فاينانشال تايمز: أردوغان يلعب بالنار بعزله رئيس المصرف المركزي
انتقدت صحيفة “فايننشال تايمز” قرار الرئيس رجب طيب أردوغان عزل رئيس المصرف المركزي قائلة إنه “ضربة جديدة للإقتصاد التركي”.
وقالت إن عزل حاكم المصرف المركزي مراد تشتينكايا يأتي في وقت حساس. وأضافت أن الرئيس أردوغان بعدما تعرض لخسارتين في صناديق الاقتراع هذا العام نصح بالاستفادة من الدروس والقيام بإصلاح الضرر الذي حصل في ظل حكمه، والاهتمام على الأقل بالاقتصاد التركي الهش. إلا أن قرار أردوغان السبت عزل حاكم المصرف المركزي يعطي إشارة أنه ليس في وارد تغيير ما اسمته ميوله الديكتاتورية أو التخلي عن سياساته الغير التقليدية في إدارة الاقتصاد.
وتقول الصحيفة إنه مرة أخرى يقوم أردوغان بإضعاف مؤسسة حيوية وسياسات الرقابة المالية لحكومته. ويقول الخبراء إن عزل مراد تشتنكايا غير قانوني ويأتي في مرحلة حرجة يمر بها الاقتصاد التركي الذي يعاني من حصار. وفي هذا الأسبوع يتوقع حصول تركيا على أول دفعة من منظومة صواريخ أس-400 الروسية الصنع بشكل يضع تركيا العضو في حلف الناتو على خط المواجهة ويزيد من مخاطر فرض واشنطن عقوبات عليها. وآخر ما تريده تركيا هو حادث غير ضروري يزيد من الضغوط على الليرة التركية المتقلبة ويخيف المستثمرين.
وتقول الصحيفة إن قرار أردوغان يأتي بعد إشارات عن حدوث استقرار في الاقتصاد بعد أزمة العام الماضي التي محت 30% من قيمة العملة ورفعت مستوى التضخم إلى 20% وأدخلت البلاد في حالة من الركود. وكل هذا كان نتاجا لسياسات أردوغان، عناده ورفضه زيادة سعر الفائدة الذي يحتاج إليه الاقتصاد لتخفيف الضغط على الاقتصاد وتغذى من سياسات الإقراض الحكومية التي أدت لارتفاع الأسعار ووسعت من العجز الحالي.
وأخافت مشاجرة بين أردوغان والرئيس دونالد ترامب المستثمرين بالإضافة لقراره تعيين صهره بيرات البيرق وزيرا للمالية. وشهد الاقتصاد ركودا هذا العام بسبب زيادة النفقات للحكومية والبنوك قبل الانتخابات البلدية. وبدأ التضخم بالتراجع حيث وصل إلى 15.4% في حزيران (يونيو). وهناك حديث بتخفيف مستوى سعر الفائدة بنسبة 24%. وتظل هذه مكاسب هشة حسب الصحيفة.
ويحذر المحللون من خطر ركود مزودج. وعبر الناخب التركي عن مواقفه من سياسات أردوغان الاقتصادية في الانتخابات الأخيرة التي نظمت في آذار (مارس). وبحسب الصحيفة فرغم ما تملكه الحكومة من سيطرة على الإعلام إلا أن حزب العدالة والتنمية الحاكم عانى من خسائر فادحة. وفقد الحزب السيطرة على أنقرة واسطنبول، قلب تركيا التجاري ولأول مرة منذ وصوله إلى الحكم قبل 17 عاما. وأضافت أن أردوغان لم يقبل بخسارة اسطنبول وأصر على إعادة الانتخابات فيها ليخسر مرشحه أمام مرشح المعارضة وبهامش أوسع. ولم يعترض الرئيس هذه المرة على النتائج. وحتى في داخل حزبه كان هناك أمل بالعودة للاستقرار وإصلاح الاقتصاد بعد سلسلة من الانتخابات الصاخبة التي أعقبت المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2016. وبحسب الصحيفة كانت هذه الطموحات على ما يبدو ساذجة. وهناك قلة ترى في الحاكم الجديد للمصرف المركزي مراد أويصال بالرجل الذي يستطيع الوقوف أمام أردوغان الذي وصف مرة الفوائد العالية بأنها “أم وأب كل الشرور”. ولا ينتظر الرأي العام من الرئيس تقديم سبب لعزله تشتينكايا الذي حصل على ثقة المستثمرين لعدم تخفيضه سعر الفائدة بشكل متعجل. وتختم الصحيفة أن أردوغان يلعب بالنار، خاصة أن اقتصاده يعتمد على تدفق المال الأجنبي. ويخاطر بنهايته لو دفع بالاقتصاد إلى حافة الهاوية ولكن بعد التسبب بآلام للمستهلكين والتجار الأتراك.