صحيفة بوليتيكو تكشف محاولات قطر اختراق إدارة ترامب
يواصل تنظيم الحمدين، محاولاته المستميتة لشراء نفوذ دولى وهمى، من خلال دفع أموال طائلة فى محاولة اختراق إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، خاصة فى ظل الضربات المتلاحقة التى وجهتها واشنطن مؤخرا لأذناب وحلفاء الحمدين، بعدما أدرجت الحرس الثورى الإيرانى على لائحة الإرهاب، كما تسعى لإدراج الإخوان أيضا، إضافة إلى دعم ترامب عملية الجيش الوطنى الليبى ضد ميليشيات قطر فى ليبيا، وفقا لما أكدته قطريليكس.
وكشف تقرير جديد لصحيفة “بوليتيكو” المهتمة بالشأن السياسى فى أمريكا، عن حلقة جديدة من المساعى القطرية للتأثير فى القرار السياسى للإدارة الأمريكية، قائلة إن النظام القطرى يكثف محاولاته لوقف الانتكاسات الدبلوماسية المتلاحقة التى يمنى بها على الساحة السياسية فى الولايات المتحدة، وذلك عبر الإبقاء على صلاته بشخصيات مقربة من الرئيس دونالد ترامب وحزبه الجمهوري، بغرض تصعيد حملاته الإعلامية الرامية للتأثير فى الدوائر السياسية والإعلامية فى واشنطن.
وفضحت الصحيفة اتجاه عصابة الدوحة تمديد تعاقدها مع اثنين من كبار المساعدين السابقين للقيادى الجمهورى البارز رودلف جوليانى عمدة نيويورك السابق، الذى اختاره ترامب قبل شهور محاميا له، وعمل سابقا كبيرا لموظفى البيت الأبيض فى إدارة الرئيس جورج بوش الابن.
ونقلت الصحيفة عن وزارة العدل الأميركية قولها إن التعاقد، الذى وصف بـ”السخي”، يشمل كريس هنيك وتونى كاربونيتي، وينص على استخدام خبرات الرجلين لخدمة السياسات الخارجية للنظام القطري، والترويج له فى الدولة الأكبر فى العالم، بما يشمل ضمنيا تبييض سجلاته السوداء، سواءٌ على صعيد تمويل الإرهاب أو علاقته المشبوهة بأنظمة حكم مارقة، مثل نظام الملالى المهيمن على السلطة فى إيران.
ويمتلك هنيك، بالمشاركة مع كاربونيتي، شركة بلوبرينت أدفيزرز، وكان يعمل من قبل فى شركة للاستشارات وتقديم الخدمات الأمنية مملوكة لجولياني، كما كان من بين كبار مستشارى الحملة الانتخابية للقيادى الجمهوري، حينما حاول نيل ترشيح حزبه لخوض السباق الرئاسى فى الولايات المتحدة عام 2008.
وأوضحت “بوليتيكو” أن قطر لجأت العام الماضى للتعاقد مع هذه الشركة المتخصصة فى الدعاية والعلاقات العامة والتأثير على جماعات الضغط، وذلك فى غمار العزلة الإقليمية المتصاعدة التى تعانى منها، منذ فرضت الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب إجراءاتها الصارمة ضد نظام تميم مطلع يونيو 2017.
وفضح التقرير الجهود مدفوعة الأجر التى قام بها الرجلان نيابةً عن قطر، فى إطار مساعيهما الرامية لحمل الإدارة الأميركية على تبنى سياسات أقل تشددا حيال الدوحة، وذلك من قبيل عقدهما اجتماعاتٍ مع أعضاء بارزين فى الكونجرس ومسؤولين كبار فى وزارة الخارجية فى واشنطن.
ومن بين هؤلاء المسؤولين، حسبما كشفت وثائق وزارة العدل الأميركية، وزير الخارجية مايك بومبيو، ونائب مساعد الوزير لشؤون منطقة الخليج العربى تيم ليندركينج، الذى كان من بين أعضاء وفد أميركى زار المنطقة الربيع الماضى لإجراء مباحثات استهدفت وقتذاك تسوية الأزمة القطرية.
كما شملت قائمة الشخصيات التى اجتمع بها هنيك وكاربونيتى على مدار الأشهر الماضية، عضو مجلس الشيوخ الجمهورى البارز لينزى جراهام والعضو الجمهورى فى مجلس النواب بيت كينج.
كما تطرق التقرير إلى الوضع الاقتصاد للدوحة، مشيرا إلى أن المساعدين السابقين لجوليانى اعترفا فى وثيقة قدماها للسلطات الأميركية فى يناير الماضي، بأنهما لم يتقاضيا مستحقاتهما بموجب العقد المبرم بينهما وبين الدوحة، والذى تصل قيمته إلى 100 ألف دولار شهريا.
ونقلت الصحيفة فى تقرير عن الوثيقة قولها إن الشركة المملوكة للرجلين لم تتلق المدفوعات بعد، لكنها تتوقع أن تحصل على كامل أموالها المستحقة نظير الخدمات التى قدمتها.. خلال الشهور القليلة المقبلة.
وأفاد التقرير بأن الاثنين اضطرا أيضا إلى أن يتحملا بنفسيهما النفقات التى تكبداها خلال المهام المشبوهة التى اضطلعا بها لحساب حكومة قطر، وشملت قائمة هذه المدفوعات، نحو 1100 دولار دفعها هنيك وكاربونيتى نظير الإقامة وتناول العشاء فى فندقٍ فاخر فى الدوحة العام الماضي، بجانب قرابة 7300 دولار مثلت قيمة بطاقات سفرٍ استخدماها خلال رحلات جوية وأخرى بالقطار أثناء عملهما لصالح نظام الحمدين.
وأُضيفت إلى هذه الفاتورة مبالغ لم تسددها قطر رغم أنها تبدو شديدة الضآلة، مثل 141 دولارا دفعها الرجلان فى أحد مطاعم واشنطن، فى اليوم نفسه الذى التقيا فيه غراهام خلال أكتوبر من العام الماضي.
وفى مقابلته مع “بوليتيكو”، اعترف كاربونيتي، الذى سبق وأن شارك جوليانى تأسيس شركته للاستشارات والخدمات الأمنية، بأن السنوات التى عمل فيها إلى جوار العمدة السابق لنيويورك، ساعدته على “إقامة صلات” اعتمد عليها فى الاتصالات التى يجريها من أجل الترويج للسياسات القطرية المثيرة للجدل فى الولايات المتحدة.
ورغم محاولة هذا الرجل الزعم بأن علاقته الوطيدة بالقيادى الجمهورى المرموق لم تلعب دورا فى تأمين عقده لقاء مع وزير الخارجية الأميركى وغيره من المسؤولين والمُشرّعين البارزين، فقد أقر بأن عمله مسؤولا عن مكتب جوليانى أدى إلى تعريفه بـ”الكثير من الأشخاص على مدار سنوات طويلة”.
وأبرم نظام الحمدين خلال الصيف الماضى تعاقدا مماثلا مع شركة ديبفواز آند بليمبتن، وقعه بالنيابة عن تلك الشركة مايكل موكاسي، الذى عمل لعقود طويلة مع جولياني، ما أدى إلى توطيد الصلات بينهما، إلى حد أن موكاسى تعهد بتقديم المساعدة والدعم للمحامى الحالى للرئيس الأميركي، عندما كان يواجه مشكلات قضائيةً عام 2007.
وبحسب سجلات وزارة العدل الأميركية، خصص النظام القطرى ميزانية لا تقل عن 24 مليون دولار لتمويل جماعات اللوبى الموالية له فى الدولة الأكبر على مستوى العالم منذ الخامس من يونيو 2017، وهى الجماعات التى تم التواصل معها من خلال 23 من شركات الدعاية والعلاقات العامة العاملة على الساحة الأميركية.
وبلغ إجمالى إنفاق الدوحة فى هذا الشأن خلال 2017 وحده قرابة 16.3 مليون دولار، مُقارنة بإجمالى 8.5 مليون دولار خصصت للهدف ذاته خلال عامى 2015 و2016 بالكامل، أى بزيادة قدرها ثلاثة أضعاف تقريبا.