شينخوا: مشاركة مصر بمعرض شنغهاى دفعة جديدة للعلاقات بين البلدين
شهدت مدينة شنغهاى الصينية اليوم الاثنين، افتتاح أول معرض كبير على المستوى العالمى يقام تحت عنوان الواردات، حيث يأتى المعرض فى وقت تواصل فيه الصين فتح سوقها أمام العالم موفرة بذلك منبرا للتعاون الاقتصادى والتجارى مع البلدان الأخرى، ومن بينها: مصر التى اختيرت لتكون إحدى ضيوف شرف المعرض، حيث تأتى مشاركة القاهرة فى المعرض كمثال بارز على التعاون البراجماتى بين البلدين فى ظل نمو كبير شهدته العلاقات الثنائية فى الفترة الماضية فى شتى المجالات.
وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) – فى تقرير خاص بثته اليوم- أن أهمية مشاركة مصر فى المعرض بوفد رفيع المستوى يترأسه رئيس الوزراء المصرى مصطفى مدبولى تأتى انطلاقا من كونها شريكا استراتيجيا للصين فى منطقة الشرق الأوسط والعالم العربى وإفريقيا حيث سيكون هذا الحدث المهم فى تاريخ التجارة الدولية منصة للتعاون الشامل والمنفتح بين البلدين، وفرصة للاستفادة من السوق الاستهلاكية الصينية وزيادة الصادرات المصرية المميزة إليها، ونافذة جديدة تعرض من خلاله مصر أوجه تنميتها الاجتماعية وإنجازاتها الاقتصادية وما لديها من فرص استثمارية وما اتخذته من إجراءات لتحسين مناخ الأعمال والاستثمار.
وترتبط مصر بعلاقات اقتصادية وتجارية قوية مع الصين دعمت منظومة التبادل التجارى بين البلدين، وساهمت فى وضع مصر فى المركز الرابع فى قائمة أكبر الشركاء التجاريين للصين بقارة أفريقيا، حيث أعلنت المصلحة العامة للجمارك الصينية أن حجم التبادل التجارى بين الصين ومصر بلغ نحو 5ر7 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2018، بزيادة 24%، وبلغت الواردات الصينية من مصر خلال هذه الفترة مليار دولار، بزيادة 1ر34% على أساس سنوى، وعلى نحو خاص ارتفعت الصادرات المصرية السلعية إلى السوق الصينية خلال عام 2017 لتصل إلى 408 ملايين دولار مقارنة بنحو 255 مليون دولار خلال عام 2016 بنمو 60%، حيث ترجع هذه الزيادة إلى أن المنتجات المصرية تلقى قبولا لدى المستهلك الصينى وهو ما يسهم بدوره فى انخفاض عجز الميزان التجارى بين البلدين.
ويقول المحللون الصينيون أنه من المتوقع أن تشهد العلاقات التجارية بين البلدين ازدهارا فى ظل سعى مصر خلال المرحلة الحالية إلى فتح المزيد من الأسواق الجديدة والتوسع فى الأسواق التقليدية، والتزام بكين الواضح وعزمها الأكيد على توسيع انفتاحها وتقاسم منجزات هذا الانفتاح فى العصر الجديد مع العالم بهدف تحقيق التنمية المشتركة، حيث أكدت الصين مرارا أنها تسعى خلال السنوات الخمس المقبلة لاستيراد بضائع وخدمات قيمتها 10 تريليونات دولار أمريكى وجذب استثمارات أجنبية قيمتها 600 مليار دولار أمريكى، واستثمار 750 مليار دولار أمريكى فى الخارج.
ويؤكد “لى دا وى” الباحث بمعهد الصين لدراسات الاقتصاد الكلى أن الصين لديها سوق محلى ضخم وناضج ومنظم، وهو ما يمنحها ميزة إضافية عند مشاركتها فى تعزيز التعاون الاقتصادى الدولى، مشيرا إلى أن توسيع الصين للاستيراد يشكل نهجا مهما لتحقيق النجاح المشترك ليعم النفع على الجميع.
كما شهد العالم جدية الصين فى الانفتاح مع إعلان لجنة الرسوم الجمركية التابعة لمجلس الدولة الصينى (مجلس الوزراء) فى سبتمبر الماضى تخفيض التعريفة الجمركية على 1585 سلعة مستوردة اعتبارا من أول نوفمبر، لتشمل قطاعات المنسوجات والخزف والصلب والآلات وبعض المنتجات القائمة على الموارد والسلع المصنعة بشكل أولى، وهى تخفيضات جاءت بعدما اعتمدت الصين تعريفة صفرية على معظم الأدوية المستوردة بدءا من أول مايو وخفضت التعريفات الجمركية على السيارات وقطع غيارها إلى جانب بعض السلع الاستهلاكية بدءا من أول يوليو.
وأشارت الوكالة الصينية إلى أنه قبل عدة قرون، ربط طريق الحرير القديم بين الحضارتين الصينية والمصرية برباط وثيق حيث كان جسرا للصداقة والتواصل الودى بين أمتين عريقتين، وتعتبر مبادرة الحزام والطريق، التى طرحها الرئيس الصينى شى جين بينج عام 2013 خطوة مهمة للصين على طريق تعميق إصلاحها الاقتصادى وانفتاحها على الخارج، إذ تسهم من ناحية فى مواصلة روح طريق الحرير القديم وتحفيز نمو الدول المشاركة فيها وتحقيق منافع مشتركة لهم، وتعطى من ناحية آخرى زخما كبيرا لعلاقاتها مع دول العالم ومن بينها مصر فى المرحلة الجديدة.
فمصر تعد مركزا محوريا على طريق الحرير فى ظل موقعها الجغرافى الفريد كونها تربط بين قارتى آسيا وإفريقيا، وفى إطار ما تنفذه من مشروعات قومية كبرى ومن بينها: مشروع العاصمة الإدارية الجديدة ومشروع تنمية محور قناة السويس وخاصة منطقة السويس للتعاون الاقتصادى والتجارى بين الصين ومصر التى تعد من أولى مناطق التعاون الاقتصادى والتجارى بين الصين وأفريقيا وأصبحت مشروعا مهما للتعاون الصيني- الإفريقى فى إطار مبادرة الحزام والطريق، وهو ما يسهم بدوره فى تعزيز التجارة والاستثمار بين مصر والصين وبين مصر وباقى الدول المشاركة فى المبادرة.
ويتعمق التعاون بين البلدين فى إطار مبادرة الحزام والطريق فى وقت يواجه فيه الجانبان الصينى والمصرى مهمة مشتركة تتمثل فى تحقيق التنمية، فالحكومة المصرية تعمل على تنفيذ إجراءات إصلاح اقتصادى تهدف إلى جذب المزيد من الاستثمارات وتوفير فرص عمل وتنشيط قطاع السياحة وتعزيز دور القطاع الخاص، فى الوقت الذى تدخل فيه الصين عصرا جديدا من الاشتراكية ذات الخصائص الصينية تعمل فيه على توسيع نطاق الإصلاح والانفتاح، ومن ثم تمضى كل من الصين ومصر نحو مسيرة جديدة من التنمية، وثمة توافق كبير فى الرؤى حول التنمية الشاملة للبلدين، لذا يتمتع البلدان بآفاق واسعة للتعاون.
وأكد “سونغ أى قوه” سفير الصين لدى مصر أن التعاون المصرى الصينى فى المشروعات الاقتصادية يشهد تقدما سريعا مثل مشروع إنشاء خطوط شبكات كهرباء جهد 550 كيلو فولت لشبكة الكهرباء المصرية ومشروع القطار الكهربائى بمدينة العاشر من رمضان المصرية وغيرهما من المشروعات، وأنه “بفضل تلك المشروعات، تمكنت مصر من الدخول إلى الصف الأمامى فى بعض القطاعات فى العالم”.
وثمن سون ده قانغ الباحث بمعهد دراسات شؤون الشرق الأوسط بجامعة الدراسات الدولية بشنغهاى التعاون الاستثمارى بين البلدين، مشيرا إلى أنه فى عام 2017 احتل حجم إنتاج مصنع شركة جوشى الصينية المحدودة فى مصر من الفايبر جلاس المرتبة الثالثة عالميا، لافتا إلى أن الصين ستشارك مستقبلا بصورة كبيرة فى بناء البنى التحتية مثل الموانيء والطرق وغيرها بمصر، لتصبح مصر جسرا يربط بين تنمية الصين وعلاقاتها التجارية مع العالم العربى ودول البحر المتوسط وإفريقيا.
كما وقعت الصين العديد من الاتفاقات مع مؤسسات مالية مصرية، وأعربت مصر عن استعدادها لربط خطط التنمية الخاصة بها مع مبادرة الحزام والطريق وتوسيع التعاون فى البنية التحتية مع الصين فى إطار البنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية الذى تعد مصر عضوا مؤسسا فيه.
وعلاوة على ذلك، شهد التعاون بين البلدين فى مجال السياحة قفزة كبيرة حيث زادت حماسة الصينيين للسفر إلى مصر فى السنوات الثلاث الماضية بشكل كبير، الأمر الذى يرتقى بعلاقات التعاون بين البلدين إلى مستوى جديد.
ومن المتوقع أن تسهم مبادرة الحزام والطريق فى إتاحة الفرص لكى تصبح الصين من أكبر الدول المستثمرة فى مصر خاصة فى ظل الجهود المبذولة لتحسين مناخ الاستثمار فى مصر بما فى ذلك إصدار قانون الاستثمار الجديد الذى يوفر مجموعة من الحوافز الاستثمارية للمستثمرين لاسيما أن مصر تتطلع إلى أن تصبح الصين ضمن أكبر 10 دول مستثمرة فيها وزيادة عدد الشركات الصينية العاملة فيها والبالغ 1080 شركة.
وتأتى ثمار التعاون الصينى المصرى التى تحققت فى السنوات الأخيرة ترجمة للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فخلال زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الصين عام 2014، اتفق الجانبان على الارتقاء بعلاقاتهما إلى شراكة استراتيجية شاملة، ما رفع وتيرة تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين. وفى يناير عام 2016، قام الرئيس الصينى شى جين بينج بزيارة تاريخية إلى مصر لتطوير وتعميق التعاون بين البلدين. وفى السنوات الأخيرة، أعطت اللقاءات السنوية بين رئيسى الدولتين دفعة غير مسبوقة لتنمية العلاقات الصينية- المصرية.
واختتمت الوكالة تقريرها بحكمة صينية تقول أن “الأصدقاء عندما يسيرون معا يشقون دربا جديدا”، وثمة إيمان راسخ بأن معرض الصين الدولى للواردات بشنغهاى فى دورته الأولى سيكون بداية لشق الصينيين والمصريين معا دروبا جديدة لدفع التعاون الصينى المصرى وتوسيع نطاقه من المجالات التقليدية إلى مجالات أخرى، وتحقيق التلاحم بين استراتيجيات التنمية فى البلدين بما يحقق الفائدة للشعبين الصديقين.