فرنسا تعلن دعم حكومة «الوفاق» الليبية
تكثفت الحركة الدبلوماسية أمس في اليوم الرابع والثلاثين من الهجوم على طرابلس، من خلال استكمال الجولة الأوروبية لرئيس المجلس الرئاسي في حكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، فيما يعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الإثنين المقبل، اجتماعا في بروكسل لبحث ملف الأزمة الليبية.
وأجرى السراج أمس محادثات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، وسط امتعاض فرنسي من تصريحات وزير الداخلية المفوض في حكومة الوفاق فتحي باشاغا، الذي اتهم فرنسا بالوقوف إلى جانب القائد العسكري للمنطقة الشرقية خليفة حفتر. واستبقت باريس قمة ماكرون السراج ببيان أصدرته الثلاثاء، واعتبرت فيه أن «الاتهام القائل بأنّ فرنسا ضد الحكومة الليبية ومؤيدة (لحفتر) يبدو لنا غير مقبول البتة، وجائرا بالنظر إلى الجهود التي بذلتها فرنسا لدعم الحكومة برئاسة السرّاج ودعم المسار السياسي قبل عامين، وهو (موقف) غير مسؤول تماما». وأفاد بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية أن ماكرون جدد خلال اجتماعه مع السراج أمس في قصر الإليزيه «دعم فرنسا لرئيس حكومة الوفاق، مع الدعوة في الوقت ذاته إلى وقف إطلاق النار». وأوضحت المصادر أن ماكرون «شجع على إقرار وقف لإطلاق النار من دون شروط وترسيم خطوط وقف النار، بإشراف دولي، لتحديد إطاره الدقيق» حسب البيان.
وزاد البيان أن الزعيمين اتفقا على «أهمية توسعة وتعميق الحوار مع مجمل مكونات الأمة الليبية، في الشرق كما في الغرب والجنوب، بما في ذلك المجتمع المدني»، إلا أن حكومة السراج المعترف بها دوليا، ترفض الالتزام بوقف إطلاق النار إذا لم تعد قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر إلى مواقعها قبل الرابع من أبريل/نيسان الماضي.
وفي معلومات من مصدر مطلع في باريس أن ماكرون وضع السراج خلال لقائهما أمس بصورة الاتصالات التي أجرتها الرئاسة الفرنسية مع أطراف الأزمة وجهات إقليمية ودولية كثيرة لوقف الحرب. وتركزت الاتصالات على العواصم التي يزورها السراج في جولته الحالية وهي روما وبرلين ولندن. لكن لم ترشح
معلومات عن مدى اتفاق السراج وماكرون على موعد محدد لوقف إطلاق النار وصيغه العملية.
ويُتوقع أن يصدر موقف أكثر تبلورا من الاجتماع التي يعتزم وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي عقده الإثنين المقبل في بروكسل لمناقشة الأزمة الليبية، بدعوة من مفوضة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني. ويراهن الأوروبيون على هذا الاجتماع لتوحيد المواقف مما يجري في ليبيا، بعدما تضاربت ردود الفعل الأوروبية تجاه هجوم قوات حفتر على طرابلس. وذكر مصدر أوروبي في بروكسل أن الوزراء سيجتمعون مع مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة الإثنين المقبل «لتبادل الآراء بشأن تطورات الوضع في ليبيا». ويقوم الاتحاد الأوروبي بتنسيق الجهود من أجل التوصل إلى حل سياسي في إطار اللجنة الرباعية الليبية، والتي تضم الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية.
وتشارك جماعات من المجتمع المدني الأوروبي في الجهود الرامية لمحاولة تقريب الشقة بين الفرقاء الليبيين.
وأفاد الباحث في مركز الدراسات المستقبلية مصطفى رحاب «القدس العربي» أن مجموعة «ديالوغ أدفايزر غروب» الاستشارية الهولندية جمعت أمس وجوها من النخب السياسية والأكاديمية الليبية في طرابلس، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبحضور نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني وليامز للبحث عن حلول لتجاوز الأزمة الراهنة.
عسكريا اتسمت ليلة الثلاثاء/ الأربعاء بكثافة الطلعات الجوية لطيران الطرفين، قوات المجلس الرئاسي وقوات حفتر. وقال سكان من طرابلس إنهم كانوا يسمعون أصوات الغارات في الضاحية الجنوبية للعاصمة من دون أن يروا الطائرات المغيرة. وعزا خبير عسكري أسباب تنفيذ الغارات في الليل إلى عدم قدرة المدفعية المضادة للطائرات على تحديد الهدف وإصابة الطائرات المُغيرة.
وأعلن الناطق باسم «عملية بركان الغضب» التابعة لقوات حكومة الوفاق، مصطفى المجعي، أمس، أن سلاح الجو الليبي نفذ سبع طلعات جوية استهدفت قاعدة الوطية ومعسكر الثامنة في مدينة غريان (80 كيلومترا جنوب
طرابلس) وتمركزا لقوات حفتر في بوابة الهيرة الشمالية، بالإضافة إلى رتل مسلح «كان فاراً من أرض المعركة» حسب المجعي، الذي أضاف في الإيجاز الصحافي حول تطور الاشتباكات في جنوب طرابلس، أن قوات حكومة الوفاق «بسطت سيطرتها على نقاط استراتيجية في منطقة الهيرة، قاطعة الطريق بين مدينة غريان وقوات حفتر في ضواحي طرابلس، لتقترب من بدء مرحلة جديدة» وصفها بـ«الحاسمة».