فايننشال تايمز: على حلفاء واشنطن التحضير لرئاسة أمريكية جديدة
نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” مقالا لفيليب سيتفنز قال فيه إن على حلفاء الولايات التحضير لرئاسة جوزيف بايدن. وأضاف أن اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية في نوفمبر لا يمنح الأوروبيين وقتا للجلوس والانتظار. وأضاف أن ما يقوله “ليس تكهنا، ولكن من المفيد تخيل أن الأخبار القادمة تبدو جيدة، وما عليك إلا النظر بعد الصيف، وحدثان مهمان، الأول حديث العلماء عن لقاح أو علاج لكوفيد-19 يمكن أن يفتح الطريق أمام الخروج من الوباء. أما الحدث الثاني، فهو ما سمعه الكاتب من أصدقائه في مجال السياسة الخارجية عن إمكانية اختيار الأمريكيين رئيسا جديدا للولايات المتحدة”.
وأضاف أن معظم العالم يخرج من حالة الإغلاق، لكن التعافي من آثار كوفيد-19 ستظل متقطعا ومترددا حتى نتأكد من إمكانية القضاء على مرض كوفيد أو احتواؤه بالكامل. والمشكلة اليوم هي أن أي محاولة للعودة إلى الحياة الطبيعية قد تؤدي إلى موجة جديدة من الإصابات في فصل الخريف. ويعتقد علماء الأوبئة أن نوعا من العودة محتومة. والسؤال يظل مرتبطا بحجم الموجة. وطالما ظلت هناك تساؤلات حول اللقاح وإمكانية عودة الإصابات فسيظل قطاع الأعمال مترددا بالاستثمار الكافي لدفع عجلة تعافي الاقتصاد. ويظل العنصر الرئيسي في تقدمه المستمر هو الثقة. ومن خلال محو المخاطر المستقبلية فإن لقاح أو شركة تعد بتوفيره في مدى عام يعني تغير منظور النمو الاقتصادي.
ويرى الكاتب أن معظم التكهنات الحالية تقوم على أن المرض سيظل موجودا معنا وللأبد. ومن هنا فمنظور قمع المرض بالكامل يعطي الاقتصاد قدرة على العودة وبقوة أكثر من تلك التي حدثت في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008.
ويقول إن صناع السياسة خارج أمريكا لديهم استعداد للتكهن حول لقاح الفيروس لكنهم التزموا بالصمت حول الصورة الجيوسياسية لعام 2020 حالة لو لم يكن هناك فيروس كورونا.
وباستثناء مجموعة من الديكتاتوريين فأصدقاء وحلفاء الولايات المتحدة يقفون وراء المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن. وهناك وشوشات وهمسات بين القادة الأوروبيين حول فوز ثان للرئيس الحالي دونالد ترامب والذي سيكون كارثة على المجتمع الديمقراطي الذي يطلق عليه بالغرب. ويذكر الكاتب أن معظم القادة أخطأوا في التكهنات عام 2016 عندما اعتقدوا أن المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون ستكون الفائزة. والتكهن الآن بأن الناخبين الأمريكيين سيرفضون ترامب سيكون صعبا. إلا أن استطلاعات الرأي تقترح تقدم بايدن وأن لديه حظوظ أعلى من 50:50 للفوز بالبيت الأبيض. وخسر ترامب الكثير من الدعم داخل قاعدته الانتخابية ولن يعود الاقتصاد إلى قوته في مدى أشهر، فيما ستظل أزمة كوفيد-19 حاضرة والوفيات نتيجة له مستمرة. وربما تغيرت الظروف ولكن من التهور تجاهل إمكانية خسارة ترامب في عاصفة من التغريدات الغاضبة.
وفي النهاية فلن يغير انتصار بايدن العالم. فالتنافس الأمريكي- الصيني المتزايد لن يختفي. والشرق الأوسط بعيد كل البعد عن السلام فيما يظهر فلاديمير بوتين إشارات قليلة للتخلي عن الانتقام من الغرب. وأما الضغوط الناجمة عن العولمة وعدم المساواة فستظل وقودا للشعبوية. وتم تمزيق نسيج التعددية العالمية في الوقت الذي كانت فيه الآلية ضرورية لمواجهة التغيرات المناخية. وكل هذه مشاكل عصية على الحل حتى بوجود قيادة أمريكية متفاهمة. وبعد خروج ترامب المعروف بنزاوته فهناك حاجة لرئيس أمريكي يعود إلى اتفاقية المناخ في باريس. ورئيس يريد تقوية وليس تمزيق النظام الليبرالي. وسيكون تقدما على النظرة الأحادية التي تبناها ترامب. وكون الديمقراطية في تراجع هو نتاج احتقار زعيم أكبر دولة ديمقراطية في العالم لها. وهذا يعني أن على أصدقاء أمريكا الجلوس مكتوفي الأيدي. وعليهم والحالة هذه التفكير بطرق التعاون مع الرئيس الجديد لإعادة بناء النظام العالمي القائم الأصول. وهو نظام سترفضه الصين وروسيا لكنه سيكون ضروريا لحماية المصالح الحيوية للغرب. ونعرف أن بايدن من الداعمين الأقوياء للناتو. وسيكون انتخابه فرصة لكي يفي أعضاء الحلف بوعودهم والمساهمة أكثر للحفاظ عليه. وعبر المرشح الديمقراطي عن رغبة بإنقاذ الاتفاقية النووية مع إيران. وعلي الدول الأوروبية التفكير بالطرق التي تقنع فيها طهران الاستجابة لمظاهر قلق الأمريكيين. وتحتاج الدول الأوروبية التعاون مع اليابان واستراليا وكوريا الجنوبية تشكيل سياسة قوية تجاه الصين وتقوم على التعاون وحماية المصالح الغربية في الوقت نفسه. وأدت سياسة ترامب التي تتميز بالوعيد والعقوبات بالدول الأوروبية إلى رفض كل هذه الخيارات القاسية. فقد انتهت اللحظة القصيرة من تسيد أمريكا للعالم بعد الحرب البادرة، وهي لحظة اعتقدت أنها قادرة على تشكيله، ولن تعود أبدا. وكشفت رئاسة ترامب عن الإمكانية التدميرية التي تنجم عن تراجع الدور القيادي الأمريكي للعالم. ويجب على الحلفاء منح بايدن الشراكة، وهذا لا يعني عدم فوز ترامب ولكن كل الرهانات أمام امتحان.