سموم بعض الحيوانات تستخدم في علاج مجموعة كبيرة من الأمراض
إذا قادك حظُّك العاثر للاقتراب من حلزون مخروطي، فقد تجد نفسك تكافح سُماً يمكن أن يسبب التورم والألم والقيء وشلل العضلات حتى الموت.
بالتأكيد لا يبدو ذلك السم كشيء يمكن استخدامه للحَقْن طواعية، لكن سم القواقع المخروطية هو الأساس لمسكّن الألم الذي وافقت عليه إدارة الغذاء والدواء الأميركية، كما أن مقالاً جديداً نُشر في 30 أغسطس في مجلة ساينس، يقول إن سموم الحيوانات الأخرى يمكن أن تكون لها نفس الفائدة، حسب موقع Live Science.
سموم لها استخدامات علاجية!
يمكن للمكونات الموجودة في السم أن تعالج حالات مرضية متنوعة، مثل الصرع والسكري والألم المزمن، كما تقول الباحثة ماندي هولفورد المشاركة في كتابة المقال، وهي أستاذ كيمياء في كلية CUNY-Hunter ومركز الدراسات العليا في نيويورك.
وقالت هولفورد لـ «لايف ساينس»: «ليس من المستغرب القول إن المركبات التي نجدها في هذه السموم لها استخدامات علاجية». [اختيار السموم: من السموم ما يعالج الأمراض]
فوائد السموم، وكيف تطورت؟
تقول هولفورد، إن 15% من الكائنات الحية على الأرض لديها سموم، وتضيف: «في كل مكان تذهب إليه لا تكون بعيداً عن حيوان سام».
وهذه السموم معقَّدة بشكل مذهل، ظلَّت تلك الفصائل من الحيوانات تفرزها على مدى آلاف السنين، فيما يسمى بسباقات التسلح بين المفترس والفريسة. وبينما تنشأ لدى الفريسة مقاومة نوع واحد من السم عبر الأجيال المتعاقبة، تتطور أنواع السموم الجديدة واحداً تلو الآخر لدى الحيوانات المفترسة السامة. ونتيجة لذلك، تحتوي السموم على مكونات متعددة تعمل على أهداف متعددة. تتخصص بعض الحيوانات في مهاجمة الأعصاب، والبعض الآخر في تدمير خلايا الدم.
وقالت هولفورد
«إنها مثل قنبلة عنقودية».
لكن هذه المكونات المميتة يمكن أن تكون مفيدة أيضاً، هناك سلاسل قصيرة من الأحماض الأمينية تسمى الببتيدات لها أهمية كبيرة لدى الباحثين في مجال الطب الحيوي. تطورت الببتيدات في السم لتكون مستقرة جداً في الجسم، مع الروابط الكيميائية التي يمكن أن تتحمل الحقن في بيئة أجنبية.
العديد منها له أهداف خلوية تتعلق أيضاً بالأمراض. على سبيل المثال، تنتج العديد من العناكب والعقارب، ومئوية الأرجل، والحلزون المخروط السم الذي يستهدف القنوات الأيونية على سطح الخلايا العصبية، كما يقول المؤلف المشارك في المقالة غلين كنغ، وهو أستاذ الكيمياء والعلوم الحيوية الجزيئية في جامعة كوينزلاند، أستراليا. تفتح القنوات الأيونية وتغلق لتسمح للجزيئات بالدخول والخروج من الخلية، وهي شديدة الأهمية في وظائف مثل الاتصالات الخلوية. على هذا النحو، يمكن للببتيدات التي تعمل على القنوات الأيونية أن تكون مفيدة لعلاج الاضطرابات العصبية، مثل السكتة الدماغية والصرع والألم المزمن.
الحلزون المتواضع
حتى الآن، لا يوجد سوى ستة أدوية مستوحاة من السموم، معتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية في السوق. زيكونتايد، الذي يباع تحت الاسم التجاري Prialt، هو واحد منها. هذا الدواء مستمد من سم الحلزون المخروطي، ويستخدم لعلاج الألم المزمن. اكسناتايد، يباع باسم Byetta و Bydureon، هو دواء مضاد للسكري مشتق من سم الهيلية (Heloderma suspectum)، وهي إحدى السحالي السامة.
كابتوبريل، يباع باسم Capoten، يعالج ضغط الدم المرتفع، ويصنع من سم Bothrops jararaca، وهو نوع من الأفاعي القاتلة.
كما يستمد عقاران مضادان للتجلط، ابتيفيباتايد (Integrilin) وتيروفبان (Aggrastat)، من سموم الأفعى. Hirudin الذي يمنع تجلط الدم، يأتي من لعاب العلق مصاص الدماء، حسب موقع Live Science العلمي.
وقالت هولفورد إن سم الحلزون المخروطي هو مثال جيد للسموم التي يمكن أن تكون أيضاً أدوية مفيدة. يتغذى الحلزون المخروطي على الأسماك، لكن سرعته في الماء أبطأ بكثير من الأسماك. لذلك، تطلق على فرائسها رمحاً ساماً. أحد آثار هذا السم هو ألم خدر حتى لا تدرك الأسماك أنها ضُربت وتحتاج للهروب. كان هذا تأثير تخدير الألم الذي أدى إلى تطوير زيكونوتايد.
وتقول هولفورد وزملاؤها، إن سم الحلزون المخروطي يحتوي على العديد من الببتيدات، ويقوم العلماء حالياً بالتحقيق في الببتيدات الأخرى في السم لمعالجة الحالات المختلفة. وتفتح التكنولوجيا الجديدة المجال. يقول كينغ إن التقدم اليوم في تسلسل الحمض النووي والبروتين يعني أنه يمكن دراسة كميات أصغر من السم، وهي نعمة كبرى عند التفكير في كائنات مثل النحل أو النمل، والتي تنتج قطرات بسيطة.
أشار كينغ، كما هو الحال في جميع الاستكشافات المبكرة للعقاقير، إلى أن معظم المستحضرات الصيدلانية المستوحاة من السم لا يصرح بها خلال التجارب السريرية. إنها مثل الألماس الخام، تلك الببتيدات التي توجد في لعاب الهيلية، تستحق كل هذا العناء.
وأضاف كينغ: «أعتقد أننا على وشك الدخول في عصر ذهبي لاكتشاف العقاقير التي تعتمد على السموم»