رسالة إلى اليهودي الديمقراطي: اختاروا ورقة الثورة المدنية وكونوا مع الإنسانية وصوتوا لـ”المشتركة”
عندما ينكلون باليهود أشعر بأنني يهودي، وعندما يقمعون السود أشعر بأنني أسود، وعندما يستخدمون التطهير العرقي ضد المسلمين أشعر بأنني مسلم، وعندما ينفذون العمليات ضد المسيحيين أشعر بأنني مسيحي. أجل، هذا ما يميز الديمقراطي الحقيقي: أي معاناة إنسانية غير غريبة عليه، وأي حاجز في الهوية لا يفصل بينه وبين من يعانون. الإثنين القادم، على الديمقراطي اليهودي الحقيقي أن يتسامى على كل الأسوار التي تفصل بين الشعبين، ويصوت للمجموعة العرقية الأكثر تهذيباً في دولة إسرائيل – السكان العرب، وفقا لصحيفة “هآرتس” العبرية.
هكذا بالضبط! عندما تدمر رياح الفصل كل جزء جميل في بلادنا، وعندما يتعامل النظام والبديل مع العرب على أنهم مرض معدـ وعندما يستوطن الشيطان الكهاني في قلوب أشخاص وأحزاب اعتبرته حتى الأمس والآن أيضاً منبوذاً تماماً، وعندما يحلق التساؤل فوق مواطنة 300 ألف عربي، وعندما يكون العربي الجيد هو العربي المهان، وعندما يكون هناك إجماع على أن العرب هم الغابة… وعندما يحدث كل ذلك فإنه لا يوجد للديمقراطي ترف لانتخاب حزب آخر، وكل ما بقي له ليقوله هو “سأكون معكم، يا أخوتي العرب، من يريد الوصول إليكم عليه المرور في طريقي”.
كل شخص ينبض فيه قلب إنساني عليه الوقوف إلى جانب الأقلية المهددة، لأن هذا هو الأمر الوحيد في هذه الظروف التي نعيش فيها، الذي يجعل الشخص إنسانياً. ولو اتخذت هذه الخطوة في السابق لكان مسار التاريخ مختلفاً في جوهره.
هذه ليست خطوة أخلاقية (الأمر المهم بحد ذاته)، هذه بالأساس ثورة فكرية في دولة إسرائيل، التي تسيطر فيها نماذج فصل بين الشعبين. وإذا صوت للقائمة المشتركة 50 – 100 ألف يهودي فإن كرة الثلج، المباركة في هذه المرة، ستتدحرج وتكبر وستشق طريقها نحو دولة إنسانية، التي لن تتخلى في أي يوم عن أبنائها دون فرق في الدين والعرق والجنس.
إن تصويت 50 – 100 ألف يهودي للقائمة المشتركة هو خطوة حادة وباهرة وتبعث على التحمس، وفيها رسالة لجميع مواطني الدولة: إذا كنتم تقولون إن العرب هم الغابة، عندها من فضلكم، احسبونا مع الغابة. وإذا كنتم تريدون الانفصال عن الـ 300 ألف مواطن عربي فيجب أن يكون مكاننا مع المعزولين وليس مع من يقومون بالعزل.
اليوم، في الوقت الذي توجد لنا فيه سوق انتخابات كئيبة بسبب قلة العرض الفكري والسياسي والاجتماعي؛ وفي الوقت الذي يريد فيه بني جانتس، رئيس “أزرق أبيض” بديل الليكود، تشكيل حكومة تستند إلى أكثرية يهودية. ففي هذه الأوقات المجنونة يجب أن لا تبقوا أسرى لمفهوم أنه يجب انتخاب الأقل سوءاً، أي انتخاب حزب “أزرق أبيض” أو تحالف العمل – غيشر – ميرتس، رغم الإشكالية التي توجد في رؤية عدد من مرشحيهم.
إن من يسعى إلى كسر المسلمات عليه الذهاب بقوة. وهناك أغنية عربية تقول “إما أن أشرب من رأس النبع أو أبقى عطشان”. أجل، لماذا الاكتفاء بقول هنا وتلميح هناك، فربما يكون هذا الحزب أو ذاك.. ضد سياسة الفصل والتحريض. وبدلاً من ذلك، اذهبوا مباشرة إلى النبع، إلى كيس اللكمات، إلى موضوع التحريض والعنصرية والإقصاء.
العفو لأنني أتحداكم، ولكن الوضع خطير جداً. والخلاص لن يأتي من النظام السياسي القائم، الذي يخاف كل حزب فيه من ظله، ويخاف من أن يتهم، لا سمح الله، بمحبته الزائدة للعرب. ورد الجمهور اليهودي الديمقراطي في إسرائيل يجب أن يكون تحطيم القيود التي قيد نفسه بها.
في الإثنين المقبل ليس مطلوباً منكم التظاهر، وليس مطلوباً منكم حتى زيارة القرى العربية من أجل إظهار التضامن. كل ما عليكم القيام به هو وضع ورقة الثورة المدنية في الصندوق الذي يوجد في أماكن سكنكم، وتغيروا بذلك مسار التاريخ. إذا أردتم فهذا ليس أسطورة.