رياضة
رحيم ستيرلينج: وجه أمي يشحن روحي القتالية ويمنعني من التسليم بالفشل
رحيم ستيرلينج واحد من أهم نجوم كرة القدم في إنجلترا، وربما في أوروبا كلها في الفترة الحالية، فالشابّ صاحب البشرة السمراء، الذي حمل على عاتقه محاربة العنصرية في الملاعب، بات مفتاحاً سحرياً لتسجيل الأهداف وتحقيق الانتصارات، سواء لفريقه مانشستر سيتي، أو للمنتخب الإنجليزي، الذي حقَّق المركز الرابع في مونديال روسيا الأخير، مستعيداً مجداً كروياً لم يتحقق منذ مونديال 1990.
ولأنه شخص ولاعب استثنائي، رغم صغر سنه (24 عاماً)، فإن الحوار معه يبقى كذلك مميزاً واستثنائياً.
مراسلنا في لندن جيري كوكس، التقى رحيم في حوار خاص وحصري، انفرد به «عربي بوست»، ليتحدَّث عن مانشستر سيتي، والمنتخب الإنجليزي، ونشأته الصعبة، ومستقبله، وكذلك عن موقفه الحادّ من العنصرية.
- رغم اعتراف الجميع بمستواك الكبير تظلّ علاقتك غير الجيدة مع وسائل الإعلام مدعاة للتساؤل.. فهل لديك تفسير لذلك؟
- شرف لي أن أحظى بتقدير نقّاد كرة القدم، وكنت فخوراً للغاية بتلك الجائزة، وفيما يتعلق بعلاقتي بالإعلام في الماضي، أظنّ أنني أتحمَّل المسؤولية كاملة، فقد كانت المرة الأولى لي كلاعب كرة قدم محترف، والجميع يرتكبون الأخطاء فيما يخصُّ كيفية التعامل مع وسائل الإعلام، لكن مع التقدم في السن تنضج وتفهم الأمور بشكل أفضل، لكنني أعتقد الآن أنَّ الناس يمكنهم أن يروني على ما أنا عليه في شكل أفضل بكثير.
- ما الذي جعل الموسم الماضي ناجحاً بالنسبة لك؟
- في نهاية الموسم قبل الماضي نظرت إلى الطريقة التي لعبت بها، ماذا فعلت؟ وفكَّرت فيما يمكن أن أفعله لكي أتحسن. في ذلك الوقت كنت أتطلع لمشاركة زملائي في المنتخب الإنجليزي في نهائيات كأس العالم، وهناك في روسيا شعرت بأنني لم أقدِّم كلَّ ما عندي، لذلك أردت أن أبدأ بداية جيدة في الدوري الإنجليزي الممتاز، وأحرز المزيد من الأهداف، لأنه في موقفي يتم الحكم عليّ من خلال الأهداف والتمريرات الحاسمة، لذلك عندما عُدت للفريق لخوض فترة الإعداد قبل بداية الموسم، أردتُ فقط أن أطوّر نفسي كلاعب وكشخص أيضاً.
- هل تقول إنَّ الموسم الماضي كان الأفضل في مسيرتك؟
- لقد استمتعت دائماً بتسجيل الأهداف، لكن في بعض الأحيان تحدث أشياء مميزة في مسيرتك، وبالطبع في سنّي الحالية أملك قدراً من الثقة أكبر مما كنت أمتلكه في سن 14 أو 15 عاماً، في سن المراهقة، ربما تصدق الأشياء السلبية التي يقولها الناس عنك وتتأثر بها، ولكن بعد ذلك تأتي لحظة تستيقظ فيها، وتتوقف عن الاستماع إلى السلبيات التي كنت تسمعها عن نفسك، من المفيد أن يكون لدينا جهاز فني رائع في مانشستر سيتي، وعندما بدأت أؤمن بنفسي مرة أخرى كان ذلك بمثابة تحول كبير بالنسبة لي.
- إلى أي مدى يمكن أن يذهب مانشستر سيتي في الموسم المقبل؟
- الضغط لكسب الأشياء هائل، لكن هذا ما أنت عليه في كرة القدم، وفي السيتي ننجح في الضغط، لدينا شخصيات رائعة في غرفة الملابس، وقدرة كبيرة للغاية، المستقبل يبدو جيداً بالنسبة لنا.
- بعد كل هذه السنوات، هل تعتقد أنك كنتَ مندفعاً في قرار انتقالك إلى السيتي؟
- عندما غادرت ليفربول وانتقلتُ إلى مانشستر سيتي، اعتقد الكثير من الناس أنني كنت أصغر من أن أتَّخذ هذا القرار بنفسي، لكن قبل ذلك كنت قد ذهبت إلى ليفربول وأنا في الخامسة عشرة من عمري، بشكل عام أنا شخص أعرف ماذا أريد وأحدد أهدافي، وعندما بلغت 21 عاماً كنت أريد التتويج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، وإذا لم أتمكن من فعل ذلك في ليفربول فإنّ أفضل خيار لي هو البحث عن مكان آخر لتحقيق ذلك، وفي مسيرتك القصيرة الناس يتذكرون فقط الفوز بالبطولات وتسجيل الأهداف، لذلك عندما أتيحت لي الفرصة لتقييم مسيرتي كان الانتقال إلى مانشستر سيتي هو القرار الأفضل في ذلك الوقت.
- لماذا انتقلت إلى ليفربول من كوينز بارك رينجرز في سن مبكرة؟
- في ذلك الوقت كنت لا أزال طالباً في المدرسة، وكان السفر حول مناطق معينة في ذلك الجزء من لندن صعباً من الناحية الأمنية، فقد كنا مجموعة من ثلاثة صبية في الرابعة عشرة من العمر، وكان علينا دائماً أن نكون حذرين في تحركاتنا، فلا يمكنك الاسترخاء حقاً في الوقت الذي كان فيه عنف العصابات سيئاً للغاية كما هو الآن، لذلك عندما أتيحت لي فرصة الذهاب إلى ليفربول أخذتها بكلتا يديّ، وقد كانت فرصة بالنسبة لي للعزلة بالمعنى الأجمل للكلمة، والتركيز على أن أصبح لاعب كرة قدم محترفاً، وهو ما كنتُ أرغب دائماً في القيام به، لذلك سأكون دائماً ممتناً لفريق ليفربول لمنحي هذه الفرصة.
- هل هذا هو السبب في إنشاء مشاريع مجتمعية مهمة للغاية بالنسبة لك؟
- أجل بالتأكيد، فالآن حقَّقت ما خطَّطت له، حيث أصبحت لاعب كرة قدم محترفاً، وأشعر أنه يتعيَّن عليَّ فعل شيء لإعطاء الأمل للجيل القادم، ولقد أعطيت 500 تذكرة لمباراة نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي للأطفال من مدرستي القديمة بالقرب من ملعب ويمبلي، واعتقد بعض الناس أنها كانت حيلة صحفية، لكنَّها لم تكن كذلك، فأتذكر أنني تلقَّيت تذكرةً وأنا طفل من مشروع «الموهوبين» لمشاهدة نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي في ويمبلي في عام 2006 بين مانشستر يونايتد وتشيلسي، وكانت هذه بالنسبة لي لحظة معززة للحياة، وكنت أعرف حينها أن هذا ما أردت فعله بالضبط، وهو ما أعطاني حافزاً إضافياً، لذا اعتقدت هذا العام أنني لا بد أن أردَّ شيئاً ما، صحيح أن ما فعلته صغير للغاية، لكنك لا تعرف كم يمكن أن يساعد شخصاً ما في سن مبكرة، كما فعلت بالنسبة لي.
- أخبرنا عن عائلتك وتأثيرها عليك؟
- أمي هي أكبر إلهام في حياتي، فعندما أشعر ببعض الانخفاض في المستوى أفكر دائماً في أمي، وماذا ستفعل، فهي سيدة قاتلت دائماً من أجلنا، ونجحت دائماً في أصعب الأشياء، فهي مقاتلة، وهذا هو المكان الذي أحصل فيه على الزخم من روحها المقاتلة تلك، لقد توفي والدي عندما كنت صغيراً، وهناك أوقات -ربما في اللحظات التي تسبق المباريات- أفكر فيه، فأنا أحبه وأتذكره دائماً، كما اعتاد هو أن يحب كرة القدم، وتقول أمي إنه كان لاعب كرة قدم جيداً، وفي بعض الأحيان قبل المباريات المهمة ونهائيات الكؤوس، أقول «أتمنى أن تكون هنا يا صديقي، وآمل أن أتمكن من تسجيل هدف واحد لك اليوم»، فإنني أعتزّ بكل قصة تحكيها أمي عن أبي الراحل، وأقول هذه القصص لأولادي وفتاتي الصغيرة.
- ما هي الخطوة التالية لك خارج كرة القدم؟
- أفكر في عمل فيلم وثائقي عن حياتي المبكرة في لندن، فقط لإعطاء الأطفال نظرة ثاقبة حول ما مررتُ به أنا وأصدقائي، وكيف نساعد بعضنا البعض، كانت هناك أوقات صعبة عندما انتهى بي الأمر على الجانب الخطأ، لكنني كنت أعرف كيف كان شكل أمي في تلك الأوقات، وأعلم أنه كان عليَّ أن أواصل السير على الطريق الصحيح، أريد أن أوضح للأطفال أنهم يجب عليهم أن يساعدوا بعضهم بعضاً، وأن يتأكَّدوا من صراحتهم مع بعضهم ومع أهلهم.
- لماذا اتَّخذت موقفاً قوياً ضدَّ العنصرية؟
- الشيء الأكثر أهمية في هذا الموضوع أن نجعل الناس يفهمون أنه لا يمكن أن يحدث أمر كبير أو حادثة دون عقاب رادع، هذا يجعل الأمر يتكرر بعد ثلاثة أشهر، ثم مرة أخرى بعد سنوات، علينا أن نتأكد من ذهاب العنصرية بلا رجعة، لأنه ليس من العدل أو الصحيح أن يتم الحكم على أي شخص بسبب عرقه أو لونه أو جنسه أو أي شيء آخر، أحاول فقط استخدام صوتي والتعبير عن مشاعري وتبادل الخبرات مع لاعبين آخرين عانوا من تجربتي، أو ربما أسوأ من ذلك.
- أخيراً ما انطباعك عن رياض محرز، الذي لم يظهر بشكل كبير مع الفريق في الموسم الماضي؟
- رياض لاعب مهم جداً، وهو يمتلك مهارات رائعة، وانضمَّ إلينا بعدما ربح لقب البريمييرليغ مع ليستر سيتي، وهو بالتالي لا يحتاج لشهادة من أحد على أهميته، لكن موضوع المشاركة مع الفريق هو قرار المدرب ورؤيته، ولا تنسَ أن لدينا أكثر من 20 لاعباً في مست