رسالة المستوطنين لأهالي الضفة: مناطق “ب” هدفنا.. فاذهبوا إلى شقق رام الله الفارغة
إذا أعلن المستوطنون بعد سبع سنوات بأن قرية عطارة الفلسطينية في شمال رام الله تعرض حياتهم للخطر بسبب موقعها المرتفع وقربها من الشارع، لذلك يجب إخلاء بيوتها، فماذا سيفعل قائد اللواء وقائد المنطقة الوسطى؟ ماذا سيفعلون إذا رافق الإعلام أعمال عنف وتخريب للمستوطنين ضد سكان القرية، وبعد ذلك الصلاة بشكل جماعي على مدخلها. وحسب تجربة الماضي، فإن الضباط الكبار سيقومون بإرسال الجنود من أجل الدفاع عن المواطنين الإسرائيليين أثناء هجومهم وصلاتهم. وسيطلقون النار على الفلسطينيين الذين سيتجرأون على الاحتجاج.
ولكن يجب عدم استبعاد إمكانية أن يقوم قائد اللواء وقائد المنطقة أيضاً باختراع أو العثور على أمر مناسب، ويطردون سكان القرية من بيوتهم بشكل دائم. لأن هذا الأمر هو ما يريده المستوطنون. اذهبوا إلى رام الله، فهناك الكثير من الشقق الفارغة، سيقول ضباط الإدارة المدنية الذين سيأتون لتقديم أمر الطرد. ليغفر لنا سكان قرية عطارة لأننا ذكرناهم كمثال على عمل فظيع كهذا. صحيح أن إمكانية كهذه يجب ألا تُستبعد، ولكن من جهة أخرى تم ضمها في إطار محاولة أخرى، وربما يائسة، لمنع حدوث ذلك أو حدوث سيناريوهات رعب مشابهة، وفقا لصحيفة “هآرتس” العبرية.
كل مستوطنة وكل بؤرة استيطانية في الضفة الغربية، بما في ذلك شرقي القدس والخليل، توسع حدودها بلا توقف على حساب أراضي الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه يحشرون الفلسطينيين في جيوب تتقلص باستمرار. وهذا يتم بطرق عنيفة ممأسسة (قرارات حكومية ثم تطبيقها من قبل الإدارة المدنية، وبلديات، ومجالس محلية ورجال القضاء العسكري)، أو بعنف فردي من قبل أولاد المستوطنين.
التوسع ليس مجرد توسع جغرافي؛ فهو مقرون باختراق دائم لمزيد من الخطوط الحمراء في القواعد المسموحة والممنوعة، الإنسانية والسياسية والأخلاقية والرسمية–القانونية. كل توسع لمستوطنة هو نتيجة للخرق التدريجي للقواعد والقوانين والتكيف معه. كل تمدد يزيد قدرة المستوطنين والمخططين على تخيل شطب مزيد من الخطوط الحمراء وزيادة سيطرتهم. مفهوم هذا التوسع المادي والسلوكي المستمر هو أن اليهود عرق سامي، وخاصة الذين تموضعوا في الضفة الغربية. عدد المتفقين والمتعاونين (فعلياً من خلال التجاهل والتعود) مع المفهوم ومع العنف، آخذ في الازدياد أيضاً. في منتصف حزيران، مستوطنو “كتلة شيلو” (المبنية والتي تتوسع على أراضي قرى قريوت وجالود وترمسعيا والمغيّر)، وجهوا رؤوس سهامهم العنيفة وإعلامهم لمشروع عقاري صغير في ترمسعيا. في نهاية تشرين الأول خضع قائد لواء بنيامين، يونتان شتاينبرغ، وقائد المنطقة الوسطى، نداف فيدن، لعنف المستوطنين وأمرا رجل الأعمال خالد السبعاوي، فلسطيني يحمل الجنسية الكندية، بتجميد الأعمال في قطعة الأرض التي قامت شركته “يو.سي.آي” بشرائها في بداية السنة الحالية.
منذ نهاية التسعينيات تم توجيه عنف المستوطنين من كتلة شيلو نحو المناطق ج (62 في المئة من أراضي الضفة، وهي تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية ومحظور على الفلسطينيين البناء فيها) الذي أدى إلى سيطرتهم على آلاف الدونمات في هذه القرى المذكورة أعلاه. هنا تقدموا عدة خطوات أخرى، وأصبح عنفهم موجهاً للمناطق “ب” (18 في المئة من أراضي الضفة، التي هي تحت السيطرة المدنية الفلسطينية والسيطرة الأمنية الإسرائيلية). مناطق “أ” و “ب” و”ج” هي تقسيم مصطنع مؤقت تحول إلى تقسيم أبدي. والمستوطنون والسلطات الإسرائيلية يستغلونه كما يشاؤون.
تستخدم الذريعة الأمنية الآن لوقف مشروع لإعداد قطع أراض للبناء وبيعها للفلسطينيين مع بنى تحتية من الشوارع والأرصفة والكهرباء. جائزة العنف هذه بحد ذاتها مقلقة، ومقلقة بأضعاف بسبب نمط السلوك الذي خلقه المستوطنون، سواء كمبعوثين للسلطات أو بمساعدتهم. رسالتهم واضحة: المناطق “ب” أيضاً هي هدف بالنسبة لنا. اليوم سنمنع الفلسطينيين البناء فيها. وفي الغد سنفتحها لبنائنا وزراعتنا، وبعد غد سنطرد منها هؤلاء الفلسطينيين الذين يعيشون فيها.