غادر عمله لتناول وجبة غداء قبل 3 دقائق من موعدها فكان مصيره التوبيخ والغرامة، ومسؤولوه عقدوا مؤتمراً صحفياً بسببه
أصبح تعهُّد اليابان بالتعامل مع ملفها الكئيب في التوازن بين العمل والحياة محلَّ تساؤلاتٍ، بعد مُعاقبة موظفٍ حكومي؛ لهروبه “المعتاد” من مكتبه قبل موعدِه بدقائق قليلة، لشراء وجبة البينتو للغداء.
وحسب صحيفة The Guardian البريطانية، فإن هذا الموظف، البالغ من العمر 64 عاماً، يعمل في مكتب محطَّات المياه بالمدينة الغريبة كوبه. وغُرِّم ووُبِّخ هذا الموظف بعد أن اكتشفوا أنه غادر مكتبه قبل بداية استراحة الغداء بـ3 دقائق في 26 مرة خلال فترة 7 أشهر.
ودعا كبار المسؤولين في المكتب إلى مؤتمرٍ صحفي متلفز، وصفوا فيه فعل الرجل بأنه “مُؤسِف بشدة”، وانحنوا اعتذاراً أمام الجميع. وصرَّح المتحدث الرسمي للمكتب، لوكالة الأنباء الفرنسية، قائلاً: “تبدأ استراحة الغداء من الظهيرة وحتى الساعة الـ1 بعد الظهر. لقد غادر مكتبه قبل الاستراحة”.
وتعدَّى العامل على قوانين الخدمة العامة، التي تُحتِّم على المسؤولين “التركيز في وظائفهم”، طبقاً لما قاله المكتب. وتناولت الصحافةُ المحليةُ الخبرَ بعدما مرَّر أعضاء البرلمان قانوناً غرضه تعديل ساعات العمل الطويلة بصورةٍ مُرهِقة في اليابان.
“موت تاكاهاشي” يجبر الحكومة على تعديل القانون
إذ وافق مجلس النواب في شهر مايو/أيار 2018، على مشروع قانون يحدُّ من ساعات العمل الإضافي إلى 100 ساعة في الشهر؛ استجابةً لزيادة عدد الموظفين الذين يموتون من “كاروشي” أو الموت من الإرهاق.
وأُجبِرَت الحكومة على الانصياع لنداءٍ عام بعد موت ماتسوري تاكاهاشي، الموظفة البالغة 24 عاماً التي قتلت نفسها بعد إجبارها على العمل أكثر من 100 ساعة إضافية خلال الشهر، من بينها العطل الأسبوعية.
وحفَّزَت قضية تاكاهاشي المطالبات بتعديل ثقافة بيئة العمل التي عادة ما تُجبِر موظفيها على العمل ساعاتٍ طوالاً لإثبات ولائهم وتفانيهم في العمل. وقالت الحكومة، في أول ورقة رسمية عن كاروشي في 2016، إن واحداً من كل 5 موظفين مُعرَّضون للموت من كثرة العمل.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن مستخدمي الشبكات الاجتماعية انقضَّوا على دفاع مسؤولي كوبه، وأشار أحدهم على “تويتر” إلى أنه ترك مكتبه بمتوسط مرة كل أسبوع. وتساءل آخرون ما إذا كان القانون سيُطبَّق على من يتركون مكاتبهم للتدخين أو لدخول الحمام. وقال آخر: “ماذا عن السياسيين الذين ينامون في البرلمان؟ يجب عزلهم إذاً!”.
زميله الأقدم منه وشى به
وكُشِفَ خروج الموظف الممنوع والمُتكرِّر لشراء البنتو (طعامٌ مُعلَّب يتألَّف بالأساس من الأرز وقطعة من اللحم) بعد أن رآه زميلٌ أقدم منه من شبّاك مكتبه وهو يسير لمطعمٍ مجاور يبيع الطعام الجاهز في وقت الغداء.
وحسبت الإدارة العليا مقدار الوقت الذي قضاه الموظف خارج مكتبه، ووُقِّعَ عليه جزاء نصف يوم. وأُفيدَ بأن الموظف -الذي لم يُكشَف عن اسمه- قال إنه ترك مكتبه مبكراً لشراء الغداء؛ لأنه احتاج لـ”كسر الروتين”.
وأوقفت مدينة كوبه، مؤخراً، مسؤولٌ آخر شهراً في مخالفةٍ مشابهة، وقالت إنه غاب عن عمله أكثر من 55 ساعة في فترة 6 أشهر.