غرب إفريقيا: قلق دولي إزاء توسع الإرهاب والقرصنة البحرية والجريمة العابرة للحدود
يزداد القلق الدولي إزاء التدهور الأمني الخطير في منطقة غرب إفريقيا وارتباط الوضع الأمني في هذه المنطقة الحساسة بالحالة الأمنية داخل جمهورية مالي، التي باتت أراضيها المجال المفتوح للعنف المسلح بكل أنواعه.
ويتواصل التعبير عن هذا القلق بشكل قوي ومستمر من خلال مجلس الأمن الدولي، ومن خلال تقارير مجموعة دول الساحل الخمس، وكذا من خلال الأخبار الواردة من عدة مواقع في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، التي تضاف للأوضاع الأمنية المتدهورة باستمرار في نيجريا ومنطقة بحيرة التشاد والكاميرون بسبب العمليات الإرهابية لحركة بوكو حرام الإرهابية.
وأكد مجلس الأمن الدولي، في بيان له، “انشغاله الكبير بتواصل وتصاعد مشكلات الأمن المزمنة في منطقة غرب إفريقيا وفي منطقة الساحل”.
وحدد المجلس “تهديدات معينة اعتبرها الأخطر والأهم، بينها الإرهاب والقرصنة البحرية والنزاعات بين المتمردين والمزارعين، والجريمة المنظمة العابرة للحدود”.
وأوضح المجلس الذي اعتمد على تقارير من مندوبية الأمم المتحدة في غرب إفريقيا: “إن الجريمة المنظمة الملاحظ انتشارها في منطقة غرب القارة تشمل الاتجار بالبشر وتهريب الأسلحة والاستغلال غير الشرعي للموارد الطبيعية”.
وأكد المجلس “أن أمن جمهورية مالي واستقرارها مرتبطان ارتباطا عضويا بأمن واستقرار منطقة الساحل، كما أنها مرتبطة باستقرار ليبيا واستقرار منطقة شمال إفريقيا كلها”.
وسجل المجلس بارتياح “المبادرات التي تقوم بها منظمات إقليمية، بينها الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، من أجل إرساء السلام في المنطقة”.
وشجع المجلس في هذا السياق “المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا ودول مجموعة الساحل (موريتانيا، مالي، النيجر، بوركينا فاسو، التشاد) على البحث عن مجالات التكامل بينها في مجال الوقاية من النزاعات وترسيخ الأمن في المنطقة“.
وثمن المجلس عاليا “أدوار مكتب الأمم المتحدة في غرب إفريقيا والساحل، وبخاصة تقديمه الدعم الفني للأمانة الدائمة لمجموعة الساحل”.
وأوصى المجلس “بتوحيد العمل الجماعي المقام به في المنطقة من طرف المنظمات الإقليمية وشبه الإقليمية من خلال الأطر القائمة”، معربا في هذا الصدد عن “ارتياحه إزاء التنسيق القوي للتعاون ببن الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي”.
وتمكنت مجموعة دول الساحل الخمس من وضع خطتها الخاصة بالتنمية والأمن، وإرساء برنامج للاستثمارات ذات الأولوية، إذ حدد رؤساء مجموعة دول الساحل قائمة بالتحديات التي تواجه المنطقة والتي يجب التركيز على رفعها.
ويتعلق الأمر بدعم السلام والأمن، والأمن الغذائي، والنشاط الرعوي، والتغيرات المناخية، والتحدي الديموغرافي، والصحة، وتقوية اللامركزية.
وتسعى مجموعة دول الساحل الخمس لتوظيف هذه المنظمة المشتركة في تنسيق سياسات التنمية والأمن في المجال الجغرافي للدول الأعضاء، بحيث تتحكم المجموعة في محركات التنمية وتسيطر بآليات أمنية وعسكرية على الإرهاب والعنف الذي يهدد المنطقة. ويسعى رؤساء البلدان الساحلية الخمسة على جعل هذه المنظمة إطارا مؤسسيا لتنسيق ومتابعة التعاون الإقليمي، ولتجسيد الرغبة المشتركة في مواجهة جماعية لمشاكل المنطقة ذات التجانس والتماثل الكبير.
وضمن القلق العام إزاء التدهور الأمني في غرب إفريقيا، عبرت منظمة “يونيسف” عن “انشغالها الكبير بازدياد أعداد الأطفال بين ضحايا عمليات العنف المسلح في مالي”.
وأكدت المنظمة “أنها أحصت أعدادا كبيرة من الأطفال بين ضحايا عمليات الاقتتال الأخيرة بين الميليشيات العرقية في مالي”.
وأوضحت المنظمة “أن عدد الأطفال الذين قتلوا خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري يفوق بالضعف عدد جميع المقتولين منهم خلال عام 2018”.
وأرجعت المنظمة ازدياد أعداد الأطفال القتلى والجرحى “إلى ازدياد الاقتتال العرقي في مالي، إذ قتل خلال الأشهر الستة المنقضية من العام الجاري 150 طفلا وجرح 75 آخرون”.
وأشارت المنظمة نقلا عن جمعية “أكلد”، المتخصصة في جمع وتحليل المعطيات الخاصة بالنزاعات المسلحة، إلى “أن 600 مدني مالي قد لقوا حتفهم خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري”.
وسجلت قبل أسابيع قليلة على مستوى قرى ولاية موبتي مجموعة من العمليات المسلحة المنفذة من طرف المجموعات الجهادية.
وتضاف هذه العمليات لحصيلة ضحايا العنف المسلح المستمر منذ عام 2012 في شمال مالي، الذي تعتبره المنظمات الحقوقية الدولية “جرائم ضد الإنسانية”.