ظريف يجري محادثات في بروكسل سعيا لانقاذ الاتفاق النووي الايراني
بدأوزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الثلاثاء محادثات في بروكسل، المحطة الاخيرة من جولة لحشد التأييد الدبلوماسي للاتفاق النووي لبلاده بعد انسحاب الرئيس الاميركي دونالد ترامب منه.
والتقى ظريف وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني قبيل محادثات مع نظرائه من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، الدول الاوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي التاريخي والذي تبذل تلك الدول جهودا حثيثة لانقاذه.
وكانت إيران قد أعلنت أنها مستعدة لاستئناف تخصيب اليورانيوم “على المستوى الصناعي من دون أي قيود” الا اذا قدمت القوى الاوروبية ضمانات ملموسة لاستمرار العلاقات التجارية رغم إعادة العقوبات الأميركية.
ويصر الاتحاد الاوروبي على أن الاتفاق يعمل ويشير إلى عمليات تفتيش دولية متكررة للتحقق من التزام الجمهورية الاسلامية بجانبها من الاتفاق، وقالت مايا كوسيانسيتش المتحدثة باسم موغيريني لوكالة فرانس برس قبيل وصول ظريف “علينا بذل اقصى جهودنا للحفاظ عليه”.
لكن دبلوماسيين روسا سعوا إلى التخفيف من التوقعات لنتائج اجتماع الثلاثاء، وشددوا على التحديات الهائلة امام التوصل إلى طريق للالتفاف على العقوبات الاميركية المستهدفة للشركات الاجنبية التي تقوم بأنشطة تجارية مع إيران.
وكانت شركات اوروبية، وخصوصا من فرنسا وألمانيا قد سارعت للاستثمار في ايران في اعقاب اتفاق عام 2015 والذي وافقت بموجبه طهران على تجميد برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليها.
وبلغت الصادرات الالمانية إلى إيران ما مجموعه ثلاثة مليارات يورو في 2017 فيما ارتفعت الصادرات الفرنسية من 562 مليون يورو في 2015 إلى 1,5 مليار في 2017 فيما تعهد عملاق النفط توتال استثمار نحو خمسة مليارات في حقل بارس الجنوبي للغاز.
وعندما اعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاسبوع الماضي انسحابه من الاتفاق، أعطى الشركات مهلة اقصاها ستة اشهر لوقف انشطتها في إيران أو مواجهة عقوبات اميركية صارمة.
وتختتم لقاءات ظريف في بروكسل جولة دولية شملت زيارة كل من روسيا والصين، الدولتين الاخريين الموقعتين على الاتفاق النووي، سعيا لحشد الدعم له.
وأدى قرار واشنطن عدم الاخذ بنصيحة حلفائها الاوروبيين والانسحاب من الاتفاق، إلى تقريبهم من بكين وموسكو فيما يبذل الدبلوماسيون جهودا حثيثة لانقاذ الاتفاق.
وأجرى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون محادثات هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء، بحسب بيان للكرملين قال إنهما “أكدا التزام روسيا وفرنسا جعل الاتفاق يعمل”.
وزار ظريف موسكو والتقى نظيره الروسي سيرغي لافروف الاثنين غداة اجتماعه بالمسؤولين الصينيين في بكين.
وقال ظريف في مستهل الاجتماع إن “الهدف النهائي من كل هذه المحادثات هو الحصول على ضمانات بان تكون مصالح الشعب الايراني مكفولة بموجب (الاتفاق) والدفاع عنها”.
وأثنى ظريف بعد المحادثات على “التعاون الممتاز” بين موسكو وطهران وقال إن لافروف وعده “بالدفاع عن الاتفاق والابقاء عليه”.
من جهته قال لافروف إن على روسيا والاوروبيين “الدفاع بشكل مشترك عن مصالحهم” في هذا الملف.
– سلوك مؤذ –
وجه ظريف الاثنين رسالة إلى الامم المتحدة اتهم فيها الولايات المتحدة “بالانتقاص التام للقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة” بانسحابها من الاتفاق.
وتحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل والرئيس التركي رجب طيب اردوغان بشأن الجهود لانقاذ الاتفاق، بعد أن أعرب عن “قلقه البالغ” لقرار ترامب.
والاثنين التقى بوتين مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو وأكد له بأن روسيا “مستعدة لمواصلة الالتزام بالاتفاق النووي الايراني رغم انسحاب الولايات المتحدة”.
ويقول المحللون إن قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي أدى إلى تقارب بين اوروبا وموسكو وبكين.
وقال اندري باكليتسكي من منظمة “بي اي ار” غير الحكومية ومقرها موسكو إن “التعاون (الاوروبي) مع روسيا والذي بدا حتى الامس القريب مستحيلا بسبب قضية (تسميم العميل سيرغي) سكريبال وطرد الدبلوماسيين وخفض التواصل، يحظى بزخم جديد”.
وتابع “وجد الاوروبيون أنفسهم بعد انسحاب الولايات المتحدة مجبرين على انقاذ الاتفاق”، مضيفا انه يتعين على موسكو لعب دور رئيسي من اجل ضمان عدم استئناف طهران برنامجها النووي.
والاحد قال وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو إن واشنطن لا تزال تريد مواصلة العمل مع اوروبا لمواجهة “السلوك المؤذي” لايران وبأنه يجري جهودا حثيثة للتوصل إلى اتفاق جديد أوسع مع الشركاء الاوروبيين.
لكن رغم حديثه عن احتمال تجديد التنسيق مع حلفاء الولايات المتحدة، ذكّر مسؤول آخر الاوروبيين بأن شركاتهم يمكن أن تواجه عقوبات اذا واصلت انشطتها التجارية مع إيران.
وستعزز جهود روسيا لانقاذ الاتفاق دورها كقوة فاعلة في الشرق الاوسط، بعد وقوفها في سوريا الى جانب نظام الرئيس بشار الاسد
وهذا التدخل، الى جانب تحركاتها الدبلوماسية من اجل وضع حد للنزاع في سوريا، وضع موسكو في جبهة مقابلة للولايات المتحدة والاوروبيين الذين تدخلوا ضد نظام الاسد.
وتزور ميركل روسيا الجمعة لمحادثات مع بوتين في منتجع سوتشي المطل على البحر الاسود، فيما يزور الرئيس ماكرون سان بطرسبورغ في وقت لاحق هذا الشهر للمشاركة في منتدى اقتصادي.