عيون حزب الله على البرلمان.. إذا هيمن سيعدل سياسات لبنان لخدمة مصالح إيران
يدخل حزب الله اللبناني في الانتخابات البرلمانية الأحد 6 مايو/أيار بهدف أن يفوز وحلفاؤه بمقاعد تكفي ليحصد الائتلاف الذي يتزعمه أغلبيةً برلمانية بفارقٍ طفيف، وهو ما سيُشكل محطةً جديدةً في طريق الحزب نحو الهيمنة السياسية
وحسب صحيفة The Washington Post فقد شهد لبنان الكثير من التغيرات منذ آخر مرة عُقِدَت فيها انتخاباتٌ قبل تسع سنوات. ففي الجوار، دمَّرت الحرب سوريا، والتمس ما يربو على مليوني لاجئ ملاذاً آمناً في لبنان، وتولى منصب الرئاسة جنرال سابقٌ قضى جل عمره في المنفى. غير أنَّ أكثر ما يلفت النظر هو أنَّ جماعة حزب الله المسلحة، التي كانت لا تزال في بداية صعودها السياسي عام 2009، باتت لها اليد العليا في البلاد.
مهمات داخلية وخارجية للحزب
الحزب الذي تأسس بدعمٍ إيراني في ثمانينيات القرن العشرين عرف تطوراً من حركة مقاومة إلى لاعبٍ سياسي متكامل، ففي الداخل اللبناني، يُقدم حزب الله شبكةً واسعة من الخدمات الاجتماعية لمؤيديه. أما في الخارج، فهو يعمل منذ زمنٍ كمنفذٍ لإستراتيجية إيران الإقليمية، بإرسال كوادره للقتال في سوريا واليمن.
وإذا حصد الحزب أغلبيةً برلمانية، سيكون قادراً على إحكام قبضته على توجيه السياسات الدفاعية والخارجية للبنان توجيهاً مباشراً، وتعديلهما لموائمة المصالح الإيرانية في الشرق الأوسط.
ويقول جوزيف باحوط، الباحث الزائر في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: “حزب الله يملك صبر أيوب، فهو يراهن على طول النفس لتحقيق نتائج على المدى الطويل”، ويوضح باحوط أن الحزب يعلم أنَّ الوقت في صالحه. وأضاف “حزب الله لا يقوم بأي شيء من شأنه أن يمثل تهديداً أو استفزازاً صريحاً. كل ما يفعله هو أنَّه يحقق مصالحه”.
تحالفات محلية بدل القوائم
في محاولةٍ لتشجيع بناء إجماعٍ وطني، جمع قانون الانتخابات الجديد في لبنان الدوائر الانتخابية في 15 محافظة بمساحاتٍ وكثافات سكانية مختلفة. غير أنَّ معظم الأحزاب، باستثناء الحزبين الشيعيين حزب الله وحركة أمل، لم تُقدِم على صياغة قوائم انتخابية مشتركة على المستوى الوطني، ولجأت بدلاً من ذلك إلى تشكيل تحالفاتٍ محلية للتنافس على المقاعد المختلفة.
وفي هذا السياق يقول باحوط: “حتى إن لم يفز حزب الله من حيث المقاعد، فسيكون لدينا برلمان مشتت ومبعثر تسهل السيطرة عليه أكثر من أي وقتٍ مضى”.
وقبيل التصويت في الانتخابات يوم الأحد، خرج السياسيون المرشحون للشوارع، وتلاحموا مع مؤيديهم ووعدوهم بالتغيير.
وواجه حزب الله تحديات انتخابيةٍ قوية على نحوٍ غير معتاد في معقله في بعلبك، وهي مدينة شرق لبنان على الحدود مع سوريا. وفي يوم الثلاثاء 1 مايو/أيار رفع مؤيدو الحزب لافتاتٍ خضراء وصفراء بينما كان الأمين العام للحزب حسن نصر الله يحض الناخبين على توفير “حمايةٍ سياسية” لحزب الله ضد المتآمرين ضده.
ولكن على النطاق الأوسع، لم تعد مكانة حزب الله باعتباره اللاعب السياسي الأكثر تأثيراً في السياسة اللبنانية محل شك. فبينما كان الجدل حول مخزون الحزب من السلاح وتطلعاته العسكرية من الأمور الأساسية في الانتخابات السابقة، غابت تلك الموضوعات عن النقاش العام في الانتخابات المرتقبة.
وفي ضاحية بيروت، أعلن المؤيدون ولائهم لنصر الله، المعروف في أوساط العامة بالسيد حسن، في إشارةٍ إلى نسبه إلى النبي محمد. ويقول رجلٌ ذكر أنَّ اسمه حسين: “إن لم يتدخل السيد حسن شخصياً بخطاباته، فإنَّ الناس لن يعبأوا بالإدلاء بأصواتهم. لقد غيروا رأيهم لأجله”.
مخاوف من الترسانة العسكرية للحزب
غير أنَّ منتقدي حزب الله وصفوا تأثيره بعباراتٍ مُقلِقة. إذ قال نديم الجميل، المرشح البرلماني ونجل الرئيس اللبناني المنتخب الأسبق بشير الجميل الذي اغتيل عام 1982، إنَّه رأى في حملة نصر الله المكثفة محاولةً للهيمنة على البرلمان لإضفاء نوعٍ من الشرعية على ترسانته شبه العسكرية.
وفي هذا السياق قال الجميل: “لقد باتت لدى حزب الله ترسانة أشد قوةً من الجيش اللبناني”.
وبعيداً عن السياستين الخارجية والدفاع، فإنَّ سقف توقعات المُصوِّت العادي مرتفعٌ للغاية؛ فلبنان في الأعوام الأخيرة أصبح غارقاً في المشكلات الاقتصادية، والنزاعات الإقليمية، وأزمة اللاجئين السوريين. وباتت القمامة تتراكم بانتظام في الشوارع دون أن يجمعها أحد، أضِف إلى ذلك المشكلات المزمنة في الماء والكهرباء.
غير أنَّ المحللين يتوقعون أنَّ حالة عدم الاكتراث التي يشعر بها المُصوت اللبناني ومدى تعقيد القانون الانتخابي الجديد سيُقلِّل من الإقبال على الانتخابات. وقالت ليلى السعدي، وهي ربة منزل، في بيروت يوم الجمعة الماضي إنَّها لن تشارك في الانتخابات. وتساءلت: “لماذا عليَّ أن أصوت؟ جميعهم وجوهٌ لعملةٍ واحدة، ولن يتغير شيء”.