طائرات روسية تقصف جنوب سوريا والأمم المتحدة تحث الأردن على فتح حدوده
اقتربت قوات الجيش السوري من الحدود الأردنية يوم الخميس في حين اتفق مسلحو المعارضة وروسيا على استئناف المفاوضات للتوصل لاتفاق لإنهاء القتال الذي تسبب في واحدة من أسرع موجات النزوح طوال فترة الحرب.
وتصاعدت سحب الدخان الداكنة فوق مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية قرب الحدود مع الأردن يوم الخميس في الوقت الذي شن فيه الطيران الروسي ضربات جوية مكثفة على تلك المناطق بالتزامن مع هجوم بري للجيش السوري.
وحثت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الأردن على فتح حدوده أمام السوريين الفارين من القتال وقالت إن إجمالي عدد النازحين تجاوز 320 ألفا بينهم 60 ألفا تجمعوا عند معبر حدودي مع الأردن.
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش يوم الخميس إن جوتيريش قلق بشدة ويناشد الأطراف مجددا بوقف القتال على الفور محذرا من أن ”أرواح ما يقدر بنحو 750 ألفا في خطر“.
وجرى إطلاع مجلس الأمن الدولي خلال جلسة مغلقة على الوضع الإنساني في جنوب غرب سوريا بطلب من السويد والكويت.
وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا للصحفيين إن بلاده لديها تحفظات على أعداد النازحين التي نشرتها الأمم المتحدة.
ويسعى الرئيس بشار الأسد لاستعادة السيطرة على جنوب غرب البلاد بما في ذلك الحدود مع هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل ومع الأردن. وهذه المنطقة أحد آخر معاقل المعارضة في الحرب المستمرة منذ ما يزيد على سبع سنوات.
وفي ظل عدم وجود مؤشرات على تدخل من خصومه الأجانب، يبدو أن الأسد على موعد مع نصر كبير جديد في الحرب بعد استعادة آخر معاقل المعارضة قرب دمشق وحمص.
وقال الأردن يوم الخميس إنه نجح في إقناع المعارضة السورية والجانب الروسي بالاجتماع مجددا في مسعى للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وإيجاد حل سياسي.
محتوى دعائي
وقالت المتحدثة باسم الحكومة جمانة غنيمات إن وفد المعارضة في طريقه إلى بلده في جنوب سوريا لبدء جولة جديدة من المفاوضات مع الروس.
وأضافت أن مساعي الأردن نجحت في إقناع الطرفين بالاجتماع مجددا.
لكن إبراهيم الجباوي وهو متحدث باسم المعارضة قال في وقت لاحق إن الاجتماع تأجل إلى يوم الجمعة بعد أن تأخر وقت التوجه إلى بصرى الشام حيث كانت تعقد الاجتماعات السابقة مع الضباط الروس خلال الأسبوع المنصرم.
وبعد أربعة أيام تراجعت فيها حدة القصف، استؤنفت الغارات الجوية المكثفة يوم الأربعاء بعد انهيار المحادثات بين جماعات المعارضة والروس والتي كان يرعاها الأردن.
وتأتي الجولة الجديدة من المحادثات فيما يتقدم الجيش وحلفاؤه ويقتربون من الحدود الأردنية التي كانوا يحاولون الوصول إليها منذ أيام.
وذكر مقاتلو معارضة وسكان أن الروس كثفوا ضرباتهم الجوية مساء الخميس على سلسلة من القرى المؤدية إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن وهو من أهم أهداف الحملة العسكرية.
ويسعى الجيش إلى التقدم باتجاه الجنوب عبر منطقة تقع إلى الشرق مباشرة من مدينة درعا حيث تتقلص مساحة المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة إلى ممر ضيق على الحدود مع الأردن.
وسيقسم هذا المنطقة إلى شطرين.
وأظهرت لقطات بثها التلفزيون السوري تصاعد سحب دخان ضخمة فوق الحقول وأسطح المنازل ومنطقة صناعية بعيدة فيما دوت أصوات انفجارات من وقت لآخر.
وقال بشار الزعبي، وهو قيادي بارز في المعارضة في جنوب سوريا، في رسالة نصية لرويترز من منطقة درعا التي ينصب عليها هجوم قوات الحكومة ”الروس ما أوقفوا القصف“. وأضاف ”النظام بيحاول التقدم والاشتباكات مستمرة“.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الجيش وحلفاءه الروس هاجموا بلدات خاضعة للمعارضة المسلحة في جنوب غرب البلاد أثناء الليل وفي الساعات الأولى من صباح الخميس بأكثر من 600 ضربة جوية خلال 15 ساعة.
وقالت وسائل إعلام سورية رسمية إن الجيش استعاد بلدة صيدا الواقعة على بعد نحو عشرة كيلومترات شرقي مدينة درعا لكن مركزا لقيادة المعارضة قال على تويتر إن مقاتلي المعارضة ما زالوا يتصدون لمحاولات اقتحام البلدة رغم تعرضها لعشرات الضربات الجوية الروسية وهجمات ببراميل متفجرة ووابل من الصواريخ.
واستعاد الأسد خلال الهجوم المستمر منذ أسبوعين بدعم جوي روسي مساحات من الأراضي من قبضة المعارضة شمال شرقي مدينة درعا حيث استسلم بعض مسلحي المعارضة.
* الأسد يحكم قبضته
بالنسبة للأسد فإن الحملة على درعا ربما تسفر عن إعادة فتح معبر نصيب الحدودي مع الأردن الذي يمثل شريانا تجاريا حيويا. وبمجرد استعادة درعا من المتوقع أن تتجه الحملة صوب منطقة القنيطرة قرب جبهة الجولان.
وتمثل استعادة منطقة الحدود مع الجولان أهمية كبيرة أيضا بالنسبة للأسد الذي يعيد ترسيخ وضعه كزعيم في خط المواجهة في الصراع مع إسرائيل التي أرسلت تعزيزات عسكرية إلى جبهة الجولان يوم الأحد.
وسعى غالبية المدنيين الفارين للبحث عن مأوى على امتداد الحدود مع إسرائيل والأردن الذي يستضيف بالفعل نحو 650 ألف لاجئ سوري. وقال البلدان إنهما لن يفتحا حدودهما أمام اللاجئين لكنهما وزعا بعض الإمدادات داخل سوريا.
وعزز الأردن الإجراءات الأمنية على طول حدوده الشمالية ونسب إلى قائد الجيش قوله اليوم إن قواته على استعداد للتصدي لأي تهديد لأمن المملكة.
واتفقت روسيا والأردن والولايات المتحدة العام الماضي على أن يكون جنوب غرب سوريا ”منطقة لخفض التصعيد“ من أجل الحد من الأعمال القتالية.
وفي بداية هجوم الحكومة، أشارت واشنطن إلى أنها سترد على أي انتهاكات للاتفاق لكنها لم تفعل وقال معارضون إنها أبلغتهم ألا يتوقعوا مساعدة عسكرية أمريكية.
وبالنسبة لمسلحي المعارضة ستقلص خسارة جنوب غرب البلاد المساحة التي يسيطرون عليها لتقتصر على منطقة في شمال غرب البلاد على الحدود مع تركيا ومنطقة صحراوية في الشرق تتمركز فيها قوات أمريكية قرب الحدود مع العراق والأردن.
ويبسط الأسد حاليا سيطرته على معظم أنحاء سوريا بدعم من حلفائه لكن جزءا كبيرا من شمال وشرق البلاد لا يزال في قبضة فصائل يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة.