رئيس وزراء بريطانيا يضع شروطه للموافقة على لقاء قادة الاتحاد الأوروبي
كشفت صحيفة “الجارديان” البريطانية عن رفض رئيس الوزراء البريطاني الجديد، بوريس جونسون، الجلوس لإجراء مباحثات مع قادة الاتحاد الأوروبي إلى أن يوافقوا على إلغاء شبكة الأمان الأيرلندية، وذلك على الرغم من تلقِّيه دعواتٍ لعقد لقاءات مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
جونسون يرفض لقاء قادة الاتحاد الأوروبي
وقالت الصحيفة البريطانية، نقلاً عن المتحدثة الرسمية باسم رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون، إنَّ رئيس الوزراء أوضح أنَّه يريد إبرام اتفاق، لكن ليست هناك فائدة من عقد مباحثات مباشرة ما لم يوافق الاتحاد الأوروبي على إعادة إطلاق التفاوض على اتفاق الانسحاب.
لكنَّ جونسون، في أثناء زيارته لقاعدة ترايدنت النووية بمدينة فاسلين في أسكتلندا، الإثنين 29 يوليو/تموز، رسم صورة أكثر تفاؤلاً بشأن مستقبل المباحثات، فأصرَّ في حديثه للصحفيين على وجود «مجالٍ واسع» للتوصل إلى اتفاقٍ جديد.
وقال: «لا نهدف مطلقاً إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) دون اتفاق. ما نريده هو التوصل إلى اتفاق، وقد أجريتُ بعض المباحثات المثيرة للاهتمام مع الشركاء الأوروبيين. فتحدثتُ مع جان كلود يونكر (رئيس المفوضية الأوروبية) وأنجيلا ميركل، وسنتواصل اليوم مع ليو فارادكار (رئيس وزراء أيرلندا). ويساورنا الشعور بأنَّه صحيح لا تغيير في موقفهم، لكنَّ الأمر إيجابي للغاية».
لكنَّه أضاف: «جميعهم يعرفون موقفنا: لا يمكننا القبول بشبكة الأمان، لقد رُفِضَت ثلاث مرات، واتفاق الانسحاب بوضعه الحالي ميت، والجميع يفهم ذلك. لكنَّ هناك مجالاً واسعاً للتوصل إلى اتفاقٍ جديد وأفضل».
ويصر على موقفه من مفاوضات شبكة الأمان الأيرلندية
وفي حين تحدث جونسون مع ميركل وماكرون، فإنَّه لا يعتزم قبول دعوتيهما لزيارتهما، دون حدوث تغيير في موقفهما بشأن شبكة الأمان. وفي الوقت نفسه، من المفهوم أنَّ المسؤولين الأيرلنديين ينظرون إلى التأخير في التواصل مع فارداكار باعتباره مؤشراً على عدم الاستعداد للدخول في مباحثاتٍ جدية. ويُصِرُّ فارداكار على أنَّ شبكة الأمان لا بد من أن تبقى قائمة، من أجل منع عودة الحدود الصلبة إلى الجزيرة الأيرلندية، والحفاظ على سلامة السوق الموحدة.
وقالت المتحدثة باسم رئيس الوزراء البريطاني: «أوضح رئيس الوزراء أنَّه يريد لقاء قادة الاتحاد الأوروبي والتفاوض، لكن ليس أن يجلس ويُقال له إنَّ الاتحاد الأوروبي ربما لا يمكنه إعادة فتح التفاوض على اتفاق الانسحاب. وهذه هي الرسالة التي يبعث بها إلى القادة حين يتحدث إليهم هاتفياً حتى الآن».
وأضافت: «قال الاتحاد الأوروبي حتى الآن إنَّه ليس مستعداً لإعادة التفاوض على (شبكة الأمان)… وسيكون رئيس الوزراء سعيداً للجلوس مع القادة حين يتغير موقفهم. لكنَّه يُوضِّح لجميع من يتحدَّث إليهم أنَّه لا بد من حدوث ذلك».
ويتحدث جونسون عن رغبته في إدخال تعديلات على مفاوضات بريكست
وعند سؤاله عن خططه لإطلاق المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي خلال الصيف، بعدما بدا أنَّ وزير الخارجية البريطاني الجديد دومينيك راب أشار الإثنين، إلى أنَّه لن يعيد فتح المباحثات إلى أن يوافق الاتحاد الأوروبي على إلغاء شبكة الأمان، قال جونسون: «إنَّني مؤمن بالتواصل. كنتُ أتحدث بالفعل مع زملائي حول الطاولة في بروكسل، وليس لديَّ أي مانع على الإطلاق في ذلك. سنتواصل ونطلب بوضوحٍ إدخال تغييراتٍ عميقة للغاية على الأساس الحالي الرامي إلى مغادرة الاتحاد الأوروبي».
وقال إنَّه في حين أنَّ الموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي لا يزال هو عدم وجود إمكانية لإجراء مزيدٍ من المباحثات بشأن اتفاق الانسحاب، «فإنَّني أعتقد أنَّهم يعون أنَّ المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي كيانان سياسيان كبيران، ومن الممكن أن نصل إلى اتفاقٍ جديد يصبُّ في مصلحة كلا الجانبين».
وعلى الرغم من النظرة الإيجابية إلى جونسون في فاسلين، حيث التقى أفراد البحرية العاملين بالغواصة النووية «إتش إم إس فيكتوريوس»، فإنَّ موقفه الأساسي من المباحثات يُوضِّح أنَّ الحكومة البريطانية تمضي قدماً الآن نحو الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، إلا إذا غيَّر قادة الاتحاد الأوروبي رأيهم حيال إعادة فتح المفاوضات بشأن اتفاق الانسحاب.
ويحاول جونسون أن يلقي بالكُرة في ملعب الاتحاد الأوروبي لينظر ما سيفعلون
وتتناقض إمكانية خوض جونسون جولة دبلوماسية سريعة بالعواصم الأوروبية لتقديم اقتراحٍ بديل عن شبكة الأمان مع التوقعات بين أنصاره، وبدلاً من ذلك سيترك الكرة في ملعب قادة الاتحاد الأوروبي، كي يتخذوا خطوة.
أضافت المتحدثة باسم رئيس الوزراء: «أعتقد أنَّه كان واضحاً في أنَّه لا بد من إلغاء شبكة الأمان، ولا يزال واثقاً بأنَّ الاتحاد الأوروبي سيتوقف عن ادعاء أنَّ اتفاق الانسحاب لا يمكن تغييره. لكن إلى حين حدوث ذلك، لا بد لنا من افتراض أنَّه سيحدث بريكست دون اتفاق يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل».
ورفض راب في وقتٍ سابق، القول ما إذا كان جونسون يعتزم مقابلة قادة الاتحاد الأوروبي قريباً، قائلاً إنَّه ستكون هناك لقاءات «في الوقت المناسب».
وفي حين يرفض جونسون التفاوض بشروط الاتحاد الأوروبي الحالية، فإنَّه يُكثِّف التخطيط لخروج بريطانيا من الاتحاد دون اتفاق، عبر سلسلة من اللجان الحكومية الجديدة، من أجل التجهيز للمغادرة في 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وتعتزم الحكومة كذلك إطلاق حملة إعلانية تُكلِّف أكثر من 100 مليون جنيه إسترليني (122 مليون دولار تقريباً)، لتحذير العامة والشركات بأنَّ عليهم الاستعداد. ولم تتمكَّن المتحدثة باسم جونسون من تحديد ماهية الرسائل التي ستُوجَّه بالضبط في الحملة، أو ما إذا كان العامة سيُنصَحون بتخزين السلع قبيل هذا التاريخ.
لن تتضمَّن الحملة توزيع منشورات على كل أسرة، لكن يُرجَّح أن تضم إعلانات إذاعية ولوحات إعلانية.
ويسعى جونسون لتخفيف مخاوف أسكتلندا من بريكست
وفي أثناء زيارته لأسكتلندا، كال جونسون أيضاً المديح لروث ديفيدسون، زعيمة حزب المحافظين الأسكتلندي، التي أصدرت اعتراضاً ينطوي على تحدٍّ لرئيس الوزراء، مُتعهِّدةً بأنَّها سترفض دعم أي عملية للخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.
فادَّعى جونسون أنَّه «مع روث في رغبتها في تجنُّب بريكست دون اتفاق»، وقال: «إنَّ روث زعيمة رائعة لحزب المحافظين الأسكتلندي. ولا يسعني إلا التعبير عن الإعجاب بما حققته. إنَّني معجبٌ كبير بالطريقة التي أقامت بها الحُجَّة على أولئك الذين كانوا سيُدمِّرون اتحادنا».
ولم تخفِ روث سراً تحفظاتها على رئيس الوزراء الجديد، وأثار جونسون غضبها الأسبوع الماضي؛ حين عزل حليفها ديفيد مونديل من منصبه وزيراً للدولة لشؤون أسكتلندا عكس نصيحتها.
وقالت الوزيرة الأولى في أسكتلندا، نيكولا ستورجيون، إنَّها تنوي أن تُبيِّن له «الضرر الكبير» الذي سيُخلِّفه أي خروج من الاتحاد الأوروبي على اقتصاد أسكتلندا، خصوصاً لو كان دون اتفاق.
وقالت في حديثٍ قبل أول لقاءٍ مباشر لها مع جونسون منذ أن أصبح رئيساً للوزراء: «شكَّل بوريس جونسون حكومةً متشددة من حزب المحافظين، لها هدف واحد: إخراج أسكتلندا والمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق».