فرنسي يستغرق 10 أشهر لصنع شطيرة
قرر الفرنسي بنجامين كارل إعداد شطيرة واحدةٍ له من نقطة البداية؛ بدءاً بزراعة القمح، وإنتاج الدقيق، وإعداد الخبز، إلى بناء مزرعة خضراوات على أحد أسطح منازل باريس، واصطياد سمك التونة، مروراً بتربية الدجاج للحصول على البيض.
وبعد 10 أشهر، حصل الرجل البالغ من العمر 30 عاماً على شطيرته، التي أصرَّ أن يتذوق فيها أفضلَ جهده المبذول لإعدادها. وزعم كارل أيضاً أن هذه العملية قد كشفت عن حقيقة وجودية في العصر الحديث؛ وهي أن جيل الألفية منخرط في بحث يائس عن شيء ما ليفعلوه بأيديهم.
يقول كارل “حبيبتي تقوم بالحياكة، وأنا أرى الجميع من حولي والمزيد من الناس ذوي الوظائف اللطيفة يقضون مساءهم في إعداد نشاطٍ يدوي، ويُخبروننا جميعاً عنه”، وأضاف: “إننا جميعاً في مزاج (اصنعها بنفسك)، فالأمر كما لو أن وظائفنا العقلية تُعد مُجرّدة جداً وغير مرضية بالقدر الكافي. والناس أسعد بوجود نوع من الواقع المادي”.
وهذه ليست المرّة الأولى التي يُصعِّب فيها كارل الحياةَ على نفسه؛ ففي عام 2013، قرر العيش على المنتجات الفرنسية فقط، كجزءٍ من وثائقي تلفزيوني، وأحرز خلال تلك الفترة نسبة 96.9% من استخدام منتجات ذات ملصق “صنع في فرنسا”، بعدها تبيَّن للحكَّام وجود 6 شوكات من شركة أيكيا السويدية، وغيتار صيني الصنع، وطلاء حائط غير معروف الأصل في شقّته في باريس.
التحدي الأخير
ويُعد تحدّيه الأخير مادة لفيلم وثائقي يدعى “ساندوتش”، أو “كيف أعددت وجبتي الخفيفة بينما أتساءل عن القدرات اليدوية للفرنسيين، وأثناء محاولة العثور على بعض الكبرياء الشخصي”.
وفيه، نرى كارل يكسر ظهره في إعداد حوض زراعة ليزرع فيه القمح، ويعصر الزيتون للحصول على الزيت، ويغلي مياه البحر للحصول على الملح من أجل إعداد شطيرة بان باغنيت الفرنسية، التي ترجع أصولها إلى مدينة نيس، ويتم حشوها بالثوم وزيت الزيتون، وتشمل الملح والطماطم والفجل والبصل الأخضر والفلفل الأخضر والخرشوف، والتونة والبيض والريحان.
وثمة لعنة على أحد قوارب الصيد الباسكية هي وحدها، التي تمكنت من الكشف عن حدود كارل، فبوجه مُصفر من التعب اضطر للاعتراف بأن اصطياد سمكة تونة وزنها 65 كيلوغراماً كان شاقاً، حيث قال: “إنها مهمّة معقدة جداً بالنسبة لي.. وقد شعرت بدوار البحر”.
صناعة الأشياء بنفسك
ويعتقد كارل أن الإنتاج الضخم للشطائر التي يؤكل منها 2 مليون شطيرة سنوياً في فرنسا يعد “رمزاً لفقدان اللباقة وللنزعة الاستهلاكية المتفشّية”، وأن رد فعل جيله على هذا هو السعي لاستعادة القدرة على صناعة الأشياء بأنفسهم، بحسب قوله.
\
وفي الفيلم الوثائقي، يتحدَّث كارل مع أحد الفلاسفة، وأحد المتخصصين بعلم البقاء، وبعض المتحمّسين للعودة للطبيعة، في محاولة لإعادة إنتاج الحياة اليومية لإنسان ما قبل التاريخ، بما في ذلك حكّ الحجارة ببعضها البعض لإشعال اللهب.
ويقول كارل “إن حياة العمل أقل إرضاءً، حتّى إنها تبلغ النقطة التي تجعلنا فيها غير سعداء، إنها تكاد أن تكون مسألة حياة أن نعثر على شيء آخر لنفعله”، وأضاف أن المسافة المتزايدة بين المستهلك ونقطة الإنتاج قد أسفرت عن إحباط الكثيرين.
وتابع كارل قائلاً: “لقد جعلنا العالم الحديث نشعر بأننا بلا قيمة بأيدينا، إننا نشعر بالحاجة لفعل شيء ما بهما، نحن في حاجة لأن تتسخ أيدينا. لقد بدا الأمر سخيفاً بالنسبة لي أنني كنت فخوراً بزراعة الطماطم. وفي حين أنه من الأسهل بكثير أن نخرج ونشتري ما نريد، يصبح التحدّي الحقيقي في إعداد ما نريد بأنفسنا. أعتقد أنه في بعض النواحي، نعود طواعية إلى الوراء”.
وبسؤاله ما إذا كانت الشطيرة جيدة، قال كارل “لقد كانت مثالية”، وأضاف: “كي أكون أميناً، كان الخبز جافاً بعض الشيء، ولكن حتّى وإن كانت مقرفةً فأنا أجدها لذيذة للغاية”