روسيا والصين يفكران في طريقة لدعم تركيا بعد أموال قطر
جاء تعهُّد قطر باستثمار 15 مليار دولار في تركيا ليشكل دعماً إضافياً لليرة، في أعقاب سلسلة من الخطوات العاجلة لأنقرة لحماية الاقتصاد من خلافٍ متصاعد مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
وبعد اللقاء المطول بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ارتفعت الليرة بنسبة 6%. وبهذا التعهُّد، تحصد تركيا مكافآت الوقوف بجانب حليفتها العربية، بعد قرار السعودية والإمارات قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر العام الماضي 2017،حسب تقرير لوكالة “بلومبيرج” الأمريكية
وتدهورت علاقات أردوغان بالولايات المتحدة، الحليفة بحلف شمال الأطلسي (الناتو) لأسباب متعددة، منها غضب أنقرة مِن واشنطن بسبب أكراد سوريا، والقلق الأميركي من قرار تركيا شراء صواريخ أس 400 من روسيا. وقال تيم آش، استراتيجي الأسواق الناشئة البارز بشركة BlueBay Asset Management LLC المالية في لندن، عبر البريد الإلكتروني لـ “بلومبيرج” إن «دعم تركيا لقطر أثناء الأزمة مع السعودية آتى ثماره أخيراً».
وأضاف قائلاً: دعونا نرى إن كان الصينيون والروس سيضعون أيضاً بعض المال على الطاولة».
روسيا تتضامن مع تركيا وأوروبا متحفزة ضد سياسات ترمب
وفي خضم المواجهة مع واشنطن، التي أثارت عقوباتٍ أميركية غير مسبوقة ضد أنقرة، حذَّر أردوغان يوم السبت 11 أغسطس 2018، من أنَّ التحالف بين البلدين الذي دام عقوداً يواجه خطراً، وأنَّ تركيا «قد تبدأ في البحث عن أصدقاء وحلفاء جدد».
ومع اشتداد أزمة الليرة، تحدَّث أردوغان إلى بوتين عبر الهاتف يوم الجمعة 10 أغسطس 2018، وناقش بشكلٍ أساسي «التعاون التجاري والاقتصادي»، بحسب الكرملين.
كما زار وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف تركيا. وقال، الثلاثاء 14 أغسطس 2018، بعد اجتماعه مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في أنقرة: «نشهد نقطة تحول في تاريخ العالم دون مبالغة» من هيمنة قوة واحدة إلى بيئة متعددة الأقطاب. واعتبر أن ما وصفه بالعقوبات «غير الشرعية» المفروضة على روسيا وتركيا جزء من محاولات الولايات المتحدة «للسيطرة في كل مكان، على كل شيء».
ولكن بعدما واجه الروبل أسوأ أسبوع له منذ انهيار النفط في عام 2015، ووسط تزايد المخاوف من فرض عقوباتٍ أميركية رداً على التدخل المزعوم في الانتخابات الأميركية، لم تكن روسيا في وضعٍ جيد لمساعدة تركيا، في الوقت الذي يحاول فيه بوتين تنشيط اقتصاد بلاده، الذي يحاول الإفاقة من حالة الركود.
وظهرت دعوات في أوروبا لصياغة تحالف بأسس جديدة مع أنقره في مواجهة سياسة ترمب العدوانية.
ومساعدة تركيا قد تعني تسهيل سداد الديون أو إعادة تمويل القروض
وبحسب “بلومبيرج”،، يزيد تدهور الليرة، الذي اشتد هذا الشهر وتسبَّب في انتشار العدوى عبر الأسواق الناشئة، التكلفة على الشركات التركية لإعادة تمويل ما لا يقل عن 16 مليار دولار من السندات المُقوَّمة بالعملات الأجنبية مُستحقة الدفع بنهاية العام.
وحسب بيانات البنك المركزي التركي، فإنَّ الشركات في المجمل لديها دين صاف من النقد الأجنبي يبلغ 127 مليار دولار، ما يعادل نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي.
وفي حين أنَّ نسبة الديون الرديئة في البنوك التركية 3% فقط، فإنَّ المُقرِضين في طور إعادة التفاوض على ما يصل إلى 20 مليار دولار من القروض لمحاولة الحيلولة دون تعثُّر سدادها. والديون الرديئة هي المشكوك في إمكانية تحصيلها أو المعدومة.
وفي ضوء هذا الوضع، قال البنك المركزي التركي في وقت متأخر، الثلاثاء الماضي، إنَّ المُقرِضين يمكنهم الآن تمديد فترات الاستحقاق أو إعادة تمويل القرض، وإصدار دين جديد لمساعدة الشركات المتعثرة، والبحث عن ضمانات جديدة لحماية أنفسهم. وبإمكانهم أيضاً مطالبة المدينين ببيع أصول لسداد القروض.
وقال أيضاً إنَّه إلى حين «تطبيع» الأسواق، فإنَّه سيُوقِف مؤقتاً تطبيق أثر الخسائر اليومية على الأوراق المالية التي تحتفظ بها البنوك إلى نسب كفاية رأس مال تلك البنوك.
والمساعدة القطرية تفتح الباب أمام تركيا في اتجاه صندوق النقد
كان الهدف من الاتفاق مع قطر هو مساعدة تركيا على تجنُّب الاضطرار لطلب تمويل عاجل من صندوق النقد الدولي، بحسب ما ورد في تقرير لصحيفة “الجارديان” البريطانية.
وغرَّد محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين في شركة التأمين الألمانية Allianz، في حسابه بتويتر، قائلاً إنَّ سياسات أردوغان، بما في ذلك الاستثمار القطري، من شأنها أن تكون حلاً مؤقتاً، ما يترك الباب أمام إمكانية الحصول على إنقاذ من صندوق النقد الدولي مفتوحاً.
وأضاف: «هذا جزءٌ من استراتيجية الحكومة التركية لتجنُّب صندوق النقد الدولي عن طريق إيجاد دعم خارجي بديل. وكي يكون التمويل عامل استقرار مستدام يتعين أن يكون أكبر ويصل إلى البنك المركزي».
ولكن بيتر أوفلاناغان، مدير التجارة بشركة استشارات النقد الأجنبي Clear Treasury قال: «كان للقيود التي فرضها البنك المركزي التركي لتقييد استخدام البنوك لخطوط المبادلة (أي الترتيبات المؤقتة لتبادل العملات) التأثير المرغوب على الليرة».
وقال المسؤولون في أنقرة، إنَّ الأموال القطرية سوف «تُوجَّه إلى الأسواق المالية والبنوك التركية»، وسيكون تأثير هذا الاستثمار كافياً لتجنُّب انهيارٍ مصرفي.
وذكرت متحدثة باسم صندوق النقد الدولي مؤخراً، أنه لا توجد دلائل على أن السلطات التركية تدرس طلب مساعدة مالية من الصندوق، الذي مقره واشنطن.
في حين قال خبراء اقتصاديون بمعهد التمويل الدولي، الأربعاء 15 أغسطس/آب، إن الليرة التركية منخفضة كثيراً عن قيمتها العادلة في الوقت الحالي، وإنه من المنتظر أن ترتفع على مدار العام إلى العامين القادمين، مع ارتفاع صادرات تركيا، وهو ما سيحسِّن التوقعات لميزان المدفوعات في البلاد، حسبما نقلت عنهم وكالة رويترز.