رئيس أركان سلاح الجو الإسرائيلي: حربنا المقبلة ستكون فتاكة
التقيت العميد تومر بار، رئيس أركان سلاح الجو، في مكتبه في الكريا في تل أبيب قبل يومين من بدء الجولة في قطاع غزة. وتحدثنا عن الوضع في الجنوب دون أن نعرف أن الجبهة ستقصف في غضون وقت قصير.
بعد إطلاق حماس صواريخها على إسرائيل ورد سلاح الجو في القطاع ـ الجولة الأكثر عنفاً منذ حملة الجرف الصامد. رغم النقد الجماهيري، فإن العميد بار، رقم اثنين في سلاح الجو، مقتنع بأن الجيش الإسرائيلي أوفى بالمهمة، وفقا لصحيفة “معاريف” العبرية.
«كنا قريبين من تصعيد شامل، والمعادلة كانت دقيقة جداً»، يقول محللاً، ويضيف: «بسهولة كان يمكننا أن نكون اليوم مع صواريخ نحو غوش دان أيضاً. جئنا من مكان كنا فيه متعلقين في أيدي حماس. فقد حاولت تحقيق أهدافها وكان يمكنها أن تجرنا إلى التصعيد. في الجولات الأخيرة كانت أساساً هجمات على أهداف وقيادات غير مأهولة. أما الآن فيفهمون بأن نقطة البداية مختلفة. المعادلة تغيرت. لقد باتت حماس تفهم بأنه يوجد هنا شيء ما آخر لاستخدام القوة لدينا. تلقينا يداً حرة للعمل وأخذ مزيد من المخاطر ـ كل ذلك من أجل كسر الوضع الذي لا يطاق في الجنوب».
■ فهل سيصمد الهدوء؟
□ «الاختبار من الآن فصاعداً. هل يمكن إعادة سير الحياة لسكان الغلاف؟ هل سيبقى ردعنا ولا نكون أسرى في أيدي حماس. قد نواصل الحفاظ على هذا الرد، عند الحاجة. نقطة الانطلاق هي أننا كنا أسرى لنزوات حماس. الوضع استنفد نفسه وبالتالي شددنا الرد».
ومع ذلك، فإن بار على وعي بالنقد ـ ولا سيما من سكان الجنوب ـ لسياسة الحكومة في السنة الماضية تجاه نشاطات حماس في القطاع. ويعترف: «من ناحية عسكرية كان يمكن الوصول إلى أكثر، ولكن غزة مسألة معقدة. بعد العملية الجوية في حملة الرصاص المصبوب، ادعى مقاتلو البر أنه يمكن أخذ لواء مشاة، وفي غضون ثلاث ساعات يكونوا في قلب غزة. «أوكي» وما العمل بعد ذلك؟ اليوم نحاول أن نأخذ بسلاح الجو إلى الحد الأقصى من استنفاد قدرته حيال الغاية التي حددت لنا. فمهاجمة مبان مخلاة دون إصابة نشطاء الإرهاب، وعدم المس بسلسلة قيادة حماس في عملية موضعية».
ثمة من لا يفهم لماذا يجب تبليغ حماس قبل قصف المباني كي يخلوها. يرون في ذلك وهناً.
«أبعث بمقاتلين للعمل وهم في نظرة قيمية وأخلاقية. هذه هي البنية الأقوى لدولتنا. أنت تنفذ المهمة بالشكل الأفضل الذي يمكنك أن تفعله، ثم تفعل كل شيء كي لا تمس بمن لا حاجة لك لأن تمس به. من ناحيتي هذه قوة. لا يمكن اهمال الخطاب القيمي. مشغلو الطائرات غير المأهولة مثلاً يشاهدون القتال عبر عيونهم. يرون الطفل يخرج الآن من البيت بعد أن تكون أجريت «النقر على السطح» وهم يفهمون أهمية الموضوع.
أجريت المقابلة كما قيل قبل اشتعال الجنوب. لإسرائيل تحديات أخرى، مثل إيران وحزب الله. وهنا مواجهة مختلفة تماماً: دولة تتطلع للحصول على سلاح نووي، ومنظمة إرهاب تتعاظم عسكرياً كل الوقت. يقول العميد بار إنه يمكن الوصول إلى حسم واضح حيال حزب الله. هذا الاستنتاج يستخلصه من حرب لبنان الثانية، حين شارك كقائد سرب. ويقول بار إن سلاح الجو لا يمكنه أن يعمل وحده، ومطلوب مشاركة كل قوات الجيش الإسرائيلي لخلق مضاعفات قوة. وهكذا سيكون من الصعب وقف الجيش الإسرائيلي في الحرب التالية.
«كانت هذه هي المرة الأولى التي شهدنا فيها عملية عسكرية لمنظمة إرهابية»، يشرح بار. «كقائد سرب، كانت تنقصني معلومات استخبارية أعمق لمعرفة العدو: أين يمكن المس به بشدة. في حرب لبنان الثانية كنا جيدين من ناحية تكتيكية، أما اليوم فنفهم على نحو أفضل بكثير ما ينبغي عمله مع منظمة إرهابية بمثل هذا الحجم. كيف يمكن المس بهم رغم أنهم يختبئون في مناطق مأهولة».
ويوفر العميد بار نموذجاً مفاجئاً ومشوقاً لما يقصد. فقد كان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله على بؤرة استهداف سربه في حرب لبنان الثانية. وكان طياروه قريبين من تنفيذ المهمة التي كلفوا بها. ودار الحديث عن مهمة تصفية، وليس هدفاً عابراً. كانوا يبحثون عن الرجل.
«طاردنا نصر الله في بيروت، مع أسلحة خاصة، مع أمور ظهرت في حينه لأول مرة. ولكن هذا لم يكن حتى النهاية من ناحية اندماج المعلومات الاستخبارية وإطلاق النار حيثما نحتاج. كنا قريبين. أنا شخصياً طرت مع السرب وكنت مشاركاً في هذا. تبقى دوماً مع الإحساس بأنه لو نجح هذا لتغير الواقع».
■ هو يفهم أنكم كنتم قريبين؟
□ «نعم، بالتأكيد نعم».
إن الانتصار في الجبهة الشمالية سيأتي برأي بار فقط في تداخل حقيقي من بين كل القوات: المناورة البرية حيوية منذ المراحل الأولى من الحرب. هذا الموقف يختلف تماماً عن الخطط التي عرضها سلاح الجو في حرب لبنان الثانية. ثم يشرح أن «ضربة النار الأولى التي سنوجهها في الحرب التالية ستكون شديدة، بمشاركة الاستخبارات. إذا كان سلاح الجو ادعى يجب تحقيق التفوق الجوي، فاليوم نحن نفهم بأن كل شيء يجب أن يتم معاً».
كم ستكون هذه الضربة قوية؟ فحزب الله أيضاً يتحسن من يوم إلى يوم.
«قوى أخرى تماماً مختلفة عما شهده العدو في لبنان الثانية. للجيش قدرات فتاكة. نؤمن بأننا سننجح في تعطيل قدرة المنظمة على المس بنا المتمثلة بالصواريخ. سنكون أقوياء في الدفاع، ولكن سنعرف بسرعة كبيرة كيف نصل إلى العدو ونخرجه عن توازنه. ببساطة سنمس به، ببناه التحتية، برجاله، بقيادته، بذخائره الهامة، سيكون هذا على نطاق لم نشهد له مثيلاً من قبل».
■ هل يمكن الوصول إلى نصر واضح مع حزب الله؟
□ «نعم، لا يوجد حل سحري في عملية وحيدة أو في جهد واحد، ولكن بالتدخل السليم يمكن تغيير الصورة. يجب أن نفهم أن هذه ليست حرباً شاملة، هذه ليست زرعاً للعلم على خندق نصر الله وصورة تزين عناوين الصحف في الغداة».
■ كم تتحمل حكومة لبنان المسؤولة عن أعمال حزب الله؟ وهل ستستهدف الحرب التالية البنى التحتية؟
□ «من اللحظة التي يكون فيها حزب الله جزءاً لا يتجزأ من الحكومة اللبنانية، لا يمكن الفصل بين الاثنين. كل ما يخدم الانتصار الواضح لإسرائيل، وكل ما يساهم على المستوى العملي في الخطوات العسكرية، لا بد سيكون على الطاولة. مسؤولية لبنان ستكون أيضاً في حالة الحرب. البنى التحتية للبنان جزء من الخطة وجزء من مدرجات عمل الجيش الإسرائيلي. هذا جزء مكمل يفترض أن يخلق الأثر الأكبر».
■ كيف يمكن الامتناع عن المس الشديد بالسكان المدنيين؟
□ «البنى التحتية لحزب الله في قلب المناطق المدنية المأهولة جداً. سنفعل كل ما يمكن للتمييز الذي هو جد صعب. من المعقد أن نعرف من هو العدو من غيره. أحياناً هم على مسافة غرفة أو في داخل الغرفة نفسها».
في جهاز الأمن يأخذون بالحسبان بأن المواجهة المستقبلية مع حزب الله ستنتقل إلى الجبهة السورية. ويؤمن العميد بار بقدرة الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو على مواجهة هذا التحدي المزدوج. وهو يقول: «سلاح الجو كان دوماً يتصدى لعدة جبهات في التوازي. هذا نوع من شهادة الضمان لدولة إسرائيل».
يواجه طيارو سلاح الجو بطاريات دفاع جوية متطورة منصوبة في سوريا، اس 300، لها معان بجوانب تتعلق بالتفوق الجوي. ويقول العميد: «إذا كانت سوريا في الداخل، فسلاح الجو يعرف كيف يعمل بشكل سريع. نعد أنفسنا لنعطل ما ينبغي تعطيله وتحقيق حرية عمل في كل نقطة زمنية في القتال».