فانيتي فير: دعاوى قضائية ضد “قناة ترامب المفضلة” بعد تضليلها الرأي العام حول خطورة كورونا
عندما ظهر فيروس كورونا أطلق كبار المذيعين في شبكة “فوكس نيوز”، القناة المفضلة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سلسلة من التقارير والتصريحات ضللوا فيها المشاهدين حول طبيعة وخطورة فيروس كورونا. وتواجه الشبكة الآن منظور معركة قانونية بعدما أظهرت الاستطلاعات أن مذيعين فيها وهما تريش ريجان وشون هانيتي خدعا الرأي العام حول فيروس كورونا.
وقال كاليب إكمارا في مجلة “فانيتي فير” إن المذيعة الرئيسية تريش ريغان فصلت من القناة بعدما قالت إن فيروس كورونا مجرد مشاجرة وهي “محاولة لمحاكمة وشيطنة وتدمير الرئيس دونالد ترامب”. وهي تعليقات عكست رأي كل مذيع في شبكة فوكس لكنها هي الوحيدة التي تم فصلها.
ونقل موقع “ديلي بيست” الأسبوع الماضي عن عضو في مكتب مدير الشبكة روبرت ميردوخ قوله: “إن ريغان مثل “كبش الفداء” لنقاد القناة والذين سخروا من الشبكة لأنها ضللت بشكل خطير المشاهدين حول الفيروس القاتل”. ولم يؤد طرد ريغان إلى وقف حملة التضليل.
وبحسب تقارير إخبارية تحضر شبكة فوكس لاستشارة المحامين، ومواجهة منظور قائمة من الدعاوى القضائية لخرقها المصلحة العامة وتلقيها رسائل شجب لأنها قامت بحملة تضليل إعلامية حول الفيروس قبل انفجاره وتوسعه في الولايات المتحدة.
وجاءت أول دعوى قضائية يوم الخميس من مجلس واشنطن لزيادة الشفافية والأخلاق والتي ذكرت اسم ميردوخ وفوكس نيوز وكوماكاست وإي تي أند تي وغيرها من الكيانات المرتبطة بها كمتهمين. وتطالب بتعويضات معنوية حيث زعمت أن “المتهمين تصرفوا بنية سيئة وقاموا عن عمد وخبث بنشر معلومات غير صحيحة أنكروا فيها وقللوا من المخاطر التي تسبب بها فيروس كورونا المستجد أو كوفيد-19 والذي يعتبر الآن وباء وطنيا”. وبرر مدير مجلس واشنطن أرثر ويست الدعوى القضائية ضد فوكس نيوز بأنها قامت بجر الأمريكيين لإهمال إجراءات التباعد الاجتماعي. وقال: “هذا نوع البرامج فيه شر حقيقي”. وأضاف في تصريحات “لتايمز أوف سان دييغو”: “نعتقد أنها أخرت وتدخلت في الرد المناسب والسريع على وباء فيروس كورونا”.
وتقول المجلة إن “فوكس نيوز” مستعدة لأي محاكمة ستحدث في المستقبل. وتحدث مدير تنفيذي فيها مع “ديلي بيست”: “الإستراتيجية هي تجنب تسوية حتى لو كانت المعركة القضائية مكلفة وحتى لو أدت لنقل المحامين الذين يلاحقونها في سيارات الإسعاف”. وذكر المدير كيف نجح ميردوخ في تجنب قضيتين لهما علاقة بتغطية قتل المسؤول في اللجنة القومية للحزب الديمقراطي سيث ريتش، ورفضهما القاضي بدعم من شركة ويليام أند كونولي. وفي بيان لديلي بيست قالت المستشارة العامة لفوكس نيوز ليلي فو كلافي بأن دعوى مجلس واشنطن “مخطئة في الحقائق وتافهة من الناحية القانونية” و”سندافع عن أنفسنا بقوة وسنطالب بعقوبات مناسبة”.
وربما كان الوضع اليوم مختلفا عن قضية ريتش. وفي تصريحات لشبكة أم أس أني بي سي قال غابرييل شيرمان إن عاملين في فوكس نيوز عبروا عن قلق حقيقي وإن تقليلهم المبدئي من خطورة فيروس كورونا يعرض الشبكة لقضايا قانونية محتملة يقدمها مشاهدون يشعرون أنهم ضللوا وماتوا بسبب ذلك”. ومضى قائلا إن عائلة ميردوخ “تتعامل في أحاديثها الخاصة مع فيروس كورونا بشكل جدي”. وألغى ميردوخ بهدوء حفلة عيد ميلاده التاسع والثمانين في 11 مارس في وقت كان فيه هانيتي وريغان يخبران المشاهدين أن فيروس كورونا هو زيف ولو كشف عن أن الذين ماتوا بسببه، فهذا مسار جديد يعرض فوكس نيوز لدعاوى قضائية”.
وفي عدد من الاستطلاعات التي جرت قال المشاركون إن فوكس نيوز نجحت بحرف مفاهيم الرأي العام عن خطورة فيروس كورونا. ورغم وصول الوفيات من كوفيد-19 إلى أكثر من 10.000 شخص وتزايد عدد الإصابات عن 350.000، إلا أن 79% من المشاهدين لفوكس نيوز الذين ردوا على استطلاع بيو في الأسبوع الماضي قالوا إن الإعلام قام “بالمبالغة قليلا أو بشكل كبير من خطورة فيروس كورونا”. وبالمقارنة فإن نسبة 35% و54% من متابعي شبكتي أم أس أن بي سي وسي أن أن على التوالي قالوا إن الإعلام بالغ في تغطيته لفيروس كورونا.
وفي منتصف مارس كشف استطلاع أن من يتابعون فوكس نيوز يتجاهلون على الأغلب نصائح مراكز السيطرة على الأمراض ومنعها حول ضرورة البقاء في البيت أكثر من غير المتابعين الجمهوريين والديمقراطيين لشبكة فوكس نيوز.
وبنفس السياق كشف استطلاع لكل من يوغوف ومجلة إيكونوميست جرى في منتصف آذار/مارس أن متابعي فوكس نيوز وبالمقارنة مع متابعي القنوات الأخرى لا يعبرون عن قلق من فيروس كورونا. واقتبس الاستطلاع رسالة استنكار شديدة كتبها تود غيلتين أستاذ الصحافة بجامعة كولومبيا وأرسلها إلى ميردوخ وابنه، المدير التنفيذي لفوكس نيوز لاكلان ميردوخ. ووقع على الرسالة حتى الآن أكثر من 100 أستاذ جامعي من كليات الصحافة المهمة في جامعات مثل نورثين ويسترن وبيركلي وكولومبيا وجاء فيها: “الأخبار المضللة التي تصل إلى مشاهدي فوكس نيوز خطيرة على الصحة العامة. ولا نبالغ بالقول إن طريقة نشر الأخبار غير الصحيحة تمثل خطورة على متابعي القناة، ليس وحدهم، ففي وقت الوباء يؤثر سلوك الأفراد على عدد آخر من الناس أيضا”.
وفي مقابلة مع “نيوزويك” رد هانيتي غاضبا على الرسالة في محاولة لإعادة كتابة التاريخ وقال إن “رعاع الإعلام والأساتذة الليبراليين الكسالى لا يكلفون أنفسهم بالنظر لما قلته حول الفيروس. ولم أقل أبدا إنه “مزيف”. وأضاف: “لقد تعاملت مع هذا بجدية قبل أن يتعامل معه بقية الإعلام”.