«طباخ بوتين» يُجهز جنوداً مرتزقة لشن هجوم نهائي على إدلب
يستخدم الجيش الروسي جنوداً مرتزقة استأجرهم رجل ثريٌّ حليفٌ للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لتنفيذ هجومه المُخطَّط لمساعدة جيش نظام بشار الأسد في استعادة السيطرة على محافظة إدلب، آخر المعاقل القوية التي تُسيطر عليها المعارضة.
ونشرت وكالة “بلومبرج” الأمريكية تقريراً، تحدثت فيه عن حليف بوتين، وهو يفجيني بريجوزين، المُلقب باسم «طباخ بوتين»، مشيرةً إلى دوره في دعم الهجوم على إدلب.
وتحدثت الوكالة نقلاً عن مصادر مطلعة -لم تسمّها- عن تجمع مئات المقاتلين الذين استجابوا لنداء بريجوزين، بالقرب من شمالي غرب مدينة إدلب السورية لتنفيذ هجومٍ شامل، يتوقع أن يبدأ في غضون أسابيع.
و «طباخ بوتين» هو لقب أُطلق على رجل الأعمال بريجوزين لتوليه عقود تزويد الكرملين بالطعام.
خطة تستغر عدة أشهر
وتقضي الخطة الروسية بأن يعمل هؤلاء الجنود المرتزقة الذين وزّعوا على وحدات مجهزة بالدبابات ومكونة من 50 جندياً ومدعومة من القوات الجوية الروسية، مع قوات الأسد أولاً، لإنشاء ممرٍّ لخروج المدنيين من المدينة، بحسب Bloomberg.
ونقلت الوكالة عن مصدر قوله في مرحلة لاحقة «سيدخل هؤلاء الجنود بعد ذلك في حرب شوارع لتنظيف المدينة التي تعجّ بآلاف المقاتلين»، وإذا ما مضوا قدماً في تنفيذ هذه الخطة فقد تستغرق هذه العملية العسكرية عدة أشهر.
وأسس «طباخ بوتين» شركة «فاغنر» التي توظِّف مقاتلين مرتزقة، وتعرضت هذه القوات لضربة عنيفة في سوريا في فبراير/شباط 2018، بعدما قتلت صواريخ أمريكية حوالي 200 جندي من المرتزقة الروس التابعين لبريجوزين، خلال محاولتهم السيطرة على منشآة نفطية كانت في قبضة الأكراد مدعومين من أمريكا.
كذلك شارك الجنود التابعون لـ «طباخ بوتين» في التمرد الذي وقع في أوكرانيا، وبحسب الوكالة الأمريكية، حقق المقاتلون المرتزقة «نجاحات ملحوظة في سوريا، إذ لعبوا دوراً محورياً في تحرير مدينة تدمر القديمة، وهي موقع للتراث العالمي، من قبضة تنظيم داعش».
هجوم إدلب يقلق تركيا
وكان ديمتري بسكوف، المتحدث باسم بوتين، قال إن روسيا ستتصرف في إدلب «بناءً على الاتفاقات» المبرمة مع دولة تركيا المجاورة، التي تعارض شن عمليات عسكرية ضد المدنيين في إدلب القريبة من حدودها.
ومن شأن إنهاء الصراع في إدلب لصالح النظام السوري أن يدعم سيطرة الأسد على جميع أنحاء سوريا باستثناء شمالي شرق البلاد الغني بالنفط، حيث يسعى الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة إلى الحصول على حكمٍ ذاتي واسع النطاق.
بعد دخول روسيا الحرب بناءً على طلب الأسد في 2015، تمكن جيشه، المدعوم أيضاً من إيران، من استعادة السيطرة على قطاعٍ عريض من الأراضي من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وتُعد ومدينة إدلب الآن والمنطقة المحيطة بها، التي تبلغ مساحتها ضعفي مساحة دولة لوكسمبورغ، هي آخر المناطق التي لا تزال في قبضة المعارضين للأسد.
وساهم وجود حوالي 3 ملايين مدني والمعارضة القوية من تركيا، التي تخشى أن تنغمر مخيمات اللاجئين المكتظة لديها بموجات جديدة من النازحين، في تأجيل هجومٍ شامل على المدينة حتى الآن.
لكن قوات الأسد أسرعت وتيرة تقدمها على الأرض بدعمٍ من الضربات الجوية الروسية خلال الأشهر الأخيرة، ما استدعى تحذيرات من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة بشأن كارثة إنسانية وشيكة.
وتجاوز تعداد سكان محافظة إدلب ضعف عددهم الأصلي منذ بداية الاحتجاجات ضد الأسد عام 2011، حيث أُجبر 5.6 مليون شخص على مغادرة البلاد، و6.6 مليون آخرين على النزوح داخلياً، وفقاً للأمم المتحدة.
وقالت الوكالة الأمريكية إنه ليس واضحاً ما إذا كان الكرملين ينسّق خططه العسكرية بشأن إدلب بالتعاون مع تركيا، التي أنشأت مواقع مراقبة في إدلب.
ولم يرد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو على طلب وكالة Bloomberg للتعليق على تطور الأحداث في إدلب، بينما رفضت الحكومة التركية التعليق. ورفض مسؤولون في وزارة الخارجية الأمريكية أيضاً التعليق على المسألة.
ضربات أمريكية
والأسبوع الماضي قال بوتين إنه ونظيره التركي رجب طيب أردوغان اتفقا على إجراءات «إضافية» لـ «تحييد المراكز الإرهابية» في إدلب، لكنه لم يشرح بالتفصيل ما هذه الإجراءات.
وكرر أردوغان تهديداته يوم أمس الخميس 5 سبتمبر بأنه سيسمح للمزيد من اللاجئين بدخول أوروبا ما لم يساعد الاتحاد الأوروبي وبقية العالم تركيا في تخفيف حدة المشكلة.
وقُتل ما يقرب من 4100 شخص، بينهم 1000 مدني، في محافظة إدلب منذ أن كثفت قوات الأسد -بمساعدة روسيا وإيران- هجماتها ضد المعارضين للأسد في أبريل/نيسان الماضي، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وكانت روسيا قد أعلنت عن وقف لإطلاق النار يشمل جميع الأطراف ابتداءً من السبت، وهو نفس اليوم الذي قتلت فيه الصواريخ الأمريكية العشرات، وقالت إنهم «من مقاتلي تنظيم القاعدة في معسكرٍ بالمحافظة».
وأثارت الضربات الأمريكية غضب الجيش الروسي، الذي قال إنه لم يتلقَّ أي تحذيرٍ بشأن الهجوم، ما استدعى إجراء مكالمة هاتفية بين فاليري غيراسيموف، رئيس هيئة الأركان بالجيش الروسي ونظيره الأمريكي جوزيف دانفورد، وفقاً لوزارة الدفاع في موسكو.
وقالت وزارة الدفاع إن غيراسيموف ودانفورد ناقشا خلال المكالمة الهاتفية الوسائل الضرورية لتجنب «وقوع حوادث خلال العمليات العسكرية الموجهة لقتال الإرهابيين».
وبالنسبة للأسد، فإن الهدف الرئيسي في إدلب هو إعادة فتح الطريق الرئيسي الذي يربط المركز الزراعي بمدينة حلب التي دمرتها الحرب، والتي كانت العاصمة التجارية لسوريا في يومٍ من الأيام، وفقاً لما قاله نهاد علي أوزكان، الخبير الاستراتيجي لدى مؤسسة أبحاث السياسة الاقتصادية في أنقرة.