ضرب مصداقية المدير السابق لـ”إف بي آي” لإنقاذ ترمب، ومولر يسابق الزمن لجمع أدلة تدين الرئيس الأميركي
قال رودولف جولياني، محامي الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إن المحقق الخاص روبرت مولر يأمل إنهاء التحقيقات المتعلقة بعرقلة الرئيس ترمب سير تحقيقات التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية. وأكد جولياني الأحد 20 مايو/أيار 2018، أن الانتظار مدة أطول من ذلك يمكن أن يؤثر تأثيراً غير ملائم على أصوات الناخبين في انتخابات التجديد النصفي.
وحسب صحيفة The New York Times الأميركية، قال جولياني إن مكتب المحقق الخاص أبلغ عن إطاره الزمني منذ أسبوعين، وسط مفاوضات حول ما إذا كان ترمب سيخضع لأسئلة من جانب المحققين، وأضاف أن مكتب مولر قال إن التاريخ كان مشروطاً بإجراء مقابلة مع ترمب.
وسعى محامي الرئيس الأميركي لصياغة نتيجة التحقيقات بقضية عرقلة سير التحقيقات في ظل ضرب مصداقية رجل برجل آخر؛ وهما: ترمب في مواجهة جيمس كومي، المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي طلب منه الرئيس إنهاء التحقيقات مع أول مستشار أمن قومي للرئيس ترمب، مايكل فلين.
ويُشكِّل هذا الطلب إحدى الحلقات الأساسية التي دفعت مولر لدراسة المسألة؛ كي يقرر ما إذا كان ترمب لديه نية جنائية لعرقلة التحقيقات في قضية التدخل الروسي بالانتخابات.
وحسب الصحيفة الأميركية، فإنَّ جمع الأدلة حول قضية عرقلة سير التحقيقات لن يشير إلى نهاية عمل مولر؛ إذ إنه جزء من تحقيق أوسع يتعلق بتحقيقات مكافحة تجسس حول الحملة الروسية للتدخل من أجل التأثير على الانتخابات الرئاسية في 2016، وما إذا كان مساعدو ترمب نسَّقوا معها أم لا. وتُستخدم تحقيقات مكافحة التجسس لجمع المعلومات بهدوء حول أنشطة القوى الأجنبية وعملائها، وتستغرق أعواماً في بعض الأحيان، ويمكن أن تسفر عنها اتهامات جنائية.
مصداقية ترمب على المحك
وقال جولياني: “إننا نريد أن يكون تركيز هذا مُنصبّاً على كومي في مواجهة مصداقية الرئيس، وإنني أعتقد أننا نفوز بذلك وأن الناس تدرك ذلك”، مضيفاً أنه يأمل أيضاً أن تفتح وزارة العدل تحقيقاً جنائياً مع كومي حول الحنث باليمين وحول دوره في الإفشاءات التي قدمها إلى صحيفة The New York Times في العام الماضي (2017) حول مواجهاته مع الرئيس، التي دفعت لانتداب مولر من أجل التحقيقات.
وقال جولياني إن كومي أضر بمصداقيته خلال جولة كٍتابه الصادر مؤخراً، وكان شاهداً غير جدير بالثقة. ولطالما قال محامو ترمب إن روايات كومي حول صِلاتهم، التي سردها بمذكرات متزامنة وفي شهادات أمام الكونغرس، لا يمكن الوثوق بها. ورفض كومي التعليق على الأمر.
وبعد شهر من توكيل جولياني لتمثيل الرئيس، أصبحت استراتيجيته القانونية موضع تركيز. ولعلَّه، من خلال مهاجمة كومي، يستهدف الشاهد الرئيسي في قضية عرقلة التحقيقات، وهي خطة جربها محامو ترمب في العام الماضي (2017).
إذ أخبروا المحقق الخاص ونائب المدعي العام الأميركي، رود روزنشتاين، بأن كومي حنث باليمين وسرَّب معلومات مُخالَفةً للقوانين، وأطلق المزاعم مراراً وتكراراً في خطابات سابقة غير مبلغ عنها، سُردت للصحيفة عن طريق العديد من الأشخاص الذين اطلعوا عليها.
ويبدو أنه يسعى من خلال تحديد تاريخ نهائي للتحقيقات في مزاعم العرقلة، لوضع ضغط مُعلن أمام الرأي العام على كاهل مولر من أجل الالتزام بذلك الإطار الزمني، ويحاول كذلك تهدئة الرئيس عبر التنبؤ بأن التحقيقات سوف تنتهي قريباً، وهي استراتيجية جرَّبها بعض محاميه الآخرين وكانت نتائجها مختلطة.
وقال جولياني إن الرئيس يريد أي تقرير يلخص تحقيقات العرقلة أن يُعلَن أمام الجمهور. ورددت تعليقات جولياني حول الإطار الزمني صدى تغريدات نشرها ترمب قبل ساعات، عندما اشتكى من أن أي تحقيق مطول قد يضر الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي، مشيراً إلى تقرير نشرته صحيفة The New York Times في عطلة نهاية الأسبوع، يفيد بأن مولر كان يحقق في عروضٍ بالمساعدة قُدِّمت إلى ترمب من السعودية والإمارات؛ إذ يُعتبر تورط الحكومات الأجنبية أو الأجانب في الانتخابات مُخالِفاً للقانون.
وكتب ترمب: “والآن، استسلمت مطاردة الساحرات حول روسيا وتنظر إلى باقي العالم، يجب أن يكونوا قادرين بسهولة على اصطحابها إلى انتخابات التجديد النصفي، حيث يمكنهم إلحاق بعض الضرر بالحزب الجمهوري. لا تقلقوا بشأن إساءة استعمال قانون مراقبة المخابرات الأجنبية من جانب الديمقراطيين، أو رسائل البريد الإلكتروني المفقودة، أو الملف الاحتيالي!”.
وقال جولياني إن المقال كشف أن مولر لم يجد أي تنسيق بين روسيا ومستشاري ترمب، واضطلع بمحاولة بائسة للكشف عن المؤامرات مع الحكومات الأخرى. وأضاف: “إنها تريهم نهاية الطريق، فهل سنتحرى الآن في إفريقيا وأميركا الجنوبية؟”.
موعد استجواب الرئيس
وأوضح أنه ومكتب مولر لا يزالان يحاولان صياغة شروط المقابلة مع الرئيس. ووصف موكله بأنه مستعد لموضوع المقابلة، وقال إن الرئيس يرى عدم وجود أي أدلة تفيد بأن مساعديه نسَّقوا مع التدخل الروسي في الانتخابات.
وأردف جولياني قائلاً إن أي مقابلة يمكن أن تشكل مصدر تشتيت للرئيس، وإن كمَّ الاستعداد المطلوب كان يعني أن الرئيس لا يستطيع الخضوع للاستجواب حتى نهاية القمة المرتقبة بين ترمب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، المزمع عقدها في 12 يونيو/حزيران 2018 بسنغافورة. وقال جولياني إنه استناداً إلى ذلك الجدول، يمكن استجواب الرئيس في موعد قريب من يوم الاستقلال.
وتصف الخطابات، التي أرسلها محامو ترامب خلال العام الماضي (2017) إلى مولر وروزنشتاين، كومي بأنه شاهدٌ يفتقر إلى المصداقية، وتشير إلى أن قضية عرقلة سير التحقيقات ضد الرئيس لا تستند إلى أي أساس. وكتب مارك كاسوفيتز، المحامي الشخصي لترمب في هذه الفترة، خطابين من هذه الخطابات خلال شهر يونيو/حزيران 2017، فصل بين كل خطاب منهما مدة 4 أيام. وكتب كلٌّ من جون دود، الذي حل محل كاسوفيتز وغادر الفريق القانوني للرئيس منذ ذلك الحين، وجاي سيكولو، الذي استمر في عمله بالفريق القانوني للرئيس، خطاباً آخر في 29 يونيو/حزيران 2017.
وقال محامو ترمب إن المحقق الخاص ليس لديه أي أساس ليبني عليه قضية عرقلة سير التحقيقات استناداً إلى صرف كومي من عمله؛ لأن الرئيس كان يمارس عمله بِحرية على رأس السلطة التنفيذية والذي يخول له صرف أي مرؤوس من حكومته.
وأضاف المحامون أن كومي لم يُصرَف من أجل إنهاء التحقيقات في قضية التدخل الروسي؛ بل بسبب الطريقة التي تعامل بها مع التحقيقات التي جرت مع هيلاري كلينتون. وأوضح المحامون أن روزنشتاين، ووزير العدل الأميركي جيف سيشنز، اتفقا في تقييم الرئيس. وجاء بأحد الخطابات أن روزنشتاين، الذي يباشر الآن تحقيقات مولر لأن سيشنز تنحى عن النظر فيها، “ساعد بالحقيقة في تحرير خطاب صرف كومي من الخدمة، ونصح الرئيس فعلياً في هذا الصدد”.
ولم يقل المحامون ما إذا كان ترامب طالب بإنهاء تحقيقات فلين. لكن خطاباتهم ذكرت بيانات من البيت الأبيض تستنكر رواية كومي. وجادل المحامون أيضاً بأن ترمب لم يكن له أن يعيق التحقيقات؛ لأنه لم يكن هناك تحقيق ليُعيقه. وذكر الخطاب أن مكتب التحقيقات الفيدرالي خلص إلى أن فلين لم يرتكب أي جريمة عندما أخبر العملاء، في يناير/كانون الثاني 2017، بأنه لم يناقش العقوبات مع السفير الروسي في أثناء فترة انتقال السلطة، وهو تأكيد اتضح لاحقاً عدم صحته.
انتقادات ترمب لـ”إف بي آي”
وقال المحامون إنَّ مسؤولي إنفاذ القانون قد أخبروا البيت الأبيض بأنَّ المكتب لم يصدّق أنَّ فلين قد كذب. وقالت الرسالة: “لقد قبِل مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، بكل الأشكال، أقوال فلين، وخلص إلى أنه كان مرتبكاً لكنه صادق، وقرر ألا يستمر في التحقيق معه، ومنَحَه براءته”.
ليست المرتكزات التي يستند إليها محاموه للقيام بهذه التأكيدات واضحة. واعترف فلين، في ديسمبر/كانون الأول 2017، بأنَّه كذب على المحقّقين، بالإضافة إلى أنَّه يتعاون مع المحقّق الخاص.
وقالت الرسالة أيضاً إنَّ جيمس كومي أخبر الكونغرس، في تقرير سرّي في مارس/آذار 2017، بأن فلين لم يكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي في أثناء التحقيق؛ بل كان مرتبكاً فقط. وكان كومي قد صرّح، الشهر الماضي (أبريل/نيسان 2018)، لبرنامج Meet the Press على هيئة الإذاعة الوطنية “NBC”، بأن التأكيد لم يكن صحيحاً.
واعترض المحامون على كيفية وصف كومي علاقته مع ترمب بالمكتب البيضاوي. وأشاروا إلى أنّ كومي قال في شهادته أمام الكونغرس بعد إقالته، إنَّه لم يعارض طلب الرئيس، وسمّوا مذكّراته “ملاحظات خادمة لمصالحها”.
وقال المحامون: “لدى الرئيس الحقّ الكامل في التعبير عن وجهة نظره للقضية”، وأضافوا أنَّه “بإمكان الرئيس أيضاً أن يأمر بإنهاء التحقيق من قِبل وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي في أيّ وقت ولأيّ سببٍ كان”. وتابع المحامون قائلين إنَّه عن طريق إقالة فلين “سهَّل ترمب، في الواقع، السعي إلى تحقيق العدالة”.
وتطرق المحامون إلى أمر آخر حول السلوك الذي انتهجه ترمب في منصبه، وهي الانتقادات المتكررة -على “تويتر” غالباً- لمكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل. وقال المحامون إنَّ تصريحات ترمب مشابهة لطريقته في أداء عمله.
ومن الجدير الرد على الاقتراح الشائع بأن “انتقادات الرئيس المُعلَنة لمكتب التحقيقات الفيدرالي تشكّل عرقلة أو أنها دليل على العرقلة. تتجاهل مثل هذه الانتقادات مسؤولية الرئيس المقدّسة لمُحاسبة مرؤوسيه، وهي وظيفة لا تختلف عن جلسات استماع الكونغرس العامة.
وترى الصحيفة الأمريكية أنه في النهاية، مكتب التحقيقات الفيدرالي ليس فوق القانون، ونحن نتعلّم الآن من النتائج المخيّبة لانعدام المساءلة في كلٍّ من وزارة العدل الأميركية ومكتب التحقيقات الفيدرالي”، وفقاً لما تقوله الرسالة.
كانت حُججهم محدودة النجاح. ورد مسؤولو وزارة العدل بأن طلبوا من المفتشين العامين الخاصّين بالوزارة البحث في الكيفية التي كُشفت بها محتويات مذكرات كومي.