سحب القوات الأمريكية يثير انتقادات داخل الولايات المتحدة وخارجها
أثار قرار إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، سحب قواتها من سوريا انتقادات على نطاق واسع، سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها.
جاء هذا بعدما قال ترامب إن تنظيم داعش قد “هُزم”.
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أنها تنتقل إلى “المرحلة التالية من الحملة العسكرية”، لكنها لم تذكر تفاصيل.
وساهم 2000 جندي أمريكي في الحرب ضد تنظيم الدولة وطرده من جزء كبير من شمال شرق سوريا، لكن مازالت هناك جيوب بها مقاتلون تابعون له.
وكان يعتقد سابقا أن المسؤولين العسكريين الأمريكيين أرادوا الحفاظ على وجود عسكري أمريكي في سوريا لضمان عدم تمكن تنظيم الدولة من إعاة بناء قدراته مرة أخرى.
كما أن هناك مخاوف من تزايد نفوذ روسيا وإيران في سوريا ومناطق أخرى بعد انسحاب الولايات المتحدة عسكريا.
وأعلن البيت الأبيض وكذلك البنتاغون أن الولايات المتحدة بدأت في “إعادة القوات الأمريكية إلى الوطن مع انتقالنا إلى المرحلة التالية من هذه الحملة”.
وقالت وزارة الدفاع إنها لن تقدم مزيدا من التفاصيل عن المرحلة التالية “لحماية القوات ولأسباب تتعلق بأمن العمليات”.
وأوضح البيت الأبيض أن الولايات المتحدة وحلفاءها “مستعدون للتدخل مرة أخرى على جميع المستويات للدفاع عن المصالح الأمريكية كلما دعت الضرورة. وسنواصل العمل معا لحرمان الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين من الأراضي والتمويل والدعم وأي وسيلة لاختراق حدودنا”.
وقال ترامب إن الوقت قد حان لإعادة الجنود إلى الوطن بعد ما وصفه بـ”انتصاراتهم التاريخية”.
ماذا كان رد الفعل؟
يعد سحب القوات الأمريكية من سوريا وعدا قطعه الرئيس ترامب منذ فترة طويلة.
لكن الإعلان عنه ربما كان مفاجأة لبعض المسؤولين الأمريكيين.
ففي الأسبوع الماضي، قال المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لهزيمة تنظيم الدولة، بريت مكغورك، للصحفيين في وزارة الخارجية الأمريكية “لا أحد يقول إن مقاتلي تنظيم الدولة سوف يختفون. لا أحد بهذه السذاجة. لذلك نريد البقاء على الأرض والتأكد من الحفاظ على الاستقرار في هذه المناطق”.
وألغت وزارة الخارجية الأمريكية بشكل مفاجئ الإحاطة الصحفية اليومية يوم الأربعاء بعد إعلان الانسحاب.
وانتقد القرار عضو مجلس الشيوخ الجمهوري ليندسي غراهام، وهو أحد أنصار ترامب وعضو لجنة الخدمات المسلحة، ووصفه بأنه “خطأ جم (مثل أخطاء الرئيس السابق باراك) أوباما”.
وفي سلسلة تغريدات بموقع تويتر، قال غراهام إن تنظيم الدولة “لم يُهزم”، وحذر من أن سحب القوات الأمريكية يضع “المتحالفين معنا من الأكراد في خطر”.
بدوره، انتقد السناتور الجمهوري بوب كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية، بمجلس الشيوخ قرار الانسحاب بوصفه “فظيع”.
وقال كوركر إن الأعضاء الجمهوريين بمجلس الشيوخ صدموا ويشعرون بالحزن لأن ترامب سيجعل حلفاءه العرب والأكراد تحت رحمة الرئيس السوري بشار الأسد وتركيا.
ومنذ نحو أسبوع، أعلنت تركيا أنها تستعد لشن عملية عسكرية ضد فصائل مسلحة كردية في شمال شرقي سوريا. وشكل الأكراد حليفا هاما للولايات المتحدة في حربها ضد تنظيم داعش.
من جهتها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زخاروفا، عبر محطة “وان تي في” التي تسيطر عليها الدولة، إن “القرار الأمريكي قد يؤدي إلى آفاق حقيقية وصادقة لتسوية سياسية” في سوريا.
وفي بريطانيا، قال متحدث باسم الحكومة في بيان إن هذه التطورات “لا تشير إلى نهاية التحالف الدولي أو حملته ضد تنظيم الدولة الإسلامية”، وأن المملكة المتحدة ستبقى “ملتزمة” بضمان “الهزيمة التامة” للتنظيم.
وأضاف البيان البريطاني أنه “ما زال هناك الكثير الذي يتعين القيام به ويجب ألا نهمل التهديد الذي يمثلونه”.
أما إسرائيل، فقالت إنها أُبلغت بأن لدى الولايات المتحدة “طرقا أخرى للتأثير في المنطقة”، ولكن سوف “ندرس الجدول الزمني للانسحاب، وكيف سيتم ذلك، وبالطبع الآثار المترتبة علينا”.
ما هو حجم الوجود العسكري الأمريكي في سوريا؟
تمركزت القوات الأمريكية إلى حد كبير في المنطقة الكردية في شمال سوريا.
أقامت الولايات المتحدة شراكة مع تحالف من المقاتلين العرب والأكراد يسمى “قوات سوريا الديمقراطية”، والذي لعب دورا رئيسيا في القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية بعد أن اجتاح مساحات شاسعة من سوريا منذ أربعة أعوام، وفرض حكما وحشيا على ما يقرب من ثمانية ملايين شخص في سوريا والعراق المجاور.
ومع ذلك، فإن الجماعة المسلحة لم تختف بالكامل. وقال تقرير أمريكي حديث إنه لا يزال هناك 14 ألف مسلح من تنظيم الدولة في سوريا وأكثر منهم في العراق المجاور. وهناك مخاوف من تحولهم إلى حرب العصابات في محاولة لإعادة بناء شبكاتهم.
لكن الشراكة بين الولايات المتحدة والأكراد أثارت غضب تركيا المجاورة، التي تنظر إلى فصائل “وحدات حماية الشعب” الكردية – وهي القوة القتالية الرئيسية في قوات الدفاع الذاتي – باعتبارها امتدادا لمسلحي حزب العمال الكردستاني المحظور، الذي يقاتل من أجل الحكم الذاتي في تركيا.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد قال يوم الاثنين إن بلاده قد تبدأ قريبا عملية عسكرية جديدة ضد “وحدات حماية الشعب” في سوريا.
وأضاف أردوغان أنه ناقش خطته مع ترامب عبر الهاتف وأنه حصل على “رد إيجابي”.
وأعلنت الولايات المتحدة يوم الثلاثاء أنها وافقت على بيع نظام دفاع صاروخي إلى تركيا بقيمة 3.5 مليار دولار “لزيادة القدرات الدفاعية للجيش التركي وحماية قوات (حلف شمال الأطلسي) الناتو التي قد تتدرب أو تعمل داخل حدود تركيا”.
وقالت روسيا يوم الأربعاء إنها ستواصل العمل على صفقة مع تركيا لبيع نظام دفاع صاروخي متقدم.
وبالإضافة إلى وجودها العسكري شمالا، تساعد القوات الأمريكية أيضا في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في الجيب الأخير من الأراضي التي يسيطر عليها في الجنوب الشرقي من سوريا.