شكوى ضد فرنسا لدى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لرفضها إعادة طفلين ووالدتهما من سوريا
وسط غياب معلومات رسمية وفي مواجهة سلطة حكومة فرنسية تطبق عمليات الإعادة إلى الوطن على أساس “كل حالة على حدة”، لجأ أجدادُ طفلين فرنسيَيْن لأم انضمت إلى صفوف تنظيم “الدولة” ومحتجزة حالياً في مخيم للأكراد بالشمال السوري، إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من أجل الحصول على إدانة الدولة الفرنسية التي ترفض إعادة الطفلين إلى أراضيها، وفق ما أكد محامو العائلة بفرنسا، في بيان مساء الاثنين.
الطفلان، هما صبي في الرابعة من العمر، وشقيقته في الثالثة من العمر، يتم احتجازهما مع والدتهما في مخيم الهول منذ فبراير 2019، ويعانيان من الأوبئة وسوء التغذية، طبقاً للمحامين الذين تقدموا بالشكوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان، والتي أوضحوا فيها أن الطفلين أصيبا في باغوز حيث تلقى أحدهما شظايا دون أن يعالج على الإطلاق.
وحذر أجداد الطفلين من أن الدولة الفرنسية “برفضها إعادة الأم وطفليها المصابيْن، فإنها تعرضهم عن وعي وتعمد لمعاملة لا إنسانية ومهينة، وبالتالي تنتهك المادة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تنص على أنه لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب أو لأي عقوبة أو معاملة”.
وتؤكد الأم، التي تخضع لمذكرة توقيف أصدرها قاض فرنسي لمكافحة الإرهاب بحقها، “رغبتها في إعادة أطفالها إلى وطنهم وتحمل مسؤوليتها الجنائية على الأراضي الفرنسية”، وفقًا للمحامين.
وكانت عائلات أطفال المقاتلين الفرنسيين المحتجزين في شمال سوريا؛ قد تقدمت قبل نحو شهرين، بشكوى جماعية مماثلة ضد الدولة الفرنسية، أمام لجنة حقوق الطفل التابعة لمنظمة الأمم المتحدة؛ متهمين إياها بـ“التقاعس”.
وفي الوقت الحالي، ترفض الحكومة الفرنسية إعادة المقاتلين الفرنسيين في صفوف تنظيم “الدولة”، مكتفية بإعادة الأطفال فقط إلى أراضيها على أساس ”كل حالة على حدة”. وقد أعيد خمسة أيتام إلى الأراضي الفرنسية في 15 مارس الماضي، وطفلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات في يوم 27 من نفس الشهر، والتي تم الحكم بالسجن مدى الحياة على والدتها في العراق.
وتُعد هذه المسألة حساسة للغاية بالنسبة للبلدان الأوروبية، خاصة فرنسا التي أظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة “ لوفيغارو” في أوائل شهر مارس/ آذار الماضي، أن 67 في المئة من مواطنيها المستطلعة آراؤهم يعارضون عودة أطفال الجهاديين الفرنسيين من العراق وسوريا.
لكن في المقابل، يعتبر آخرون أن هؤلاء الأطفال ”ضحايا الحرب”، كما شددت على ذلك العريضة التي أطلقها المحاميان ماري دوزي التي تدافع عن عائلات الجهاديين الفرنسيين في سوريا، وهنري لوكليرك الرئيس الشرفي للرابطة الفرنسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمواطن، في شهر مارس/آذار الماضي، والتي وقع عليها العديد من الشخصيات السياسية والفنية في فرنسا.
العريضة، شددت على أن ترك هؤلاء الأطفال في المخيمات الكُردية بشمال سوريا، هو أمرٌ مخالف للقيم الفرنسية؛ محذرة من مغبة أن هؤلاء الأطفال “لن يصبحوا قنابل موقوتة إلا في حال استمرت فرنسا في رفض إعادتهم إلى وطنهم”.
تجدرُ الإشارة إلى أن الأحكام الصادرة عن محكمة حقوق الإنسان الأوروبية هي أحكام مُلزِمة، كما يؤكد أوريلين غودفوي- المتخصص في القانون الدولي.
ووفقاً لمنظمة إنقاذ الطفولة غير الحكومية، فإن هناك نحو 2500 طفل من 30 جنسية مختلفة، يتم احتجازهم في ثلاثة مخيمات بشمال شرق سوريا، بينهم نحو 100 طفل فرنسي قاصر.
وفِي المجموع، عاد إلى الأراضي الفرنسية حتى الآن 95 طفلاً فرنسياً من العراق وسوريا منذ عام 2015.