سباق تسلح بين المغرب والجزائر بمليارات الدولارات: المغرب طورت اسطولها الجوي ردا علي تطور الأسطول البحري للجزائر.. ميزانية الدفاع المغربية 3.5 مليارات دولار بينما الجزائر تخطت 10 مليارات دولار
خلال الأسبوع الماضي قام المفتش العام لسلاح المدرعات في الجيش المغربي الجنرال محمد العميري بزيارة خاصة إلى الولايات المتحدة لتقييم قدرات دبابات Abrams M1A1، التي اقتناها الجيش المغربي، ورصدت وصولها الأقمار الاصطناعية الإسبانية.
دبابات «أبرامز» التي حصل عليها المغرب بموجب صفقة ضخمة وصلت مليار دولار، تأتي كردٍّ على التفوق الكبير الذي أنجزه الجيش الجزائري بعد إقناعه لشريكة الاستراتيجي روسيا بإمداده بمنظومة صواريخ S 400 المتقدمة.
وتنشر القوات الجزائرية للدفاع الجوي عن الإقليم بطاريات «إس 400″، حسب مصادر «عربي بوست» الأمنية، بالقطاع العملياتي الثالث، التابع للناحية العسكرية الثالثة، وبالضبط بولاية تندوف جنوب غربي البلاد في الحدود مع المملكة المغربية، حيث تستقر مخيمات حركة البوليساريو الانفصالية.
وجرت المحادثات بين الجزائر وروسيا حليفتها الاستراتيجية في مجال السلاح، حول هذه الصفقة بسرية تامة، ولم تتكشف حتى الآن قيمتها التي تضاف إلى صفقات بمئات المليارات من الدولارات التي تنفقها على التسلح.
سباق التسلّح بين المغرب والجزائر لا يكاد ينتهي، فقد صنّف آخر تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام SIPRI، الجمهورية الجزائرية كأكبر مستورد للأسلحة في إفريقيا، فيما يتخلَّف المغرب عن حجم إنفاق جاره الشرقي بثلاثة أضعاف، وعلى الرغم من أزمة النفط فإن الجزائر لم تخفض من ميزانيتها العسكرية الضخمة.
دبابات “أبرامز” حصل عليها المغرب بموجب صفقة وصلت مليار دولار
ويسعى الجاران المتنافسان إلى تحقيق توازن للرعب، فحينما يتفوق أحدهما في مجال عسكري معين يسعى الآخر للتميز عليه في قطاع آخر، وذلك منذ الستينات من القرن الماضي، تاريخ أول حرب جرت بينهما بعد الاستقلال مباشرة.
انتهى الاستعمار.. وبدأ الصراع
عملية قياس القوة العسكرية معقدة جداً، لاعتمادها على عناصر أحياناً لا تدخل في صميم اهتمام الجيش، أو لا تعود إلى مجال تدبيره كما يوردها مركز «جلوبل فاير بوور«، مثل الموقع الجغرافي، والتوفر على واجهة بحرية أم لا، ووقوع البلد في منطقة غير مستقرة أو بعده عن مناطق النزاع.
في 14 أكتوبر 1963، قامت عناصر من القوات المسلحة الملكية المغربية بالهجوم على منطقة حاسي بيضة وتنجوب الواقعتين على الحدود الشرقية مع الجزائر، ودفعت بالقوات الجزائرية نحو طريق بشار-تندوف في عمق الصحراء.
وقتها كان الجيش المغربي في الجنوب بقيادة العقيد إدريس بن عمر، مجهزاً بشكل جيد ونظامي وطريق إمداداته مضمونة على الدوام، أما القوات الجزائرية الخارجة لتوها من الاستقلال فكانت خبيرة في حرب العصابات، لكنها سيئة التجهيز ومنقطعة عن مصادر تموينها بسبب شساعة البلاد وافتقارها للبنية التحتية، فكانت المواجهة غير متكافئة فيما عرف بـ»حرب الرمال».
في ذلك الوقت كما يحكي مصدر عسكري متقاعد، أقسم الرئيس الجزائري الراحل الهواري بومدين، أن يرد الصاع صاعين للملك الحسن الثاني، وأطلق عبارته الشهيرة «حقرونا»، التي كانت بمثابة إعلان عن انطلاق سنوات قادمة طويلة من الصراع والمنافسة وحتى المواجهات المسلحة.
الراحلين الحسن الثاني وبومدين بعد حرب الرمال
في 20 مايو 1973 ستستغل الجزائر الإعلان عن تأسيس جبهة البوليساريو في الصحراء الغربية، لتعلن عن دعمها الكامل لها وتحولها لشوكة في الخصر المغربي، وبسببها اندلعت المواجهات العسكرية على الشريط الحدودي بين البلدين، من 1975 وحتى بداية التسعينات حينما أعلنت الأمم المتحدة وقف إطلاق النار والشروع في عملية التسوية السياسية المتواصلة إلى اليوم.
وخلال 16 عاماً من المعارك الطاحنة بين الأطراف الثلاثة خاصة، المغرب والبوليساريو، سقط المئات من الضحايا من الجانبين، وأصيب الآلاف بجروح، كما أسر المئات لدى الجانبين. كان عدد مقاتلي البوليساريو يقدرون ما بين 30 و40 ألف مقاتل، تدعمهم وتسلحهم الجزائر، بينما تشير التقديرات إلى أن عدد القوات المغربية من جميع الأسلحة بلغ 150 ألف رجل، ما زال معظمهم في المواقع الأمامية على الجدار الأمني الذي يعبر الصحراء على طول 2500 كيلومتر.
ميزانياتهما مهولة.. مع وجود الفارق
أواخر 2014، وعندما اشتدت الأزمة الاقتصادية جراء تهاوي أسعار النفط في السوق الدولية، عقد الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، اجتماعاً مصغراً حضره أبرز مسؤولي البلاد، شدّد فيه على «ألا تطال سياسة التقشف الجانب الاجتماعي للدولة»، بمعنى قطاعات «السكن، الصحة، التربية، التضامن الوطني»، دون أن يأتي على ذكر قطاع الدفاع.
واتَّضح أن تشديد النفقات المالية للدولة، لم يمس الميزانية المخصصة للقوات المسلحة، حيث تواصلت عمليات المعدات الحربية المتطورة، من سفن، وطائرات، ودبابات، كما أجريت مناورات قتالية بمعظم النواحي العسكرية باستخدام الذخيرة الحية.
وظلت الميزانية السنوية للدفاع الوطني مستقرة ما فوق 10 مليارات دولار، دون أن تثير أية ملاحظات أو انتقادات أو حتى النقاش داخل البرلمان أو خارجه، مثلما يحدث عادة مع نفقات باقي الوزارات، وطبعاً فهي تفوق ميزانية الجيش المغربي بكثير.
ميزانية الدفاع الجزائري تفوق 10 مليار دولار سنويا
فحسب تقرير أصدرته الخارجية الأميركية، فقد بلغ حجم الإنفاق العسكري المغربي خلال الفترة الممتدة ما بين 2005 و2015 ما يناهز 48 مليار دولار، في حين رصد الجار ميزانية تزيد بنسبة 22% عن ميزانية الرباط، ليصل إلى 58,65 مليار دولار.
وفي السنوات الخمس الأخيرة، سيطرت الجزائر، بشكل مطلق على صدارة واردات القارة الإفريقية من الأسلحة، حيث احتكرت 52% خلال الفترة الممتدة ما بين 2013-2017، بحسب تقرير معهد ستوكهولم للبحث في مجال السلام.
أما على المستوى العالمي، فقد احتلت المرتبة السابعة من بين الدول المستوردة للأسلحة خلف كل من الهند، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات العربية المتحدة، والصين، وأستراليا.
والمستفيد الأكبر من الإنفاق العسكري الجزائري هي روسيا بالدرجة الأولى، إذ إنها تشكل 59% من وارداتها، تليها الصين وألمانيا، بينما كانت أبرز مقتنياتها من العتاد المخصص للقوات البحرية من إيطاليا.
وبالنسبة للمغرب فإن معدل الإنفاق العسكري لا يتجاوز في أحسن السنوت معدل 3.5 مليار دولار، واحتل المرتبة الثانية إفريقياً ضمن كبار مشتري السلاح بين عامي 2012 و2016، إذ استحوذت الرباط على 15% من إجمالي مشتريات إفريقيا بعد الجزائر، التي بلغت نسبتها 46%، وفي المرتبة الثالثة نيجيريا بنسبة 4.6%.
وذكر تقرير المعهد أن روسيا كانت أكبر مزود لإفريقيا بالسلاح، بنسبة 35% تليها الصين 17% فالولايات المتحدة 9.6% ثم فرنسا 6.9%.
وجاء المغرب في المرتبة الـ24 ضمن لائحة أكبر الدول من حيث مشتريات السلاح في العالم بين عامي 2012 و2016، إذ بلغت نسبة مشترياته من إجمالي أكبر 40 دولة 1.2%، وكانت الولايات المتحدة أكبر مزودة للرباط بالأسلحة، تليها فرنسا، ثم هولندا.
ولا أحد أقوى من الثاني بشكل مطلق
في عددها الصادر في شهر مايو/أيار 2018، أوردت مجلة الجيش لسان حال وزارة الدفاع الجزائرية، في افتتاحيتها أن «عوامل القوة الرادعة باتت في متناول الجيش الوطني الشعبي»، بسبب تطوير الجاهزية القتالية للأفراد وعصرنة المعدات وتطوير الصناعة العسكرية.
ويشير موقع «جلوبال فاير فاير باور«، في تقرير لسنة 2018، إلى امتلاك الجيش الجزائري لـ528 طائرة عسكرية، بينها 89 مقاتلة و99 هجومية، إضافة إلى 266 طائرة نقل عسكري و68 طائرة مخصصة للتدريب.
وفي 2017 اقتنت الجزائر حوالي 200 طائرة بين مروحيات ومقاتلات روسية من نوع سوخوي.
وبالنسبة للقوات البرية، صار في رصيد الجيش الجزائري 2400 دبابة و6700 مدرعة، و220 مدفعاً ذاتي الحركة، و270 مدفع ميدانٍ و176 وحدة مدفعية صاروخية.
وتتصدر القوات البحرية قائمة الإنفاق العسكري، بالنظر لتكلفة السفن الحربية، وتملك أسطولاً يضم 85 سفينة حربية، بينها 8 فرقاطات و13 كورفيت (مصممة لاكتشاف الطائرات الشبح وإسقاطها من خلال مدفعها المتطور بـ360 درجة)، و4 غواصات (تتسلم الخامسة عن قريب)، و43 سفينة دورية، إضافة إلى كاسحة ألغام بحرية.
وضمن هذا الأسطول توجد سفينة الدعم اللوجيستي (قلعة بني عباس) الأكبر في إفريقيا، و3 سفن إنقاذ أعالي البحار، بينما تملك فرنسا واحدة من هذا النوع فقط.
ضخامة الترسانة العسكرية الجزائرية وتنوعها في الشراء والإنفاق لا يستطيع المغرب مجاراتها، كما يشرح الخبير عبدالرحمن مكاوي، لذلك قرَّر امتلاك الأسلحة النوعية القادرة على الدفاع، وأيضاً إحداث أكبر الأضرار، وشل العدو ابتداء من الضربة الأولى؛ لأنه يعرف أن الدخول في مواجهة طويلة يعني الهزيمة بسبب تعاظم تكلفة الإنفاق مع الوقت.
الرباط تفخر بسرب طائراتها المكون من 24 طائرة من نوع إف 16
وفي هذا الإطار اختار المغرب اقتناء منظومة صواريخ جو/جو متطورة، متوسطة المدى، من طراز AIM-120C-7 التي تعرف بنظام أمرام من شركة رايثون، والتي تعتبر من أكثر النظم الجوية الدفاعية نجاعة في ضمان لحماية التجمعات السكنية الكبرى والبنى التحتية والنقاط الحيوية.
كما تتوفر القوات المسلحة الملكية على بطاريات الدفاع الجوي من طراز «سكايغارد تايب90″، الصينية الصنع، والمكونة من مدافع عيار 35 ملم وصواريخ «بي إل9″، كما يعتمد على أنظمة صواريخ متطورة جداً اقتناها على مدار السنوات القليلة الماضية.
وكما تفخر الجزائر بأسطولها الحربي البحري الذي يجعلها متفوقة بمراحل على الجيش المغربي، فإن الرباط تفخر بسرب طائراتها المكون من 24 طائرة من نوع إف 16، اقتنتها بقيمة إجمالية بلغت 2.4 مليار دولار، وهو ما أكسبها تفوقاً استراتيجياً في السماء.
كما سعت إلى تطوير أسطولها الجوي الحربي التقليدي، الذي كان مكوناً أساساً من طائرات الميراج الفرنسية، حيث أطلقت برنامج لتحديث القدرات الميدانية لـ27 طائرة ميراج «إف 1″، بإشراف مباشر من طرف تجمع «تاليس/ساجيم» حيث بلغت قيمة هذه الصفقة 542 مليون دولار.
ويقول خبراء عسكريون إن المغرب تمكن بفضل إبرامه لمجموعة من الصفقات العسكرية الجوية النوعية من الدخول للدائرة المغلقة التي تضم دولاً قليلة ممن تتوفر على أكثر الطائرات تجهيزاً، والتي يهابها الجميع في مجال المعارك العسكرية الجوية.
أحدهما فرنسي الطباع والثاني روسي الهوى
في كل الحروب عبر التاريخ كان العمل البشري هو الحاسم، وفي هذا المجال أيضاً تتفوق الجزائر عددياً بشكل مهول، مما يجعل المغرب يحاول تعويض النقص الحاصل عددياً عبر تكوين نوعي يركز أساساً على مبدأ الصرامة الفرنسية والعتاد الأميركي، كما يشرح لـ «عربي بوست» ضابط متقاعد.
وتقترب الموارد البشرية للجيش الجزائري من المليون نسمة، تعداد الجيش الجزائري 792 ألف جندي، بينهم 272 في قوات الاحتياط.
ونظراً لهذا العدد الهائل، أقرَّت وزارة الدفاع الجزائرية، نظاماً جديداً للخدمة الوطنية الإجبارية على الشباب ما فوق 18 سنة، حيث قلصت مدة الخدمة من 18 شهراً إلى 12 شهراً، كما اعتمدت تسهيلات في منح الإعفاءات، نظراً لما بات يعرف وسط الشباب بتشبع الثكنات العسكرية.
وحسب أحدث تقرير لموقع «غلوبال فاير باور» الأميركي، فإن للجزائر التي يقدر عدد سكانها بـ41 مليون نسمة قوة بشرية متاحة للعمل تناهز 20 مليون نسمة، منها 17 مليون نسمة صالحة للخدمة العسكرية.
أما الجيش المغربي فمبني على مبدأ التوظيف، بمعنى أن الانخراط في الجيش اختيار مهني للشباب. ويبلغ تعداد أفراد القوات المسلحة المغربية حوالي 200 ألف عنصر في كل الأسلحة مع 175 ألف عنصر احتياط، في حين يبلغ عدد القادرين على الخدمة العسكرية حوالي 14 مليون حسب تقارير مركز «جلوبال فاير باور».
يبلغ عددأفراد الجيش المغربي حوالي 200 ألف في كل الأسلحة
وإذا كانت الجزائر ظلَّت وفيّة في تكوين قواتها وفق مناهج المعسكر الشرقي، حيث بلغ عدد خريجي الجامعات والمعاهد الروسية المدنية والعسكرية من أبناء الجزائر 13 ألف شخص، فإن المغرب بقي وفياً للمنهج الفرنسي في التكوين. فبعد الاستقلال احتفظ بأكثر من ألفي ضابط فرنسي في الأكاديمية الملكية العسكرية لمدينة مكناس، المختصة بتكوين الضباط، لوضع المناهج وفق الكليات الفرنسية العريقة وعلى رأسها أكاديمية «سان سير».
التمايز بين الجيشين المغربي والجزائري يظهر أيضاً في المناورات التي يقوم بها الطرفان ويحاول كل واحد فيهما أن يظهر نقاط قوته للآخر. ففي مايو/أيار الماضي، أشرف الجنرال قايد صالح على أضخم مناورة بحرية في تاريخ الجزائر، أطلق عليها اسم طوفان 2018، على مسافة كيلومترات قليلة من الحدود المغربية.
في المناورة أظهرت الجزائر كل قطعها البحرية الجديدة، وعلى رأسها فخر الجيش الجزائري «قلعة بني عباس»، وهي سفينة إنزال ودعم لوجستي تعتبر أكبر سفينة حربية بحرية في تاريخ الجزائر، فهي من أحدث السفن العسكرية المجهَّزة بأحدث التكنولوجيات العسكرية، وقادرة على العمل والتدخل على نطاق واسع في مهام عسكرية ولوجيستيكية وإنسانية.
هذا التفوق البحري الرهيب للجزائريين، القادر على ضرب أي نقطة في التراب المغربي بفضل تجهيزه بصواريخ سكود، الواصل مداها 3000 كيلومتر، يحاول المغرب دائماً تداركه عبر تطوير قدراته الجوية مع شريكه المفضل الجيش الأميركي.
أظهرت مناورات طوفان 2018 تفوقا بحريا كبيرا للجزائر على المغرب
فخلال شهر أبريل/نيسان الماضي، قامت القوات المسلحة الملكية بإجراء مناورات الأسد الإفريقي، التي شاركت فيها لأول مرة بسرب طائرات F 16، وركزت فيها على تدريبات أرضية وجوية ومحمولة جواً ومحاكاة تكتيكية، كما يشرح مصدر «عربي بوست».
اهتمام المغرب بالتفوق الجوي يعود إلى عهد الحسن الثاني، الذي أولى عناية خاصة للقوات الجوية، وأنشأ داخلها فرقاً خاصة، كان يعهد إليها بالمهمات ذات الطابع السري جداً، ومن بينها التدخل في جمهورية الكونغو الديمقراطية سنة 1977، حينما طلب الرئيس موبوتو مساعدته بعد قيام متمردي «الجبهة الوطنية لتحرير الكونغو» بإعلان الانتفاضة آنذاك، وسيطروا على مدينة كولوزي، واحتجاز رهائن أوروبيين، فأرسل له 1500 مظلي بكامل عتادهم، وانتهت العملية بتحرير الرهائن وطرد المتمردين.
وكل واحد عينه على الثاني
في نوفمبر/تشرين الثاني من السنة الماضية، نجح الجيش المغربي في تسجيل نقطة تفوق جديدة، أغضبت الجيران بشكل كبير، أطلق أول قمر صناعي في تاريخه لأغراض عسكرية، تحت اسم «محمد السادس»، من قاعدة «غويانا» الفرنسية، ليكون من مهامه الرئيسية التجسس على الدول المجاورة، كما يستعد لإطلاق قمر آخر في السنة المقبلة.
يومها شكَّلت السلطات الجزائرية لجنةً خاصةً للشروع في إجراءات مضادة للتشويش على القمر الصناعي المغربي، ونصبت أنظمة مراقبة تكنولوجية، وعوازل إسمنتية مزودة ببرامج إلكترونية وأجهزة تشويش، مستعينة بخبرات ألمانية، لتعزيز المراقبة على الحدود مع المغرب، كما أوردت وسائل إعلامها الرسمية.
أطلق المغرب أول قمر صناعي في تاريخه لأغراض عسكرية
إطلاق القمر الصناعي المغربي يأتي في خضمّ خطته المبنية على تطوير منظومته الدفاعية والهجومية، خاصة الجوية، وذلك في صفقة مع كل من شركتي «تاليس» و»إيريبوس»، بموجبها اقتنى القمرين الاصطناعيين العسكريين بقيمة 500 مليون دولار.
وتتوفر هذه الأقمار على نظم استكشاف متطورة والتقاط الصور من الجو بدقة شديدة جداً، بجانب القدرة العالية في مراقبة تحركات القواعد العسكرية، ونوعية الأسلحة المتوفرة بها، وعدد الطائرات المرابطة داخل القواعد الجوية.
وبالمقابل تعتمد الجزائر في معلوماتها الاستطلاعية على أمرين اثنين، حسب مصدر أمني جزائري، الأول هو الصور التي تشتريها من الروس عبر أقمارهم الصناعية التي تغطي المنطقة، خاصة على حدودها، والثاني هو تطوير برنامج الطائرات من دون طيار الذي تشرف عليه وزارة الدفاع تحت اسم «أمل»، واستطاعت أن تنتج منه نموذجين، هما أمل 4 وأمل 7 لكن من ضمن عيوبها أن قدرتهما على الطيران محدودة ولا تتعدى 6 ساعات.
.. ومن الصعب جداً أن يتواجها!
بالنسبة لأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 3، الدكتور مصباح مناس، فإنه لا يعتبر حجم الانفاق العسكري الجزائري أمراً مبالغاً فيه، بالنظر لحجم التهديدات الأمنية المحيطة بالجزائر.
ويعتبر مناس في تصريحه لـ «عربي بوست»، أن الموقع الجغرافي يجعل البلاد في حالة نزاع دائم: الساحل الإفريقي يعتبر أزمة أمنية مزمنة تهدد أمن الجزائر، وفي الشرق توجد ليبيا التي تعاني من غياب مقومات الدولة، كما يوجد في الغرب توتر مع المغرب، بسبب قضية الصحراء الغربية.
سباق التسلح بين الجزائر والمغرب هو من أجل تحقيق توازن الردع
ويضيف الخبير الاستراتيجي أن التطور الذي تعرفه الصناعة العسكرية على الصعيد العالمي يجعل من تحديث وتجديد الترسانة الحربية أمراً طبيعياً في الجزائر كما للبلدان الأخرى، وبالتالي فإن سباق التسلح الواضح بين الجزائر والمغرب هو من أجل تحقيق «توازن الردع في المنطقة لكن دون أن يكون لغايات عدائية بين البلدين».
هذا الأمر يؤكده مصدر أمني رفيع لـ «عربي بوست»، إذ يؤكد بدوره أن سعي المغرب لتطوير ترسانته العسكرية هو حماية حدوده الخاصة الجنوبية، بسبب التهديدات المتوالية لحركة البوليساريو الانفصالية، بعد قيامها الفترة الماضية بسدّ المعبر الحدودي مع موريتانيا، ومنع تدفق الشاحنات والسلع، وكادت تتحول إلى مواجهات مفتوحة لولا تدخل الأمم المتحدة.
الخبير الجزائري مناس يضيف أن القوى الخارجية دائماً ما تربط بين تسلح الجزائر وتسلح المغرب على أنه استعداد لحرب وشيكة، وهذه «فتنة، يبدو أن الجزائر متفطنة لها بشكل جيد، حيث إنها تبتعد دائماً عن كل ما يدفع نحو التصعيد، بدليل أنها صوَّتت لصالح المغرب في ترشيحات استضافة كأس العالم 2026، وهي بادرة لطيفة»، ويختم: «صحيح هناك تنافس بين الدولتين، لكن لن يرقى إلى مستوى الحرب المفتوحة».