غارات جوية روسية وبراميل متفجرة للنظام تتسبب في مقتل وجرح العشرات في ريفي إدلب وحماة
صعّد النظامان السوري والروسي من استهدافهما لمناطق في ريفي إدلب وحماة، حيث بلغ عدد الغارات الجوية أمس أكثر من 15 غارة، ونحو 34 برميلاً متفجراً، لتصل حصيلة النزوح مع الموجات الجديدة منه إلى 300 ألف مدني ضمن مدن وبلدات المنطقة الشمالية.
ويأتي ذلك بعدما فشل الاجتماعات السياسية لـ»أستانة» التي لم تجسر الهوة بين الطراف المتناقضة والاجندات المختلفة داخل سوريا، وانتهت دون أي اتفاقات عملية لحل القضايا الخلافية بين الأطراف المتنافسة والمتصارعة.
وعلى الرغم من هذا التصعيد، الذي يشكل ضغطاً روسياً يدفع الجانب التركي باتجاه الدخول في معركة ضد الفصائل المعارضة وقضم ما يمكن قضمه من المنطقة لصالح النظام السوري، إلا ان البعض يراهن على بقاء التصعيد محدوداً، لما تبذله أنقرة من جهود تقوض عملية استغلال النظامين الروسي والسوري لموقفهما في ادلب، في ظل الضغوط الأمريكية عليها. فيما يرى آخرون ان مستقبل إدلب متعلق بمجمل الوضع السوري في نهاية المطاف، وبموازين القوى على الساحة السورية.
ميدانياً وثق «فريق منسقي استجابة سوريا» نزوح أكثر من 294960 نسمة، بسبب استمرار الأعمال العسكرية التي وصفها بـ»العدائية» من قبل قوات النظام السوري وروسيا، منتقداً الصمت الدولي حيال ما يجري ضد المدنيين، معرباً عن تخوفه من ارتفاع أعداد النازحين من المنطقة بشكل عام، والمنطقة منزوعة السلاح بشكل خاص.
وأكد الفريق أنه ومنذ توقيع اتفاق «سوتشي» في السابع عشر من سبتمبر 2018 وحتى الآن؛ شن النظام السوري ثلاث حملات عسكرية على المنطقة، كانت الأولى بتاريخ 2018، نزح خلالها نحو 37300 نسمة، والحملة العسكرية الثانية في كانون الأول 2018 نزح خلالها نحو 41300 نسمة، أما الحملة العسكرية الثالثة التي بدأت مع حلول شباط الفائت، فقد اسفرت عن نزوح 34726 عائلة ما يقدر بـ 216500 نسمة، في حين تواصل الفرق الميدانية التابعة لفريق الاستجابة في إحصاء أعداد النازحين الذين توزعوا على أكثر من 35 ناحية في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون ومناطق شمال غربي سوريا.
وكشف الفريق عن ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين منذ توقيع الاتفاق ليصل إلى 418 مدنياً، معظمهم في محافظة ادلب بينهم 272 مدنياً، بعد توقيع الاتفاق.
المتحدث باسم الجيش الوطني المقرب من أنقرة، الرائد يوسف حمود، شكك باحتمالية شن هجمات عسكري شاملة على إدلب، من قبل النظام السوري، مؤكداً انه لا يمكن تحقيق ذلك في ظل الاوضاع الراهنة،
وأضاف: «موقفنا معروف نحن جسم ثوري ولن نقف متفرجين في حال اجتياح المنطقة» لافتاً إلى عمليات قواته في مناطق متفرقة لا سيما في ريفي حماة وادلب وجبل التركمال قائلاً «يومياً هناك عمليات رد بالمثل او عمليات رد على المواقع التي تخرج منها القذائف».
وفي سياق الهجوم الأعنف، واصل سرب من الطائرات الحربية والمروحية تحليقها في سماء محافظة إدلب وارياف حماة، مستهدفة مناطق الهدنة بمزيد من الضربات، حيث ارتفع عدد البراميل المتفجرة إلى 48 برميلاً متفجراً، سقطت الثلاثاء على كل من مناطق متفرقة بريف حماة الشمالي كقرية الصخر والحويجة وجسر بيت راس في سهل الغاب، في حين جددت الطائرات الحربية استهدافها بالرشاشات الثقيلة بشكل مكثف أماكن في قرية الحواش بسهل الغاب، بالتزامن مع قصف بري مكثف يستهدف القرية، وقصف صاروخي متجدد يستهدف جبال الساحل والطرق المؤدية إليها من محاور ريف جسر الشغور، فيما تشهد سماء المنطقة غياباً للطائرات الروسية عن الأجواء.
وفي اليوم العاشر من التصعيد والقصف الجوي والصاروخي، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 54 ضربة جوية، حيث استهدفت الطائرات الحربية الروسية بـ 8 غارات أماكن في محيط ترملا وأماكن في اللطامنة وغارة جوية على القصابية، فيما استهدفت طائرات النظام الحربية بـ 11 غارة في كفرنبودة والهبيط وترملا، والحواش، كما ترافقت الغارات من قبل الطيران الحربي السوري مع استهدافات بالرشاشات الثقيلة، مؤكداً استهداف ريفي ادلب وحماة بـ 34 برميلاً متفجراً الثلاثاء.
المستشار السياسي والباحث في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية، د.علي حسين باكير قرأ التصعيد على إدلب بأنه نوع من استغلال النظامين الروسي والسوري لموقف تركيا في ظل الضغوط الأمريكية المفروضة عليها لتحقيق تقدم في ادلب، وأوضح ان الضغوط الممارسة هي لدفع الجانب التركي ليأخذ زمام المبادرة للدخول في معركة مع الفصائل على الأرض، بينما يحاول الجانب التركي ان يناور ويرفض مثل هذا الضغط لوجود اتفاق من المفترض انه يمنع النظام السوري من شن مثل هذه العمليات واذا كان هناك ملاحظات او خروقات من اي طرف بالجانب الروسي بالتنسيق مع الجانب التركي فيقومان باتخاذ التدابير اللازمة.
الجانب التركي حسب باكير، حريص على ان يتم التفاهم مع روسيا، في هذه المرحلة، والاخير ايضاً لا يريد التفريط بتركيا قبل التوصل إلى اتفاق شامل حول الوضع السوري، لكن كل طرف من الاطراف يحاول ان يستخدم اوراقه للضغط على الاطراف الاخرى في ظروف معينة.
وتحدث عن اشتباك سياسي امريكي – تركي، فيما تراقب الأطراف الأخرى هذا الاشتباك وتحاول ان تستغله لتضغط على تركيا سواء في ادلب او في غيرها من الملفات، وقال «اعتقد ان التصعيد ليس مفتوحاً انما هو تكتيكي هدفه الضغط» وحسب رأيه فإن الأطراف المعنية ليس لديها رؤية واضحة او بعيدة المدى، إلى ما ستؤول اليه الاوضاع في ادلب «فروسيا لا تريد ان تفرط بالجانب التركي قبل التوصل إلى اتفاق شامل ولكنها تضغط كلما كانت هناك فرصة سانحة لتحقيق مثل هذا الضغط، وهو ما ينطبق على الاطراف الأخرى، فأنقرة لا تريد ان يسمح للنظام باستغلال روسيا والتقدم على حساب تركيا والمناطق التي تتواجد فيها لذلك تسعى إلى اتفاق مرحلي مع روسيا يحقق مصالحها ريثما تتغير موازين القوى او ترى ان هناك تقدم في المستوى السوري ككل».