رئيس وزراء العراق يصل الصين لتعميق العلاقة مع الشرق وآسيا
وصل رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، أمس الخميس، إلى مدينة خيفي الصينية، على رأس وفد وزاري وحكومي «رفيع»، تمهيداً للمشاركة بأعمال المؤتمر العالمي للتصنيع، وإلقاء كلمة في المؤتمر الذي يحضره العديد من المسؤولين من مختلف دول العالم ورؤساء كبريات الشركات الصينية.
ومن المقرر أن تنطلق أعمال المؤتمر اليوم الجمعة، بإلقاء كلمة لرئيس جمهورية الصين الشعبية.
وخلال طريق الوفد إلى الصين، قرر عبد المهدي إجراء زيارة قصيرة إلى الهند أولاً، قبل المضي بطريقه إلى الصين، في خطوة لم يتم الإفصاح عنها في البيانات الحكومية المتعلقة بجدول أعمال زيارة عبد المهدي إلى الصين.
رسالة إلى الشعب
وكتب رئيس الحكومة العراقية، وفقاً لبيان لمكتبه، رسالة وجهها إلى الشعب العراقي، وهو في طريقه إلى الصين قائلاً: «أكتب هذه الكلمات ونحن في طريقنا إلى جمهورية الصين الشعبية، في زيارة نريد لها أن تكون قفزة نوعية في العلاقات بين البلدين»، مبينا «إننا اصطحبنا وفداً من كبار المسؤولين التنفيذيين يضم عدداً مهماً من الوزراء وكبار المسؤولين، ومن بينهم المحافظون من عموم محافظات العراق، ليس لأهمية الصين للعراق ومكانتها العالمية فحسب، بل لأن العراق يعمل ايضاً منذ فترة على تطوير علاقات استراتيجية اطارية مع جمهورية الصين الشعبية، المعروفة بقدراتها الاقتصادية والتقنية ومساهماتها الطويلة في إعمار وبناء بلدها المترامي الأطراف، والأول عالمياً من حيث عدد السكان، إضافة لمساهماتها الاقتصادية والتقنية العالمية والتي جعلتها اليوم الاقتصاد الثاني في العالم والذي قد يتصدر القائمة خلال العقود القليلة المقبلة».
وأضاف أن «الصين تمكنت من التغلب بصورة مذهلة على عوامل الفقر والتخلف والتفكك الذي كانت تعاني منه قبل عقود قليلة، وقدمت للعالم أمثلة عن إمكانية الانتقال بسرعة وثبات ورصانة من إقتصاد وبلد عالم ثالثي متخلف إلى اقتصاد وبلد يقف اليوم في مقدمة البلدان، ليس من حيث الثروة فقط، بل بشرياً وثقافياً وصحياً ورياضياً وفنياً واجتماعياً وعلمياً وأمنياً أيضاً»، مشيرا إلى «أننا نسعى في زيارتنا اليوم لتكوين علاقات إطارية للشراكة الاستراتيجية من أجل أن ينهض العراق ويعيد بناء بنيته التحتية واقتصاده ومجتمعه ويحقق تقدماً ملموساً في التخلص من عوامل البطالة والفقر والأمية والتخلف».
وأكد أن «العراق الذي تطورت علاقاته بالغرب خلال القرنين الأخيرين ولازال يرغب في الحفاظ عليها وتطويرها، يسعى اليوم لتعميق علاقاته بالشرق وبالبلدان الأسيوية بحكم العلاقات التاريخية الممتدة لآلاف السنين والتجارب المتشابهة التي تسمح له بالاستفادة من خبراتها وتجاربها الغنية في هذا المجال»، موضحا أن «العراق كان من اوائل الدول التي انضمت إلى مبادرة (الحزام والطريق) حيث نسعى لربط الشرق الأدنى بالشرق الاقصى، بما عُرف تاريخياً بطريق الحرير، والذي كان أيضاً طريق التوابل».
وتابع: «لأن طريقنا يمر عبر الهند، لذلك توقفنا لوقت قصير في نيودلهي وبحثنا مع مسؤولين في الحكومة الهندية تفعيل اللجنة المشتركة بين العراق والهند والتي لم تجتمع منذ عام 2013، واتفقنا على أهمية تبادل الزيارات بين كبار المسؤولين في البلدين»، لافتا إلى أن «النفط العراقي يحتل المكانة الأولى في استيرادات النفط بالنسبة للهند، وللعراق علاقات تجارية وسياسية وثقافية بالهند تمتد للعصور القديمة».
واشار إلى أن «الوقت لا يسمح بالانتظار طويلاً وتضييع الفرص، فنحن بحاجة إلى قرارات مدروسة وسريعة ومباشرة تتخذ على أعلى المستويات مع مسؤولي الدول الأخرى التي نطمح في إقامة علاقات منفعة متبادلة وشراكة مستدامة معها تساعدنا في تحقيق برامجنا الطموحة، خصوصاً في مجالات الزراعة والصناعة والتسلح والتعليم والصحة والطاقة والاتصالات والمواصلات والمياه وكل ما له علاقة بإنشاء وإعادة إعمار البنى التحتية الأساسية للعراق، والتي تمثل عتلة النمو، وأساس التقدم الكبير الذي يليق بالعراق وشعبه»، موضحا أن «من أجل تحقيق هذه الأهداف حضرنا بهذا الوفد التنفيذي الكبير للتباحث وتطوير العلاقات ورسم الخطط، ولنوقع عدداً كبيراً من الاتفاقات من شأنها إحداث تغيرات كبيرة في اقتصادياتنا وبنانا التحتية ونشاطاتنا المختلفة».
في المقابل، تتوجه أنظار مجلس النواب العراقي إلى النتائج التي سيجنيها العراق من زيارة الوفد العراقي إلى الصين، حيث عدّ ائتلاف «دولة القانون»، بزعامة نوري المالكي، الزيارة بأنها «خطوة موفقة»، لكنه أكد أن البرلمان «سيراقب» نتائجها.
وقال النائب منصور البعيجي، في بيان، أمس الخميس، إن «زيارة عبد المهدي وبرفقة هذا الوفد الكبير زيارة مهمة لعقد المشاريع الخدمية والصحية، إضافة إلى فتح التبادل التجاري مع الصين والتباحث في ملفات أخرى كشراء الأسلحة، لذلك هذه الزيارة ستكون لها مؤثرات ايجابية مهمة خلال المرحلة المقبلة على البلد».
وأضاف «إننا داخل البرلمان سنراقب نتائج زيارة عبد المهدي إلى الصين، ونتمنى أن نطلع على نتائجها، وسندعم هذه الزيارة بما تحمله من ملفات سواء كانت تجارية أو صناعية برلمانياً، من اجل تحقيق نتائج افضل تنعكس على واقع بلدنا الذي عانى ما فيه الكفاية خلال المرحلة السابقة».
وأوضح أن «العراق منفتح على جميع دول العالم، ويتعامل مع أي بلد يحترم سيادته، وسننوع مصادر التجارة والصناعة والتسليح مع عدة بلدان لضمان وصول البلد إلى الغاية التي نأمل أن يرتقي لها بعزيمة رجال العراق المخلصين».
إمكانية النجاح
أما تحالف «سائرون»، بزعامة مقتدى الصدر، فتساءل عن إمكانية «نجاح» عبد المهدي في ما وصفه «امتحان الصين».
وقالت النائبة إنعام الخزعلي، في بيان لها، أمس الخميس، إن «الشعب العراقي يتوجّه بأنظاره إلى جمهورية الصين الشعبية حيث زيارة السيد رئيس مجلس الوزراء،عادل عبدالمهدي، على رأس وفد رفيع المستوى، وحيث تعد زيارة تاريخية تستمر أربعة أيام للتوقيع على اتفاقيات للتعاون في قطاعات مختلفة».
واضافت: «في الوقت الذي يعد ذلك خطوة إيجابية نحو تطوير الاقتصاد العراقي والاستفادة من خبرة الصين في التنمية والاعمار، فإن تجارب، عبدالمهدي، في الاتفاقات الثنائية تفصح عن غير ذلك، ففي معظم الاتفاقيات الثنائية التي عقدها مع دول الجوار والشركاء التجاريين لم يجن العراق عوائد تذكر سوى الوعود، في حين حقق الشركاء التجاريين فضلاً عن دول الجوار إعفاءات كبيرة كانت على حساب تناقص الإيرادات العامة للدولة العراقية ونجم عنها عجوزات ضخمة في الموازنة العامة».
واوضحت: «اليوم تشير الإحصائيات الى تجاوز حجم التبادل التجاري بين الصين والعراق 30 مليار دولار أمريكي خلال العام 2018، كما اعلن السفير الصيني في بغداد تشانغ تاو مؤخراً، وهذا الأمر يعطي المفاوض العراقي (قوة تساومية) مع الجانب الصيني لتحقيق اهداف متعددة».
وتابعت: «نذكر ثلاث منها لأهميتها الملحة، أولا؛ الاتفاق مع الجانب الصيني على بناء وإعمار العراق عبر تدفق الاستثمار الأجنبي الصيني لمختلف القطاعات الخدمية والاستثمارية، وليس التركيز على القطاع النفطي كما هو حاصل الآن، وثانياً؛ معالجة معضلة السكن المتفاقمة عبر اتفاقات لبناء مجمعات ومدن سكنية (واطئة الكلفة) في مختلف المحافظات العراقية للتخلص من العشوائيات وحل مشكلة السكن، وثالثاً؛ إنجاز مشروع القناة الجافة، لربط موانئ الخليج العربي بقلب أوروبا، عبر ميناء الفاو الكبير وانشاء خط سككي يمر بمختلف المدن العراقية، وهذا المشروع بمثابة مورد نفطي ثاني من حيث الإيرادات وفرص العمل، اذا ما تم استغلاله بشكل أمثل من قبل العراق وباتفاقيات محكمة مع الجانب الصيني، الذي عرض مراراً وتكراراً القيام بهذا المشروع دون تكلفة العراق دينار واحد».