غارات روسية – سورية على إدلب تتسبب في مقتل وجرح العشرات وتهجير الآلاف
نزح أكثر من 10 آلاف نسمة شمال غربي سوريا إلى الحدود السورية التركية، في غضون 15 يوماً، على وقع التصعيد العسكري لقوات النظامين السوري والروسي، في وقت نددت فيه الولايات المتحدة الأمريكية ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بما وصفته بالعدوان على النقاط الطبية والأماكن الحيوية والخدمية والطبية في إدلب ومحيطها شمال غربي سوريا، وذلك في وقت تستأنف فيه «نبع السلام» عملياتها العسكرية شرقي البلاد، حيث أعلن الجيش الوطني السوري، المدعوم من الجيش التركي، الثلاثاء، وصول قواته إلى مشارف بلدة تل تمر على محور رأس العين بريف الحسكة، وسط اشتباكات مستمرة يخوضها «الجيش الوطني» السوري ضد كل من الوحدات الكردية، وقوات النظام السوري.
ويبدو ان استئناف الجيش التركي عملياته على ضفة الفرات، دليل واضح على تشكيك تركيا بقدرة أو رغبة روسيا في تنفيذ الالتزامات التي تعهّدت بها وفق مذكّرة «سوتشي» المبرمة مؤخراً بين الرئيسين التركي والروسي، حول إخراج وحدات الحماية الكردية من المنطقة الآمنة.
في إدلب، لا يستثني القصف على مدن وبلدت غربي سوريا، المستشفيات والمدارس والأسواق، ويترافق مع معارك تتركز في أرياف إدلب الجنوبية إضافية إلى ريفي حماة واللاذقية، حيث وثقت «القدس العربي» مقتل 10 مدنيين بينهم أطفال خلال الـ24 ساعة الفائتة، وسط مواصلة القصف الجوي والمدفعي المكثف على أرياف إدلب وحماة واللاذقية.
وقال مدير الدفاع المدني السوري في إدلب مصطفى الحاج يوسف ان ثمانية مدنيين قتلوا الثلاثاء في كل من مدينة كفرنبل وشنان في ريف إدلب الجنوبي، حيث قتل أربعة أشخاص، وأصيب العشرات بغارتين للطيران الحربي الروسي على مدينة كفرنبل، كما قتل 3 مدنيين بينهم امرأة وأصيب 9 آخرون بينهم 5 أطفال، صباح الثلاثاء، بغارتين للطيران الحربي الروسي استهدفتا منازل المدنيين في قرية شنان بريف إدلب الجنوبي، حيث أنقذت فرق الدفاع المدني طفلين وامرأة وأخرجتهم على قيد الحياة من تحت الأنقاض، وانتشلت جثامين القتلى وأسعفت المصابين إلى المشافي القريبة.
واحصى مدير الخوذ البيضاء استهداف 5 مناطق عبر 10 غارات جوية بفعل الطيران الحربي الروسي، بالإضافة إلى 35 قذيفة مدفعية، و35 صاروخاً ثقيلاً من نوع أرض – أرض، وشمل القصف بلدات كفرومة ومعرة حرمة وحاس وبسقلا وقرية معرتماتر بريف إدلب الجنوبي.
وردت فصائل المعارضة السورية على القوات المهاجمة بقصف مواقعها، حيث قتل وأصيب عدد من قوات النظام والميليشيات المحلية بعمليات عسكرية لفصائل المعارضة في ريفي حماة وإدلب أمس.
المتحدث باسم الجبهة الوطنية ناجي مصطفى قال الثلاثاء إن فصائل الجيش الوطني شنت هجوماً على مواقع النظام في محور الحويز في ريف حماة الغربي، استهدفت آليات نقل جنود بصواريخ مضادة للدروع، ما أدى إلى تدميرها بشكل كامل ومقتل وإصابة العناصر الذين يستقلونها، وذلك بموازاة هجمات أخرى شنتها الجبهة الوطنية على مواقع النظام في ريف ادلب والساحل وحماة، بعد تعزيز خطوط الدفاعية.
وكشف المتحدث لـ «القدس العربي» أن الجيش الوطني رسخ حضوره وعزز قواته على طول الجبهات بأقوى الأسلحة معتبراً ان الرد على مصادر النيران مرده إلى الخروقات اليومية لقوات النظام في ريف إدلب الجنوبي وكفرنبل وكفر روما وغيرها.
وقالت مصادر عسكرية إن سرايا المدفعية في الجيش الوطني استهدفت بالمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون تجمعين لقوات النظام في قريتي الحردانة وتل هواش، ما أدى إلى تدمير قاعدة إطلاق للصواريخ الموجهة في تل هواش ومقتل وإصابة عدة عناصر في قرية الحردانة، كما استهدفت المدفعية تجمعاً للميليشيات المحلية في حاجز «الست» على جبهة السويرات قرب قرية «شم هوى» بريف إدلب الشرقي، ما أسفر عن مقتل وإصابة عناصر من الميليشيات.
والى الشرق السوري، على ضفة الفرات، أعلن الجيش الوطني السوري، بلوغ قواته مشارف بلدة تل تمر التي تعتبر عقدة مواصلات يتفرع عنها طريق حلب «إم 4» إلى الحسكة والقامشلي، ويمر فيها طريق رأس العين، حيث تنتشر في محيط بلدة تل تمر، قوات النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، المتحالفتين ضد الجيش الوطني والتركي، إذ يخوض الطرفان معارك عنيفة، لا سيما بعدما أعلن «الجيش الوطني السوري»، الأسبوع الفائت استئناف عملياته في إطار ترسيم المنطقة الآمنة.
ويبدو أنّ هناك تشكيكا واضحاً من تركيا برغبة روسيا في تنفيذ الالتزامات حول إخراج «قسد» من المنطقة الآمنة على امتداد 440 كم وعمق 30 كم. وربّما تخشى أنقرة من الالتفاف على البنود أو حصول اتفاق شامل بين موسكو وقوات سوريا الديمقراطية لا يلبّي تطلعاتها في حماية مصالح ومخاوف الأمن القومي.
وفي هذا الإطار قال الخبير السياسي محمد سرميني لـ»القدس العربي» ان ركيا تدرك ما يترتب على عدم تطبيق الاتفاق مع روسيا وفق الجدول الزمني المحدد، معتبرا انه «عدا عن إضاعة الوقت هناك زيادة في التكاليف الأمنية والأعباء والضغوط السياسية». وقد يتم اللجوء فعلاً إلى استئناف العملية العسكرية رغم التعقيد الذي حصل وربّما بعثت تركيا برسالة في هذا الصدد من الميدان مباشرة من خلال شنّ الجيش الوطني السوري لهجمات واسعة النطاق ضد مناطق انتشار النظام السوري على خطوط التماس وقيامه باعتقال 18 جندياً.
واعتبر المتحدث أن روسيا تضغط على تركيا عبر ملف إدلب وهو ما يُفسّر التصعيد واسع النطاق وتجاوز التهدئة التي سعت تركيا جاهدة للحفاظ عليها قبل بدء عملية نبع السلام. ولا يقتصر الأمر على العمليات القتالية فليس مستبعداً أن تستخدم روسيا أثناء المفاوضات مع تركيا مستقبل المنطقة العازلة غرب الفرات بما في ذلك حل ملف التنظيمات الجهادية في منطقة خفض التصعيد، في مقابل مصير المنطقة الآمنة شرق الفرات بما فيه حلّ ملف وحدات الحماية الكردية.