شقيق البغدادي سافر إلى تركيا عدة مرات
كشفت صحيفة “ذا ناشيونال” أن شقيق زعيم تنظيم داعش الإرهابي سابقا، أبو بكر البغدادي، سافر عدة مرات إلى مدينة إسطنبول التركية، عن طريق الشمال السوري، قبل أن يلقى مصرعه، في أكتوبر، إثر عملية عسكرية أمريكية.
ونقلت الصحيفة عن مصدرين في المخابرات العراقية، إن شقيق البغدادي كان واحدا من المبعوثين الموثوق بهم لدى قيادة داعش، لأنه كان كان يوصل ويحتفظ بمعلومات حول عمليات التنظيم الإرهابي في كل من سوريا والعراق وتركيا.
وجرى القضاء على زعيم داعش، في 26 من أكتوبر، في عملية عسكرية أمريكة، بقرية بريشا في محافظة إدلب، شمالي غربي سوريا، أي في المناطق الخاضعة لنفوذ أنقرة.
وقال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إن البغدادي قضى آخر لحظات حياته وهو يصرخ ويئن، ثم فجر نفسه بحزام ناسف بعدما وجد نفسه محاصرا داخل نفق.
وأوضحت معطيات “ذا ناشيونال”، أن شقيق البغدادي قطع الرحلة بين الشمال السوري وإسطنبول، عدة مرات، أي أنه دأب على السفر لما يقارب 2300 كيلومتر دون أن يجري توقيفه، على أراضي دولة عضو ضمن حلف شمالي الأطلسي “الناتو”.
وقال مسؤول كبير في المخابرات العراقية، إن شقيق البغدادي كان يسافر إلى تركيا ثم يعود منها، وهذا الشقيق يسمى جمعة، ويرجح أنه ما يزال على قيد الحياة، لكن لا توجد أي صورة له.
تحركات مريبة
ورصدت الشرطة العراقية، شقيق البغدادي أول مرة، في أواخر 2018، أي قبل أن يصل إلى إسطنبول؛ كبرى المدن التركية.
وتعاونت مصالح الأمن في العراق مع نظيرتها الأميركية، لأجل مراقبة جمعة داخل الأراضي التركية، لكن متحدثين باسم وزارة الدفاع الأميركية والتحالف الدولي لمكافحة داعش رفضا التعليق على هذه المعلومات لأنها ذات طبيعة استخباراتية.
وبحسب عميل للاستخبارات العراقية، فإن آخر زيارة لشقيق البغدادي إلى تركيا جرى رصدها في أبريل الماضي، ومن المحتمل أن يكون قد عاد بعد ذلك إلى الشمال الغربي من سوريا، أي قبل أشهر من كشف المخبأ الذي احتمى فيه زعيم المتشددين.
ويستبعد المصدر الاستخباراتي العراقي، أن يكون شقيق داعش قد عبر إلى تركيا عن طريق المهربين، ويرجح في المقابل أن يكون قد عبر بشكل حر وسلس.
وأورد العميل أن شقيق البغدادي، كان يتواصل مع شخص داخل مدينة إسطنبول، وذلك الشخص كان يلتقي مصدر المخابرات العراقية.
والتقى مصدر المخابرات العراقية، المبعوث الذي يسلم الطرود إلى شخص وسيط حتى ينقلها إلى شقيق البغدادي، وعندئذ، تنتقل إلى أيدي زعيم المتشددين، شمالي سوريا.
وأظهرت الطرود التي جرى إرسالها كيف أن البغدادي ظل مطلعا بشكل جيد على تقدم التنظيم، دون رصده طيلة سنوات، ثم بقي هاريا رغم مضي عدة أشهر على سقوط كافة الأراضي التي كان استولى عليها الإرهابيون باسم “الخلافة” المزعومة.
وأورد المسؤول العراقي، الذي لم يذكر اسمه، أن البغدادي لم يكن متهما بالعراق فقط، وإنما كان يركز أيضا على عناصر داعش داخل تركيا.
وراقب الأميركيون والعراقيون، زعيمَ داعش، خلال خمسة أشهر، لكن لم يتضح ما إذا كان جمعة هو الذي ظل ينقل الطرود بشكل مباشر إلى يد أخيه أبو بكر في محافظة إدلب.
ولم تتأكد المخابرات من هذا الأمر لأنها كانت تفقد الخيط الذي يتبع شقيق البغدادي، حين يدخل إلى المنطقة التي قتل بها، لأنها تخضع لسيطرة الإرهابيين، أي لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا).
وأصيب مسؤولو المخابرات بالحيرة، لأنهم استغربوا أن يتجه شقيق البغدادي إلى محافظة إدلب، فيما كان المحتمل أن يختبئ البغدادي، شمال شرقي سوريا، أي في آخر معاقل التنظيم المتشدد.
ولم يستطيع مسؤولو المخابرات، أن يفهموا قدرة جمعة، شقيق البغدادي، على قطع أراض خاضعة لسيطرة الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية التي قادت جهود الحرب ضد التنظيم المتطرف.
شكوك حول تركيا
ونقلت “ذا ناشيونال” عن مسؤول عسكري كبير سابقا في الجيش التركي إنه من المستحيل ألا تكون تركيا، غير عارفة بأمر البغدادي في المنطقة التي تبعد كيلومترات قليلة فقط عن الحدود مع سوريا.
ويوم الثلاثاء، أعلنت تركيا عن اعتقال شقيقة البغدادي، رسمية عواد، البالغة 65 عاما، في مسعى إلى تبديد الشكوك، وحتى تظهر أنقرة بمثابة طرف متعاون في الحرب ضد الإرهاب.
وواجهت تركيا انتقادات كبيرة بعد عملية البغدادي، وقال بريت ماكغورك، وهو مبعوث الولايات المتحدة سابقا إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش في مقال بصحيفة “واشنطن بوست”، إن الجيش الأميركي أطلق عمليته العسكرية ضد البغدادي من الأراضي العراقية، فيما كان بوسعه أن يفعل ذلك من منشآت تركية قريبة، وهذا الأمر يظهر على الأرجح، عدم الثقة في أنقرة.
أما إخبار تركيا بالعملية فجرى قبل وقت قصير من التنفيذ، أي الوقت نفسه الذي شهد إخطار دولتين تدخلان ضمن خانة الخصوم وهما روسيا وسوريا، فيما يفترض أن تكون تركيا بين الحلفاء.
ويرى أحمد يايلا، وهو مسؤول سابق في شرطة مكافحة الإرهاب التركية، كما أنه باحث في برنامج جامعة جورج واشنطن حول التطرف، أن الشرطة والمخابرات التركيتان لا تنظران إلى داعش بمثابة تهديد، لكن الرئيس أردوغان يحاول أن يظهر كمن يحارب داعش.