صحيفة روسية توضح أسباب تردد الكرملين في تزويد سوريا بـ”إس-300″
فتح إسقاط الطائرة الروسية في سوريا «إيل-20» بواسطة منظومة «إس-200» الدفاعية السورية، الباب أمام انتشار الشائعات بشأن الحادثة، انطلاقاً من القول إن إسقاطها كان مجرد خطأ ارتكبه الجيش السوري، وصولاً إلى القول إن ذلك يعتبر بمثابة حركة استفزازية متعمدة من قِبل دمشق، بهدف عرقلة التعاون الروسي-الإسرائيلي.
وفي جميع الحالات، تشير الخسارة التي تكبدتها روسيا هذه المرة، إلى انخفاض مستوى تدريب مقاتلي قوات الدفاع الجوي السورية، الأمر الذي لا يخدم مصالح موسكو في الوقت الحالي، حسبما قال موقع News.ru الروسي.
في 18 سبتمبر 2018، وصف فلاديمير بوتين حادثة سقوط الطائرة بالأمر غير المفتعل الذي جاء نتيجة الظروف الراهنة. ويرى بوتين أنه لا يمكن مقارنة سقوط طائرة «إيل-20» بالهجوم الذي استهدف الطائرة الروسية عام 2016 في سيناء، معتبراً أن روسيا اليوم تتعامل مع حادث مأساوي.
كما توعد بوتين باتخاذ تدابير مضادة تهدف إلى توفير أمن إضافي للمنشآت العسكرية الروسية داخل الأراضي السورية، قائلاً: «سنقوم باتخاذ خطوات هامة، وسيلاحظ الجميع ذلك».
وزارة الدفاع الإسرائيلية علقت ساعتها على الحادثة، وأفادت بأن بطاريات سورية مضادة للطائرات أطلقت النار عشوائياً ولم تكلف نفسها عناء التثبت من عدم وجود طائرات روسية في الجو خلال ردها على الهجوم الصاروخي الإسرائيلي.
استغرب الخبراء الروس من مسألة استهداف منظومة الصواريخ السزرية المضادة للطائرات الطائرة الروسية
ووفقاً لما ذكرته وزارة الدفاع الإسرائيلية، كانت مقاتلاتها من طراز «إف-16» داخل الأراضي الإسرائيلية في أثناء إطلاق الجيش السوري الصواريخ وسقوط الطائرة الروسية. وقد ذكرت القيادة العسكرية الروسية أن الحادث جاء نتيجة الخطوات غير المسؤولة للطيارين الإسرائيليين.
استغرب الخبراء الروس من مسألة استهداف منظومة الصواريخ المضادة للطائرات السورية طائرة «إيل-20» الروسية. وقد ذكر القائد السابق لقوات الصواريخ المضادة للطائرات الروسي، الجنرال ألكسندر جوركوف، أن التنسيق غائب بين المسؤولين السوريين. ووفقاً للخبير، اتخذ السوريون قراراً بشأن استخدام المنظومة، رغم علمهم بهبوط الطائرة الروسية في المنطقة، الأمر الذي يستوجب منهم إجراء بعض التعديلات على قنوات المراقبة.
تعود ترسانة الدفاع الجوي السوري إلى الحقبة السوفييتية. وبالإضافة إلى منظومة «إس- 200″، تعتبر أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات ذاتية الدفع ومتوسطة المدى، من طراز «بوك إم 1» و»بوك إم 2″، فضلاً عن الصواريخ ذاتية الدفع وقصيرة المدى، وقذائف مضادة للطائرات ذاتية الدفع وقصيرة المدى من طراز «ستريلا» و»أوسا»، التي يستخدمها الدفاع السوري في الوقت الراهن، عينات من التكنولوجيا السوفييتية.
خلال الفترة الفاصلة بين 2008 و2013، عززت روسيا قوات الدفاع الجوي السورية بعشرات الأنظمة للصواريخ المضادة للطائرات ذاتية الدفع من طراز «بانتسير- اس1».
خاصة أن الجيش الروسي ساعد سوريا كثيراً لتطوير خدماته
يعاني الجيش السوري رداءة جودة التدريبات التي يتلقاها. ومنذ انطلاق الأزمة التي تتخبط فيها سوريا، كانت روسيا قد زودت النظام السوري بأنواع معينة من الأسلحة. ولم تكتف بذلك فقط؛ بل عملت على تقديم المساعدة الاستشارية لسوريا خلال الهجوم الذي شنه التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في أبريل عام 2018.
مع ذلك، لا يزال إنشاء قوة دفاعية جوية سورية قادرة على القتال والمواجهة أمراً بعيد المنال. وقد أعرب بوتين في وقت سابق، عن نيته تزويد الجيش السوري بمنظومة دفاع جوية حديثة «إس-300″، لكن من المرجح أن يتراجع الجانب الروسي عن تنفيذ هذه الخطوة.
ويرى الخبير الروسي ومدير مركز الدراسات الإسلامية في معهد التنمية المبتكرة، كيريل سيمينوف، أنه لا يمكن تزويد سوريا بمنظومة دفاع جوي حديثة في ظل تمشيها الفوضوي وسوء إعدادها للهجمات.
قال سيمينوف إن «المشكلة تكمن في التدريب القتالي للجيش العربي السوري بشكل خاص، وطرق استخدام منظومة الدفاع الجوي بشكل عام. فإثر تلقيه هجمات من الجانب الإسرائيلي، يعمل الجيش السوري على توجيه مجموعة من الهجمات الصاروخية العشوائية دون التثبت من الجو. نعم، إن هذه تكتيكات الجيش السوري المعتادة».
ومن أجل تغيير الوضع، يؤكد سيمينوف أن روسيا بحاجة إلى إعادة تدريب قوات الدفاع الجوي السوري بشكل كامل وإصلاح نظام إدارتها، وإلا فسيكون توريد أسلحة جديدة أمراً غير مجدٍ.
ووفقاً للخبير الروسي، لا يتعين على روسيا اتخاذ مثل هذه الخطوات. ففي حال قامت موسكو بتعزيز قوات الدفاع الجوي السورية وزيادة فاعليتها، ستستغل إيران هذه النقطة وتعزز من خلالها حضورها في سوريا. وأضاف سيمينوف أن «هذا الأمر سيؤدي إلى تكثيف الهجمات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية داخل سوريا، لا سيما أن إسرائيل ترفض الوجود الإيراني داخل سوريا بشكل قاطع». وسيساعد هذا الوضع على خلق مناطق خالية من الوجود الإيراني في سوريا.
كما أوضح سيمينوف أنه «إذا لم تكن روسيا قادرة على التخلص من إيران، فمن الضروري إنشاء مناطق خالية من التشكيلات والمنشآت الإيرانية على الأقل. وفي المقام الأول، يجب إخلاء المناطق القريبة من القواعد العسكرية الروسية من التشكيلات الإيرانية. إن روسيا ليست في نزاع مع إسرائيل ولم تأت إلى سوريا لمساعدة الإيرانيين ضد تل أبيب. ومن الضروري بذل جهود حثيثة لضمان عدم إقحام روسيا في النزاع الإسرائيلي-الإيراني داخل سوريا».
ووفقاً للمدير السابق لمركز المعلومات والتحليلات التابع لوزارة الدفاع الروسية، الجنرال المتقاعد بافل زولوتاريوف، ينبغي لروسيا عدم التفكير في كيفية تحسين الدفاع الجوي السوري أو تزويد دمشق ببعض الأسلحة الجديدة، خاصة أن ذلك يتطلب عقد اتفاقيات واضحة مع الجانب الإسرائيلي. وأضاف زولوتاريوف أن «وزارة الدفاع أشارت إلى أن إسرائيل حذرت من شن هجوم على سوريا قبل دقيقة فقط من تنفيذه، ويبدو مثل هذا التصرف غير نزيه بالمرة».
وإذا تطابقت تصريحات القيادة العسكرية الروسية التي تفيد بإسقاط الطائرة الروسية بواسطة المقاتلات الإسرائيلية، فمن غير الممكن استبعاد فرضية تزويد سوريا بمنظومة «إس-300» الروسية. ويعتقد زولوتاريوف أنه من الصعب التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل، ولكن قدرة موسكو على عقد اتفاقيات مع تركيا بشأن محافظة إدلب، التي مثلت مشكلة بالنسبة لتركيا، تدل على قدرة الكرملين على التفاوض في حال رغب في ذلك.