فرنسا تحذر من اختفاء لبنان.. وماكرون يبعث بـ”خارطة طريق للإصلاح” لتطبيقها قبل زيارته المرتقبة
قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، الخميس 27 أغسطس 2020، إن لبنان يواجه خطر اختفاء الدولة، بسبب تقاعس النخبة السياسية التي يتعين عليها تشكيل حكومة جديدة سريعاً لتنفيذ إصلاحات ضرورية للبلاد، في وقت أرسل فيه الرئيس ماكرون خارطة طريق للساسة اللبنانيين، تتناول إصلاحات سياسية واقتصادية ضرورية، من أجل السماح بتدفق المساعدات الأجنبية، وإنقاذ البلد من أزمات عديدة، منها الانهيار الاقتصادي.
لو دريان أضاف في حديث لإذاعة “آر.تي.إل”: “لن يوقع المجتمع الدولي شيكاً على بياض إذا لم تنفذ (السلطات) الإصلاحات. عليهم تنفيذها سريعاً، لأن الخطر اليوم هو اختفاء لبنان”.
رسالة ماكرون إلى لبنان: وذكر مصدر سياسي لبناني أنّ السفير الفرنسي لدى بيروت سلم “ورقة الأفكار” التي جاءت في صفحتين، إلا أن مصدراً دبلوماسياً في قصر الإليزيه أفاد بأنه لم يجرِ تسليم أي وثيقة للأطراف اللبنانية، فيما رفض مسؤول بوزارة الخارجية الفرنسية التعليق.
الإصلاحات الضرورية الواردة في الوثيقة تشمل تدقيقاً لحسابات البنك المركزي، وتشكيل حكومة مؤقتة قادرة على تنفيذ إصلاحات عاجلة، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في غضون عام.
وتقول الورقة الفرنسية “الأولوية ينبغي أن تكون تشكيل حكومة سريعاً لتفادي الفراغ في السلطة، والذي من شأنه أن يُغرق لبنان أكثر في الأزمة التي يعاني منها”.
إصلاحات عاجلة: فيما تتناول الورقة أربعة قطاعات أخرى بحاجة إلى عناية عاجلة، وهي المساعدة الإنسانية، وتعامُل السلطات مع جائحة كوفيد-19، وإعادة الإعمار بعد انفجار الرابع من أغسطس في مرفأ بيروت، والإصلاحات السياسية والاقتصادية وانتخابات برلمانية تشريعية.
الورقة دعت كذلك إلى إحراز تقدم في محادثات صندوق النقد الدولي، وإشراف الأمم المتحدة على أموال المساعدات الإنسانية الدولية التي تم التعهد بتقديمها للبنان في الأسابيع الأخيرة، فضلاً عن إجراء تحقيق محايد في سبب انفجار كميات هائلة من المواد شديدة الانفجار، والمخزّنة بشكل غير آمن في الميناء لسنوات.
تُشدد ورقة الأفكار الفرنسية على ضرورة إجراء تدقيق فوري وكامل في الماليات العامة، وإصلاح قطاع الكهرباء الذي يستنزف الأموال العامة، بينما يفشل في توفير كهرباء كافية.
وأضافت أنه يتعين على البرلمان سَن القوانين اللازمة لإحداث التغيير في الفترة الانتقالية. وجاء في الورقة “ينبغي على كل الكتل أن تصوّت على هذه الإجراءات لكي يتسنى للحكومة الجديدة إقرارها في الأشهر المقبلة”.
ويمكن لخارطة الطريق أن تعمق دور فرنسا في لبنان، الذي كان مستعمرة فرنسية.
كما تشير الورقة إلى أن باريس ستلعب دوراً رئيسياً في إعادة بناء مرفأ بيروت، وتعزيز الرعاية الصحية، وإرسال فرق من وزارة الخزانة والبنك المركزي، لدعم التدقيق المالي والمساعدة في تنظيم الانتخابات البرلمانية المبكرة، إلى جانب الاتحاد الأوروبي.
حكومة تصريف الأعمال اللبنانية الحالية، التي كانت قد تولت السلطة في يناير/كانون الثاني، بدعم من جماعة حزب الله وحلفائها، أخفقت في تحقيق تقدم في محادثات مع صندوق النقد الدولي من أجل حزمة إنقاذ، بسبب الجمود فيما يتعلق بالإصلاحات، ونزاع بخصوص حجم خسائر القطاع المالي.
انفجار المرفأ: وتأتي الخطة الفرنسية بعد أن استقالت الحكومة اللبنانية، هذا الشهر، على خلفية انفجار مرفأ بيروت، الذي راح ضحيته ما لا يقل عن 180 شخصاً، وأصيب نحو 6 آلاف آخرين، ودّمر أحياء بأكملها، وجدّد الاحتجاجات ضد النخبة الحاكمة بسبب الفساد المستشري وسوء الإدارة، اللذين أفضيا إلى أزمة مالية عميقة.
كما زار ماكرون بيروت بعد وقت قصير من الانفجار، وأوضح أنه لن تُقدم شيكات على بياض للدولة اللبنانية إذا لم تنفذ إصلاحات لمكافحة الهدر والفساد والإهمال.
وقال مصدر سياسي لبناني إن ماكرون أجرى منذ ذلك الحين عدة مكالمات هاتفية مع قادة سياسيين بارزين، في ظل نظام تقاسم السلطة الطائفي في البلاد. ومن المقرر أن يعود ماكرون إلى بيروت في الأول من سبتمبر.
كما حالت الخصومات السياسية والمصالح الطائفية دون تشكيل حكومة جديدة قادرة على معالجة الأزمة المالية التي عصفت بالعملة وأصابت النظام المصرفي بالشلل ونشرت الفقر.