطبيق من الناحية المالية، يقول الطناني إنه يتفاوض حالياً مع المستثمرين من جميع أنحاء أوروبا.
ويقول إن «هذا مهم جداً للاقتصاد المصري في الوقت الحالي».
يهدف نايل تاور إلى نقل رسالة إلى الخارج، بأن البلد في حالة نمو.
يقول طنطاوي: «سوف يغير هذا المشروع الطريقة التي ينظر بها العالم بأسره إلى مصر. نحن الآن أقوياء، ونتزعّم إفريقيا والشرق الأوسط، ويمكنكم الاستثمار معنا».
ويأتي الاستثمار بثمن باهظ، فوفقاً لخطة إنشاء البرج الحالية، ستكون الطوابق الـ36 الأولى عبارة عن شقق.
أما الطوابق الـ18 الوسطى فستكون فندقاً يضم ما يقرب 230 غرفة، وستُحجَز الطوابق المتبقية في الأسفل لمرافق ترفيهية، مثل كازينو، ونادٍ ليلي، ونادٍ صحي، ومراكز للتسوق.
ويتوقع طنطاوي أن الشقق ستكون باهظة الثمن، على النقيض من الكثير من المساكن الموجودة حالياً في المنطقة.
وبسبب إصرار الحكومة على تنفيذ المشروع يتم تهجير الأهالي أصحاب الأرض التي يقام عليها المبنى
وكشفت الصحيفة الأميركية أن الهدف من بناء مثل هذا المشروع، هو تجديد المنطقة بين وسط المدينة ونهر النيل، وإعادة الاستثمار إلى قلب القاهرة.
فعلى مدى العقود القليلة الماضية، انتقلت المساكن الراقية والشركات إلى ضواحي المدينة.
ومع انتقال الطبقة الغنية بعيداً عن المركز، ظلَّ السكان من الطبقتين المتوسطة والفقيرة في قلب القاهرة.
ومع ذلك، فهؤلاء السكان سيتم تهجيرهم من المنطقة، أو الدفع لهم ليخرجوا، لأن هناك مشاريع فخمة يُقترح إقامتها.
والمنطقة الواقعة على طول الطريق من «نايل تاور»، هي منطقة فقيرة تسمى «مثلث ماسبيرو»، وقد خطَّطت الحكومة لسنوات لإعادة تطويرها.
وفي عام 2013، في أعقاب الثورة، عملت وزيرة الإسكان ليلى إسكندر مع المهندسين المعماريين والمقيمين المحليين لوضع خطة تطوير شاملة للمنطقة.
ومع ذلك، في عام 2015، حلَّ مصطفى مدبولي محل إسكندر
وهو أحد العناصر الرئيسية المكلفة بتنفيذ خطة القاهرة 2050 في عهد مبارك، والمسؤول الرئيسي عن المشاريع التي تحول الأحياء الفقيرة إلى مجمعات تجارية، وفقاً لصحيفة “الجارديان”، وذهبت خطة إسكندر أدراج الرياح.
وفي ربيع هذا العام، هدمت الحكومة المساكن الفقيرة في مثلث ماسبيرو لإفساح المجال لإقامة منشآت راقية متعددة الأهداف، صمَّمتها شركة Foster + Partners البريطانية، التي انتُقدت لتجاهلها سكان تلك الأحياء وتراثهم.
وللقيام بذلك، قُدّم عرض لحوالي 4.300 عائلة بتلقي تعويضات ومغادرة المنطقة.
ولكونه يعمل في مجال البناء، يدعم طنطاوي هذا القرار. ويقول إنه سيكون من الصعب للغاية تطويرالمكان بحالته تلك، ولذلك فمن الضروري التخلص من السكان الحاليين والبدء من الصفر.
ومع اقتراب الحكومة من بدء المراحل الأولى من إعادة البناء، يقول طنطاوي إنه الوقت المناسب للبدء في تشييد نايل تاور.
ولن تكون مواقع الهدم والأحياء الفقيرة الموجودة خلف نايل تاور مرئية من البرج نفسه.
وصُمم المبنى بواجهة زجاجية في الأمام، ونوافذ بفتحات في الخلف، مما يحجب قاطني المبنى عن أعمال البناء.
يقول طنطاوي، إنه خلال السنوات القليلة المقبلة ستكون منطقة ماسبيرو «القاهرة الجديدة الحديثة».
ومع ذلك، فإن نايل تاور يُظهر أن لهذه القاهرة الجديدة جذوراً في الماضي.
ومع ارتفاع المشاريع المخطط لها قبل الثورة في السماء، تعاود خطط التنمية الازدهار في المكان الذي توقفت فيه.
استعانة الأهالي باللجان المتخصصة لإثبات سلامة مبانيهم وأنها لا تحتاج إلى الإزالة
وفي بداية الشهر الحالي، بدأت الحكومة في هدم ما تبقَّى من العقارات المطلة على شارع 26 يوليو، ضمن خطة تطوير مثلث ماسبيرو التي أعلنتها الحكومة، وتنفذها وزارة الإسكان بالتعاون مع صندوق تطوير العشوائيات ومحافظة القاهرة.
وفي خطوة استباقية استعان عدد من سكان 26 يوليو، بلجان هندسية معتمدة من نقابة المهندسين؛ لتأكيد سلامة 3 مبانٍ موجودة بالمنطقة التي يشملها مشروع التطوير.
وأثبتت التقارير سلامة ومتانة العقارين رقم (56-58) بشارع 26 يوليو، والعقار رقم 14 شارع ابن اليازري.
ورغم التقارير الهندسية التي حصلوا عليها، فإن اللواء إبراهيم عبدالهادي، رئيس حي بولاق، أكد أنه لا بديل عن إزالة وهدم أي عقارات موجودة بالمنطقة المراد تطويرها.
ويأتي تطوير ماسبيرو بالنتائج السلبية على السكان، إذ إنه سيُخلي ما يقرب من 70 فداناً من الأرض التي تمتلك منها الدولة حالياً 10% فقط، في حين تخضع 25% من الأرض لملكية الأفراد.
وبحسب تقرير لموقع «مدى مصر» نُشر نهاية شهر يناير لماضي، فقد رحل عن المنطقة ما يزيد على 400 أسرة، هم من تسلّموا شققاً في حي الأسمرات بالمقطم.
كما تسلم ما يزيد على 80% من الأهالي تعويضات مادية، مجحفة في حالات كثيرة، منهم 20% يقيمون بالمنطقة بالفعل، أما الآخرون فيعيشون في مناطق أخرى في القاهرة، ولديهم أملاك ومواريث مشتركة في عقارات في مثلث ماسبيرو